الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَمسك بالأَعرابي وشدَّه من يديه، وبعد أَن تم القبض عليه، قام أُسيد بن الحضير بتفتيشه فوجد الخنجر مخفيًا داخل إِزاره
…
فأُسقطَ في يديه، وصاح خائفًا (بعد أَن اكتشفَ أَمره) دمى: دمى، فأَخذ أُسيد بن الحضير بلبتَّه وكاد يخنقه من الغيظ.
ثم أَجرى التحقيق معه في الحال، وأَثناء التحقيق، قال له النبي صلى الله عليه وسلم (وكان كعادته عفوًّا رحيما): أَصدقني ما أَنت؟ قال: وأَنا آمن؟ ، قال صلى الله عليه وسلم: نعم، فأَخبره بكامل مخطط المؤامرة، فعفى عنه صلى الله عليه وسلم ثم خلى سبيله، فاعتنق الأَعرابي الإِسلام بمحض إرادته.
وقد تحدَّث الأَعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد أَن أَصبح عضوًا في الأُسرة الإِسلامية، عما اعتراه ساعة شروعه في تنفيذ الاغتيال قائلًا: يا رسول الله، ما كنت أَخاف الرجال، فلما رأَيتك ذهب عقلي وضعفت نفسي، ثم اطلعت على ما هممت به فعلمت أَنك على الحق، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يبتسم.
السعي لاغتيال أبي سفيان:
وبعد هذه الحادثة استدعى النبي صلى الله عليه وسلم عمرو بن أُمية الضمري (وكان فدائيًّا ممتازًا ومشهورًا في الجاهلية بأَنه فاتكًا يخافه الناس) استدعاه صلى الله عليه وسلم وكلَّفه بأَن يذهب إِلى مكة لاغتيال أَبي سفيان بن حرب، وندب معه سلمة بن أَسلم (1) (وقيل جبار بن صخر
(1) هو سلمة بن أسلم بن حريش الأوسي الأنصاري، شهد بدرًا واستشهد في العراق تحت قيادة أبي عبيد الثقفي في معركة الجسر الشهيرة.
الأَنصاري (1)) قائلًا: إِن أَصبتما منه (أَي أَبي سفيان) غِرّه فاقتلاه.
فصدع عمرو بالأَمر. وما هي إِلا أَيام قلائل حتى كان وصاحبه بمكة إِلا أَنهما لم يتمكنا من اغتيال أَبي سفيان إِذ اكتشف أَمرهما بمجرد وصولهما مكة.
قال ابن إِسحاق: فخرج عمرو وصاحبه حتى قدما مكة ليلًا. فقال جبار لعمرو: لو أَنا طفنا بالبيت وصلينا ركعتين؟ فقال عمرو: إِن القوم إِذا تعشوا جلسوا بأَفنيتهم (تعبيرًا منه عن خوفه من أَن يكتشفوهم قبل أَن يقتلوا أَبا سفيان). فقال جبار: كلا إن شاءَ الله.
قال عمرو: فطفنا بالبيت، وصلَّينا ثم خرجنا نريد أبا سفيان، فوالله إِنا لنمشي بمكة إذ نظر إِليَّ رجل من أَهل مكة (قال ابن سعد: هو معاوية بن أَبي سفيان) فقال عمرو بن أُمية الضمري: إِنْ قدمها (أَي ما قدمِها) إِلَّا لشرّ، فقلت لصاحبي النَّجاءَ: فخرجنا نشتد حتى صعدنا في جبل وخرجوا في طلبنا حتى إِذا علونا الجبل يئسوا منا، فرجعنا فدخلنا كهفًا في الجبل فبتنا فيه، وقد أَخذنا حجارة فرضمناها دوننا.
فلما أَصبحنا غدا رجل من قريش يقود فرسًا له ويخلي عليها. فقلت: إِن رآنا صاح بنا فأَخذنا فقتلنا. قال: ومعي خنجر قد أَعددته لأَبي سفيان، فأَخرج إِليه فأَضربه على ثديه ضربة. وصاح
(1) هو جبار بن صخر بن أمية بن خنساء الأنصاري، قال موسى بن عقبة في مغازيه إنه شهد بيعة العقبة، وكان (بعد عبد الله بن رواحة) يحرص على أهل خيبر، وقد روى ابن السكن أن جبار بن صخر قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول إننا نهينا عن أن نرى عوراتنا، توفي جبار بن صخر في خلافة عثمان عن 62 عامًا.