الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المهاجرين والأنصار، منهم المقداد بن الأسود (1) وأبو عياش الزرقي (2) والحباب بن المنذر (3) وعامر بن ربيعة ومحمد بن مسلمة الأنصاري وسعد بن زيد وعباد بن بشر، وكان أمير الفصيلة عباد بن بشر الأنصاري.
طريق الرسول إلى مكة:
ووصف الواقدي تحركات الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه الرحلة التاريخية، وأشياء حدثت له وهو في طريقه، وأحاديث قالها لأصحابه ولغيرهم كانت بمثابة أصول تشريعية وآداب إسلامية، كما حدّد الطرق الرئيسية التي سلكها الرسول صلى الله عليه وسلم إلى مكة فقال:(وخرج معه المسلمون ست عشرة مائة، ويقال ألف وأربعمائة، ويقال ألف وخمسمائة وخمسة وعشرون رجلًا)(4).
وخرج معه من أسلم (5) وحدها مائة رجل، وخرج معه أربع نسوة، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمر بالأعراب فيما بين مكة والمدينة، وكان يُقدّم الخيل ثم يقدم ناجية بن جندب (6) مع الهدي، وكان معه فتيان
(1) انظر ترجمة المقداد في كتابنا (غزوة بدر الكبرى ط 4).
(2)
انظر ترجمة أبي عياش في هذا الكتاب.
(3)
انظر ترجمة الحباب بن المنذر في كتابنا (غزوة بدر الكبرى ط 4).
(4)
أصح الأقوال أنهم ألف وأربعمائة.
(5)
أسلم: اسم لعدة قبائل قحطانية، ويظهر أن هذه القبيلة هم بنو أسلم بن أقصى، بطن من خزاعة، تقع منازلهم على الطريق ما بين المدينة ومكة.
(6)
هو ناجية بن جندب بن عمير بن يعمر الأسلمي وكان اسمه ذكوان فسماه النبي صلى الله عليه وسلم ناجية حين نجا من قريش، كان ناجية هو الذي سار بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في طريق لا تمر بقريش حين قرر عدم مصادمتها بعد أن علم أن =
من أسلم، وخرج رسول صلى الله عليه وسلم حين أصبح يوم الثلاثاء بملل (1)، فراح من ملل وتعشَّى بالسيَّالة (2) ثم أصبح بالروحاءِ (3) فلقى بها أصرمًا من بني نهد معهم نعم وشاءُ، فدعاهم إلى الإسلام، فلم يستجيبوا له وانقطعوا من الإسلام، فأَرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بلبن مع رجل منهم فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقبل منهم وقال: لا أقبل هدية مشرك، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُبتاع منهم فابتاعوه من الأعراب فسرّ القوم وجاوا بثلاثة أُضب (جمع ضب) أحياء يعرضونها، فاشتراها قوم أَحِلة من العسكر، فأَكلوا وعرضوا على المحرمين فأبوا حتى سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: كلوا فكلُّ صيد ليس لكم حلالًا في الإحرام تأكلونه إلا ما صدتم أو صيد لكم، قالوا: يا رسول الله فوالله ما صدنا ولا صادته إلا هؤلاء الأعراب أهدوا لنا وما يدرون أن يلقونا، إنما هم قوم سيَّارة يصبحون اليوم بأرض وهم الغد بأرض أُخرى يتبعون الغيث وهم يريدون سحابة وقعت من الخريف بفرش ملل. فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل منهم فسأله: أين تريدون؟ فقال: يا محمد، ذكرت لنا سحابة وقعت بفرش ملل منذ شهر، فأرسلنا رجل منا يرتاد
= خالد بن الوليد معسكرًا على الطريق الرئيسي لمقاتلته، فخرج به جندب حتى جاء الحديبية توفي ناجية بالمدينة في خلافة معاوية.
(1)
قال ياقوت: ملل (بفتح أوله وثانية) منزل على طريق المدينة إلى مكة على ثمانية وعشرين ميلا من المدينة.
(2)
السيالة (بفتح أوله وتخفيف ثانيه) أول مرحلة لأهل المدينة إذا أرادوا مكة، قال ابن الكلبي: مر بها تبع اليمن بعد رجوعه من قتال أهل المدينة وواديها يسيل فسماها السيالة.
