الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التي يزعم أَعداءُ الإسلام أَنه قد غمطها حقها وتجاهل وجودها .. وهل هناك اعتراف بوجود المرأَة واحترام لرأْيها أَكثر من أَن يستصوب نبي مرسل مشورتها ويعمل بتوجيهها لحل مشكلة اصطدم بها وأَغضبه نشؤها، وهو الذي قلَّ أَن يغضب؟ .
أم سلمة تشير على النبي، فتنجح في المشورة:
فقد روى المؤرخون وأَصحاب الحديث والمفسرون، أَن النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل على زوجته أُم سلمة غاضبًا مغتمًا، وعرفت أَن مصدر غضبه وغمه هو إضراب أَصحابه وامتناعهم عن النحر والحلق، وهو الأَمر الذي به يحلّون من إحرامهم في الحديبية، أَشارت عليه بأَن لا يفاتحهم مرة أُخرى بهذا الشأْن وإِنما يسلك طريقًا آخر بأَتباعه يجدون أَنفسهم مضطرين لتنفيذ أَمْره .. وهو أن يبدأَ نفسه (عمليًّا) بنحر هَدْيه، حيث قالت له: يا رسول الله انطلق أَنت إلى هَدْيك فانحره، فإنهم سيقتدون بك.
وقد استحسن النبي صلى الله عليه وسلم فكرة أم سلمة هذه فعمل بمشورتها فشرع (فعلًا) في نحر هَدْيه بيده الكريمة، وقد كان لعمل النبي صلى الله عليه وسلم بمشورة أُم سلمة أَحسن الثمار، حيث -كما توقعت أُم سلمة- لم يكد يشرع في نحر هديه بيده حتى أخذ أصحابه يتسابقون كلٌّ إلى نحر هديه لينحره اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم.
قال الطبري -بسنده إلى المسور بن مخرمة-: فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من قضيتّه (أَي الصلح) قال لأَصحابه: قوموا فانحروا، ثم
احلقوا، قال: فوالله ما قام منهم أحد حتى قال ذلك ثلاث مرّات، فلما لم يقم منهم أَحد، قام فدخل على أُم سلمة، فذكر لها ما لقى من الناس، فقالت أُم سلمة: يا نبي الله، أَتحب ذلك! أُخرج ثم لا تُكلم أَحدًا منهم حتى تنحر بُدنُتك، وتدعو حالقك فيحلقك، فقام فخرج، فلم يُكلم أَحدًا منهم كلمة حتى فعل ذلك، نحر بُدْنه ودعا حلقه فحلقه فلما رأَوا ذلك قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضًا، حتى كاد بعضهم يقتل بعضًا غمًّا. وكان الذي حلقه خِراش بن أُمية بن الفضل الخزاعي.
وقال الواقدي: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أُمّ سلمة زوجته مغضبًا شديد الغضب، وكانت معه في سفره ذلك - فاضطجع فقالت: ما لك يا رسول الله؟ مرارًا لا تجيبني. فقال: عجبًا يا أُمّ سلمة! إِني قلت للناس انحروا واحلقوا وحلوا مرارًا، فلم يجيبني أَحد من الناس إلى ذلك، وهم يسمعون كلامي وينظرون في وجهي! ! .
قالت، فقلت: يا رسول الله انطلق أَنت إلى هَدْيك فانحره فإِنهم سيقتدون بك. قالت: فاضطبع (1) رسول الله صلى الله عليه وسلم بثوبه، ثم خرج وأَخذ الحربة ينهم (2) هَدْيه. قالت أُم سلمة، فكأَني أَنظر إليه حين يهوي بالحربة إلى البُدنَة رافعًا صوته: بسم الله والله أَكبر. قالت: فما هذا إلَّا أَن رأَوه نحر، فتواثبوا إلى الهَدْي، فازدحموا حتى خشيت أَن يغم بعضهم بعضًا.
(1) اضطبع: أخذ ثوبه فجعل وسطه تحت إبطه الأيمن، وألقى طرفيه على كتفه الأيسر من جهتي صدره
…
كذا قال في النهاية غريب الحديث ج 3، ص 12.
(2)
نهم الرجل دابته، إذا زجرها.