الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم أقبلت عليه تنظر في وجهه، ثم قالت: فاظ (1) وإله يهود، فما سمعت من كلمة كانت ألذَّ إلى نفسي، ثم احتملنا صاحبنا فقدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرناه بقتل عدو الله، واختلفنا عنده في قتله، كلنا يدَّعيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هاتوا أسيافكم، قال: فجئناه بها، فنظر إليها فقال لسيف عبد الله بن أنيس: هذا قتله، أرى فيه أثر الطعام.
وفي رواية ابن سعد في الطبقات الكبرى: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى الفدائيين عائدين إلى المدينة قال: أفلحت الوجوه! فقالوا: أفلح وجهك يا رسول الله.
رواية البخاري:
أما رواية الإمام البخاري والتي هي أكثر تفصيلًا وتناسقًا فهي كما يلي:
فقد ذكر في صحيحه في باب قتل أبي رافع (2) أن الفدائيين لما وصلوا إلى خيبر أمرهم قائدهم عبد الله بن عتيك بالبقاء حيث هم كي ينطلق للقيام بالتحري قائلًا:
اجلسوا مكانكم، فإني منطلق لأنظر (أي أتحرَّى) قال ابن عتيك: فتلطفت أن أدخل الحصن، قال: ففقدوا حمارًا لهم فخرجوا بقبس يطلبونه
…
قال فخشيت أن أُعرف، قال: فغطيت رأسي ورجلي كأني أقضي حاجة .. ثم نادى صاحب الباب: من أراد أن يدخل فليدخل قبل
(1) فاظ: أي مات.
(2)
صحيح البخاري ج 5 ص 210 - 212.
أن أغلقه (وفي رواية فهتف به أي بابن عتيك - يا عبد الله (ناداه بذلك كما ينادي الشخص شخصًا لا يعرفه. وهو يظنه من أهل الحصن) إن تريد أن تدخل فادخل. فإني أريد أن أغلق الباب.
قال: فدخلت .. فلما دخل الناس أغلق الباب ثم علَّق الأغاليق (1) على وتد. أما أنا فاختبأت في مربط حمار عند باب الحصن
…
وكان أبو رافع يُسمَر عنده وكان في علاليّ له فتعشوا عند أبي رافع وتحدثوا حتى ذهبت ساعة من الليل، ثم رجعوا إلى بيوتهم، فلما هدأت الأصوات ولا أسمع حركة قمت إلى الأقاليد (2) فأخذتها ففتحت الباب .. قال: قلت: إن نذر (3) بي القوم انطلقت على مهل.
قال: ثم عمدت إلى أبواب بيوتهم فغلقتها عليهم من ظاهرها وجعلت كلما فتحت بابًا أغلقت على من داخل .. قلت: إن القوم نذروا بي لم يخلصوا إلى حتى أقتله (4). فانتهيت إليه فإذا هو في بنيت مظلم وسط عياله لا أدري أين هو من البيت فقلت: يا رافع. قال: من هذا؟ .
قال: فأهويت نحو الصوت فأضربه ضربة بالسيف وأنا دَهِش (5) فما أغنيت شيئًا (أي لم تصنع به الضربة شيئًا). وصاح. فخرجت من البيت غير بعيد (6).
(1) الأغاليق: المفاتيح.
(2)
الأقاليد: المفاتيح أيضًا، وهي لغة عامة مشهورة في حضرموت.
(3)
نذر: بفتح أوله وكسر ثانيه - علم -.
(4)
انظر كيف لم يهتم بمصير حياته بقدر اهتمامه بتنفيذ أمر نبيه صلى الله عليه وسلم.
(5)
دهش: (بفتح أوله وكسر ثانيه) متحير.
(6)
قال ابن برهان الدين في كتاب (السيرة الحلبية) ج 2 ص 286 - وهو ينقل رواية البخاري هذه - إن امرأة أبي رافع قالت له: هذا صوت عبد الله بن عتيك، =
ثم جئت كأني أغيثه. فقلت: (أي بالعبرية): ما لك؟ وغيَّرت صوتي.
فقال: لأُمك الويل. دخل عليَّ رجل فضربني بالسيف. قال: فعمدت له أيضًا فأضربه أخرى فلم تغن شيئًا: فصاح وقام أهله .. ثم جئت وغيَّرت صوتي كهيئة المغيث، فإذا هو مستلق على ظهره فأضع السيف في بطنه. ثم انكفى عليه حتى سمعت صوت العظم (بعد أن أخذ السيف في ظهره) فعرفت أني قتلته.
قال: فجعلت أفتح الأبواب بابًا بابًا ثم خرجت دهشًا حتى أتيت السلم أريد أن أنزل. فأسقط منه فانخلعت رجلي فعصبتها ثم أتيت أصحابي أحجل (1) فقلت: انطلقوا فبشِّروا رسول الله صلى الله عليه وسلم فإني لا أبرح حتى أسمع الناعية.
فلما صاح الديك قام الناعي على السور فقال: أنعى أبا رافع تاجر أهل الحجاز (2). فأدركت أصحابي قبل أن يأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فبشرته وحدَّثته، فقال لي: ابسط رجلك. فبسطت رجلي فمسحها فكأنها لم أشتكها قط (3). وقد علق الإمام ابن كثير في البداية والنهاية على
= فقال لها زوجها: ثكلتك أمك وأين عبد الله بن عتيك؟ وهذا يوافق (من حيث الأصل) ما جاء في سيرة ابن هشام وباقي الأمهات، من أن زوجة أبي رافع قد عرفت صوت قائد الفدائيين لأنها نشأت مع زوجها في المدينة، فليس مستغربًا أن تعرف صوت ابن عتيك بالرغم من أنه كان يتحدث (ساعة مخاطبة أبي رافع) باللغة العبرانية (لغة اليهود الدينية).
(1)
حجل: مشى على رجل واحدة.
(2)
منذ القدم تعد خيبر ضمن أقاليم الحجاز.
(3)
نقلنا هذا السياق من صحيح البخاري (اختيارًا) من روايتين متشابهتين: الأولى رواها البخاري عن يوسف بن موسى، والثانية عن أحمد بن عثمان .. صحيح البخاري ج 5 ص 210 - 212 طبعة إدارة الطباعة المنيرية بمصر.