(3)
الروحاء سهل فسيح واسع، يقع على بعد أربعين ميلا من المدينة ويقال أنها سميت بهذا الاسم لأن تبع اليمن استراح بها وهو عائد من قتال أهل المدينة يريد مكة.
البلاد، فرجع إلينا فخبَّرنا أن الشاة قد شبعت، وأنَّ البعير يمشي ثقيلًا مما جمع من الحوض، وأن الغُدُر كثيرة مرويَّة فأردنا أن نلحق به.
وقال أبو قتادة: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمرة الحديبية ومنا المحِلُّ ومنا المحرم، حتى إذا كنا بالأبواء وأنا مُحلّ فرأيت حمارًا وحشيًّا فأسرجت فرسي فركبت، فقلت لبعضهم: ناولني سوطي، فأبى أن يناولني فقلت: ناولني رمحي، فأبى، فنزلت فأخذت سوطي ورمحي ثم ركبت فرسي فحملت على الحمار فقتلته فجئت به أصحابي المحرمين والمحلين، فشك المحرمون في أكله حتى أدركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كان تقدّمنا بقليل فأدركناه فسألناه عنه فقال: أمعكم منه شيء؟ قال: فأعطيته الذراع فأكلها حتى أتى على آخرها وهو محرم فقيل لأبي قتادة: وما خلفكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: طبخنا الحمار فلما نضج لحقناه وأدركناه. وقد أخرج البخاري في صحيحه حديث أبي قتادة بلفظ آخر والمعنى واحد.
ك يف تلقت قريش النبأ؟
لقد شاع بين العرب نبأ خروج النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه معتمرين ولم يكن في هذا الخروج ما يدعو إلى الدهشة أو الاستغراب بين العرب الوثنيين عمومًا.
لأنَّ زيارة البيت (وخاصة في الأشهر الحرم) حقٌّ لكل إنسان مهما كان دينه أو لونه أو جنسه
…
ذلك قانون غير مكتوب مجمع على العمل به بين جميع قبائل العرب.
غير أن قريشًا تجاهلت هذا القانون الذي كان يجب أن تكون أوَّل من يلتزم به ويحرص على تنفيذه، لأنها حتى ذلك العام كانت السادن للكعبة والمسؤول بين العرب عن جميع المشاعر التي يعظِّمها العرب في نسكهم، ومطلوب منها إعطاءَ كل التسهيلات لمن جاء راغبًا في زيارة البيت حتى ولو كان في حالة نزاع مسلَّح معها، ما دام أنه لم يأت محاربًا، لأن لمنطقة الحرم قدسية عند العرب تجعل من المحرَّم تحريمًا قاطعًا سفك أي دم وإنشاب أَيِّ حرب داخل حدوده، ذلك هو القانون والعرف السائد بين عرب الجزيرة منذ آلاف السنين.
ولكن قريشًا قد تملكها الغرور - بعد أن استبدَّ بها الغضب ونزا بها الحمق - فرمت بهذا العرف عرض الحائط حينها قررت (في إصرار) من النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من دخول مكة بالرغم من تبلغها أنهم لم يأتوا للحرب وإنما جاؤوا محرمين لزيارة البيت فحسب.
لقد اعتبرت قريش خروج النبي صلى الله عليه وسلم نحو مكة (وفي هذا العدد الكبير من أصحابه) بادرة خطيرة، أحسَّ سادات مكة أن فيها مساسًا بكرامتهم وخدشًا لكبريائهم الوثني، وأنه - بالنسبة للعرب أَجمعين - بمثابة الدليل العمل على ضعف قريش السياسي وانخفاض هيبتها العسكرية، وتضعضع دورها القيادي بين العرب.
كما اعتبرت قريش هذا التصرف من النبي صلى الله عليه وسلم ردًّا (في صورة التحدي) على ما قامت به من أعمال إرهابية ضده وضد القلة من أصحابه عندما كانوا في مكة، مما اضطرهم إلى مغادرتها هربًا مرغمين.
ولم يستطع النبي صلى الله عليه وسلم (منذ خرج مكة خائفًا يترقب بعد أن أهدرت قريش دمه وقررت الفتك به) ولا أحد من أصحابه الاقتراب من مكة فضلًا عن دخولها.