الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أو أُمراءها هذه الرسائل. ورغم اختلاف تأْثير هذه الرسائل، فقد كان وصولها وانتشار خبرها بين الشعوب لصالح الدعوة الإسلامية دونما شك.
ثوار العيص، وحكومة المستضعفين في الساحل:
في حديثنا عن قضية الحديبية أشرنا إلى أَن هناك الكثير من الشباب المسلم يعانون أشد أنواع الإذلال والتعذيب والإِرهاب في سجون أَهاليهم بمكة ومنھهم أبو جندل بن سهيل بن عمرو صاحب القصة المشهورة في الحديبية.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم كما أَشرنا في معالجتنا لقضية الحديبية قد تعهد لقريش في المعاهدة بأن يمتنع عن إعطاء حق اللجوء لمن جاءَ إليه من أبناءِ مكة وأن يرده ولا يسمح له بالإقامة في المدينة حتى وإن كان مسلمًا، وهو الشرط الذي أَملاه سهيل بن عمرو فقبله النبي صلى الله عليه وسلم وتضايق المسلمون من قبوله أشد التضايق.
ولم يكن حادث أبي جندل ومأْساته في الحديبية الامتحان الأَول الذي اجتازه المسلمون فوفوا بالعهد حين أَعادوا أَبا جندل المسلم إلى أبيه المشرك تنفيذًا لبنود للمعاهدة كما تقدم.
ثورة المستضعفين ضد قريش:
من آثار صلح الحديبية العائدة على الجانب الإِسلامي بأعظم المكاسب، وعلى الجانب القرشي بأشد الأضرار. هو أَن مندوب قريش في معاهدة الصلح سهيل بن عمرو العامري أملى - أثناء المفاوضة -
شرطًا قاسيًا قبل به النبي صلى الله عليه وسلم وكان مثار معارضة شديدة بين جماهير أصحابه في الحديبية .. وهو أَن يتعهھد النبي صلى الله عليه وسلم بأَن يعيد إلى قريش من أَبنائها إليها كل من جاءَ إلى المسلمين بغير إذن أَهله .. يعيده إلى المشركين حتى ولو كان مسلمًا.
العمل بهذا الشرط الذي أَملته قريش سبّب لها أَعظم النكبات وأَفدح الخسائر إِلى درجة اضطرت قريش معها إلى أَن تلجأَ إلى النبي صلى الله عليه وسلم وتناشده الرحم بأَن يقبل بإِسقاط هذا الشرط من بنود المعاهدة فيقبل كل من جاءَه من أَبناءِ قريش ولا يردّه.
وذلك بعد أَن تسبب قيام النبي صلى الله عليه وسلم بتنفيذ هذا الشرط في التجاء أبناءِ قريش المسلمين المتمردين عليها والفارّين من سجونها إِلى منطقة العيص في الساحل، حيث تجمع منهم ومن أَبناءِ القبائل الأُخرى ثلاثمائة مقاتل، قاموا بالثورة ضد مشركي قريش. وصاروا - بقيادة أَبي بصير - يهاجمون القوافل التجارية العائدة لها. والتي تحمل السلع دائمًا من الشام إلى مكة. ويقومون بقتل الذين يصاحبون هذه القوافل من القرشيين.
الأَمر الذي أَنزل بقريش أَفدح الخسائر في الأَموال والأَرواح
…
ولما كان هؤلاءِ الثوار المسلمون هم - بحكم رابطة العقيدة - موالين للنبي وأَصحابه في المدينة. ولا يستطيع السماح لهم بالإقامة فيه. تنفيذًا لذلك الشرط الذي أَملته قريش وأُدرج ضمن بنود المعاهدة .. فقد لجأت قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم وبعثت إليه تناشده الرحم أن يطلب من ثوار العيص المسلمين إنهاء ثورتهم ضد قريش، ويسمح لهم ولكل
من جاءَه من أَبناءِ قريش باستيطان المدينة .. وذلك لتنجو قوافل قريش التجارية - والتجارة عمود قريش الفقري - من هجمات هؤلاءِ الثوار الشباب.
وقد استجاب النبي صلى الله عليه وسلم لرجاء قومه - بالرغم من كونهم مشركين - وبعث إلى قائد الثوار أَبي بصير ونائبه أَبي جندل بأَن يقدموا وإخوانهم الثوار إلى المدينة ويتركوا مواقعهم في العيص، فاستجاب الثوار لأَوامر النبي صلى الله عليه وسلم وعادوا إِلى المدينة
…
كما سيأْتي تفصيله في كتابنا السابع من هذه السلسلة قريبًا إِن شاءَ الله.