الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
802 - " بَابُ قَوْلِ اللهِ تعَالَى (وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا)
"
926 -
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:
أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: " خُففَ على دَاوُدَ الْقُرآنَ فَكَانَ يَأمُرُ بِدَوَابِهِ فَتُسْرَجُ فَيَقْرَأ الْقُرآنَ قَبْلَ أن تُسْرَجَ دَوَابُّهُ، ولا يَاكلُ إِلَّا مِنْ عَمَلِ يَده ".
803 - " بَابُ قَوْلِ اللهِ تعَالَى:
(وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ)
"
927 -
عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:
ــ
802 -
" باب قول الله تعالى: (وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا)
926 -
معنى الحديث: قال صلى الله عليه وسلم: "خفف على داود القرآن " وقرآن كل نبي الكتاب الذي أنزل عليه. معناه: أن داود عليه السلام يُسِّر له قراءة الكتاب السماوي الذي أنزل عليه من ربه، وهو الزبور، فكان يأمر بوضع السرج على دابته ودواب أتباعه، فلا ينتهي خدمه وعماله من وضع السرج على ظهورها إلاّ وقد قرأ الزبور من أوّله إلى آخره، وأنّ الله علّمه صناعة الحديد، فكان لا يأكل إلاّ من كسب يده.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: تخفيف الزبور على داود. ثانياًً: فضل الصناعة واستحبابها، وكونها من أعمال الأنبياء. الحديث: أخرجه البخاري. والمطابقة: في قوله: " خفف على داود القرآن ".
803 -
" باب قول الله تعالى:
(وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) "
927 -
معنى الحديث: كانت امرأتان من بني إسرائيل قد خرجتا إلى
أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " كَانَتْ امْرَأتَانِ مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا، جَاءَ الذِّئْبُ فَذَهَبَ بِابْنِ إِحْدَاهُمَا، فَقَالَتْ صَاحِبَتُهَا: إنما ذَهَبَ بابْنِكِ، وقَالَتِ الأخْرَى: إنما ذَهَبَ باْبِنكِ، فَتَحَاكَمَا إلى دَاودَ فَقَضَى بِهِ للكُبْرَى، فَخَرَجَتَا على سُلَيْمَانَ ابْنِ دَاوُدَ فأخْبَرَتَاهُ فَقَالَ: ائْتُونِي بالسِّكِّيْنِ أشُقه بَيْنَهُمَا، فَقَالَتِ الصغْرَى: لا تَفْعَلْ يَرْحَمُكَ اللهُ هُوَ ابْنُهَا فقضَى بِهِ لِلصُّغْرَى ".
ــ
البرية وبصحبتهما ابناهما الصغيران، فعدا الذئب على أحد الطفلين وافترسه، وبقي الآخر، فادّعت كل واحدة منهما أن الطفل الموجود هو ابنها، وأن الذئب إنما افترس ابن الأخرى، فتحاكما إلى داود عليه السلام، فحكم به للكبرى منهما، لأنه كان في يدها بينة ولا بينة للصغرى، فخرجتا إلى سليمان بن داود وأخبرتاه بقضيتهما، فأراد أن يتوصل إلى معرفة أمه الحقيقية بما يتكشف له من مشاعرها وعواطفها، " فقال ائتوني بالسكين أشقه بينهما " فأمّا الكبرى فسكتت، وأما الصغرى فقد تحركت فيها مشاعر الأمومة وآثرت أن تسلمه للكبرى، وأن تضحي بنفسها إبقاءً على حياته، وهو معنى قوله:" فقالت الصغرى: لا تفعل يرحمك الله، هو ابنها فقضى به للصغرى " لما رآه من عظيم جزعها الدال على وجود عاطفة الأمومة فيها، ولم يكترث بإقرارها لأنّه علم أنّها آثرت حياته، فظهر له من وجود الشفقة في الصغرى وعدمها في الكبرى الدليل القاطع على صدقها.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: قال ابن الجوزي: إنما حكما بالاجتهاد (1) إذ لو كان بنص لما ساغ خلافه، وفي الحديث دليل على اجتهاد الأنبياء، وأنهم قد يخطئون في اجتهادهم، ولكنهم لا يقرهم الله
(1)" شرح العيني " ج 16.
على الخطأ، بل ينزل الوحي ببيانه كما في هذه القضية حيث قال عز وجل:(فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ) والمراد بالخطأ مخالفة الواقع ونفس الأمر، لا مخالفة الدليل والبينة الظاهرة، إذ لو كان الخطأ الاجتهادي هو مخالفة الظاهر لما كان صاحبه معذوراً ومأجوراً، كما يدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: إذا اجتهد الحاكم وأخطأ فله أجر واحد. فإنّ من خالف الدليل الظاهر، وحكم بخلاف البينة الثابتة أثم ولا شك، وقد حكم داود وسليمان بحكمين متناقضين، فلا بد أن يكون أحدهما خطأ وهو حكم داود عليه السلام، والثاني صواب، وهو حكم سليمان عليه السلام كما قال تعالى:(فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ). ثانياً: مشروعية استعمال الحيل في الأحكام، فإن سليمان فعل ذلك، فقال: ائتوني بالسكين أشقه بينهما تحيلاً على إظهار الحق، ولم يعزم على ذلك في الباطن وإنما أراد استكشاف الأمر، فحصل على مقصوده، وظهر له من قرينة شفقة الصغرى وعدمها في الكبرى أنها الأم الحقيقية، ويحتمل أن تكون الكبرى اعترفت بالحق لمّا رأت الجد ودلالة القرائن على كذبها، فحكم عليها سليمان بإقرارها، والإِقرار سيّد الأدلة. ثالثاً: فضل سليمان عليه السلام في العلم والفقه ومعرفة الأحكام الذي اقتضى ثناء الله عليه بقوله تعالى: (فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ). رابعاً: أن سليمان هو ابن داود عليهما السلام لقوله صلى الله عليه وسلم: " فخرجتا على سليمان ابن داود " وهو مطابق للآية الكريمة التي ترجم لها البخاري حيث قال تعالى: (وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ) الآية. الحديث: أخرجه الشيخان والنسائي. والمطابقة: في قوله صلى الله عليه وسلم: " فخرجتا على سليمان بن داود ".
***