الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
793 - " بَابُ صِفَةِ النَّارِ وأنهَا مَخلُوقَة
"
915 -
عن عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، فَأبْرِدُوهَا بِالْمَاءِ ".
ــ
وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا) لأن الواو إنما تأتي بعد (سبعة)" فيها باب يسمّى الريان " بفتح الراء، وهو ضد العطشان، سمى بذلك لما في رواية الترمذي " من دخله لم يظمأ أبداً ". " لا يدخله إلاّ الصائمون " خاصة دون غيرهم.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: أن عدد أبواب الجنة ثمانية، وفيه تفسير وبيان لقوله تعالى:(وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا) ثانياًً: أن الله خص الصائمين بباب يسمى الريان لا يظمؤون بعد دخولهم منه، لأنهم ظمئوا في الدنيا فأدخلهم الله منه تبشيراً لهم بانقطاع ظمئهم نهائياً. الحديث: أخرجه الشيخان والترمذي والنسائي. والمطابقة: في قوله: " ثمانية أبواب ".
793 -
" باب صفة النار وأنها مخلوقة "
910 -
معنى الحديث: كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الحمى طاقة حرارية منشأها من نار جهنم. فاللهب الحاصل في جسم المحموم -كما قال الزرقاني- قطعة من نار جهنم، قدر الله ظهورها ليعتبر العباد بذلك، فقوله صلى الله عليه وسلم:" الحمى من فيح جهنم " كما قال الطيبي: إما أن تكون (من) ابتدائية، أي الحمى نشأت وحصلت من فيح جهنم، أو تبعيضية أي بعض منها، " فابردوها بالماء " بهزة وصل وضم الراء على المشهور (1)، وحكي كسر الراء (2)، أي خففوا من حرارتها باستعمال الماء البارد شرباً وغسلاً للأطراف. الحديث: أخرجه الشيخان والترمذي والنسائي وابن ماجة.
(1) الصحيح، وهو الفصيح. (ع).
(2)
مع همزة قطع في أولها، وهي لغة رديئة. (ع).
911 -
عَنْ أبِي هرَيْرَةَ رضي الله عنه:
أنَّ رَسُولَ اللهَ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " نَاركُمْ جزْء من سَبْعِينَ جزْءَاً منْ نَارِ جَهَنَّمَ " قِيلَ: يَا رَسولَ اللهِ إنْ كَانَتْ لكَافِيَةً، قَالَ:" فضِّلَتْ عليهَا بِتِسْعَةٍ وسِتِّينَ جزْءاً كُلُّهنَّ مِثْلُ حَرِّهَا ".
ــ
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: أن معظم الحميات نارية ناشئة عن حرارة جهنم، مباشرة، أو عن حرارة الصيف التي هي نَفَس من أنفاسها. فالحمى نفس من أنفاس جهنم، يصيب المحموم، فتصيبه تلك الحرارة الشديدة التي تشتعل في قلبه وتنتشر في دمه وعروقه وسائر أعضاء بدنه. ثانياً: تخفيف الحمى بالماء البارد، وذلك بشربه وغسل الأطراف به (1) قال ابن القيم: خطاب النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث خاص بأهل الحجاز ومن والاهم إذ كان أكثر الحميات التي تعرض لهم من نوع الحمى اليومية الحادثة من شدة حرارة الشمس، وهذه ينفعها الماء البارد شرباً واغتسالاً، وذكر أن أصحاب هذه الحمى ينفعهم الماء كثيراً، وقد يغنيهم عن العلاجات الأخرى. ثالثاً: في الحديث وصف لنار جهنم وشدة حرارتها، وكونها مخلوقة الآن لأنّها لو لم تكن موجودة الآن كيف تكون الحمّى نفس من أنفاسها. والمطابقة: في قوله: " الحمى من فيح جهنم " حيث دل على أن جهنم موجودة الآن خلافاً للمعتزلة.
911 -
معنى الحديث: أن نسبة الطاقة الحرارية الموجودة في نار الدنيا كنسبة جزء إلى سبعين جزءاً من حرارة نار جهنم في الدار الآخرة، قال الحافظ: والمراد المبالغة في الكثرة لا العدد الخاص، فلما سمع ذلك بعض الصحابة قال: إن نار الدنيا كافية في الإحراق، مجزئة في الإِيلام، فهي محرقة
(1) وقد نصح الطب الحديث المحموم بالحمام البارد لتخفيض الحرارة، أو بكمادات بالماء البارد.
للجماد، فضلاً عن الأجسام البشرية. " قال صلى الله عليه وسلم: إنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءاً " أي أن نار الآخرة تزيد قوة حرارتها عن حرارة نار الدنيا بتسعة وستين جزءاً، " كلهن مثل حرها " أي كل جزء منها يعادل حرارة نار الدنيا كلها، ولهذا قال ابن عباس: لو جمع كل ما في الوجود من النار التي يوقدها الآدميون لكانت جزءاً من أجزاء نار جهنم.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: أن نار جهنم تزيد طاقتها الحرارية على نار الدنيا بتسعة وستين ضعفاً، وأن نسبة الحرارة الموجودة في نار الدنيا كنسبة واحد إلى سبعين من نار الآخرة. ثانياًً: أن نار الدنيا مخلوقة من نار الآخرة، إلا أنها خُفِّفت عنها مرات كثيرة جداً، وفي هذا يقول ابن عباس رضي الله عنهما، وقد سئل عن نار (1) الدنيا. قال: من نار الآخرة، غير أنها أُطفأت بالماء سبعين مرة، ولولا ذلك ما انتفع بها أحد.
أخرجه ابن عيينة. ثالثاً: أن النار مخلوقة الآن قال الزرقاني (2): النار والجنة مخلوقتان الآن كما دلت عليه أحاديث كثيرة أصرحها قوله صلى الله عليه وسلم: " لما خلق الله الجنة قال لجبريل: اذهب فانظر إليها، فذهب فنظر إليها، ثم جاء فقال: أي رب وعزتك لا يسمع بها أحد إلاّ دخلها ثم حفها بالمكاره، ثم قال: يا جبريل اذهب فانظر إليها، فذهب فنظر إليها ثم جاء فقال: يا رب، لقد خشيت أن لا يدخلها أحد، فلما خلق الله النار قال: يا جبريل إذهب فانظر إليها، فذهب فنظر إليها ثم جاء فقال: وعزتك لا يسمع بها أحد فيدخلها فحفها بالشهوات، ثم قال: يا جبريل اذهب فانظر إليها، فذهب فنظر إليها فقال: أي رب في عزتك لقد خشيت أن لا يبقى أحد إلاّ دخلها " رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وصححه الحاكم عن أبي هريرة. والمطابقة:
(1)" شرح العيني على البخاري " ج 15.
(2)
" شرح الزرقاني على الموطأ ".