الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
819 - " بَاب في فضائِلِ أصحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
- "
ــ
ومالك وإسحاق والشافعي في قول. الحديث: أخرجه البخاري وأبو داود والترمذي. والمطابقة: في قوله: " فكان لو اشترى التراب لربح فيه ".
819 -
" باب في فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم " والفضائل كما قال العيني (1) هي الخصال الحميدة، والخلال الرضية التي ينال بها صاحبها شرفاً ورفعة، وعلو منزلة عند الله، أو عند الخلق، والعبرة في نظر الشرع بالأولى، فإذا قيل في لسان الشرع: هذا رجل فاضل، فمعناه أنّ له منزلة عند الله تعالى، وكل ما ذكره البخاري في هذا الباب من هذا النوع.
والصحابي: كما عرفه البخاري: من صحب النبي صلى الله عليه وسلم أو رآه من المسلمين وقول البخاري: (من المسلمين) هذا قيد يخرج به من صحب النبي صلى الله عليه وسلم أو رآه من غير المسلمين ولو أسلم على المعتمد بعد موته. وزاد بعض أهل العلم قيداً آخر، وهو " ومات على ذلك " ليخرج المرتدون، فإنهم ليسوا أصحابه، والله أعلم. وفضائل الصحابة على نوعين:(أ) فضائل عامة تشملهم جميعاً، مثل امتيازهم بعد الأنبياء بالفضل على سائر الخلق كما قال صلى الله عليه وسلم:" لا تسبوا أصحابي فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مدَّ أحدكم ولا نصيفه "(ب) وفضائل خاصة ينفرد فيها بعضهم بصفة من الصفات الكريمة من فقه أو أمانة أو زهد أو كثرة رواية، كما لقب أبو عبيدة بأمين الأمة، أما ترتيب الصحابة رضي الله عنهم في الفضل، فقد قال أبو منصور البغدادي: أصحابنا مجمعون على أن فضل الخلفاء الأربعة على الترتيب المذكور. قال ابن تيميّة: وأهل السنة يقرّون بما تواتر به النقل عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وغيره من أن خير هذه الأمّة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر، ويثلّثون بعثمان، ويربعون بعلي
(1)" شرح العيني " ج 16.
959 -
عن عَبْدِ اللهِ بْن مَسْعود رضي الله عنه:
أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: " خَيْرُ النَّاس قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الذينَ يَلُونَهُمْ، ثم يَجِيءُ قَوْمٌ تَسْبِقُ شَهَادَةُ أحَدِهم يَمِينَهُ، وَيَمِينَهُ شَهَادَتَهُ ".
ــ
رضي الله عنهم كما دلت عليه الآثار، وكما أجمع الصحابة على تقديم عثمان في البيعة مع أن بعض أهل السنة قد اختلفوا في عثمان وعلي (1) رضي الله عنهما ". اهـ. فروي عن أبي حنيفة تقديم علي على عثمان، ولكن ظاهر مذهبه على خلافه، وقال مالك في " المدونة ": لا يفضل (2) أحدهما على الآخر، والذي عليه جمهور أهل السنة تقديم عثمان على علي رضي الله عنهما، وفي سنن أبي داود عن ابن عمر قال: كنا نقول ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي: أفضل أمة النبي صلى الله عليه وسلم بعده أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، وفي رواية - للطبراني: " يسمع ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فلا ينكره " قال في " الطحاوية ": وحبهم دين، إيمان وإحسان، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان. اهـ.
959 -
معنى الحديث: يقول صلى الله عليه وسلم: " خير الناس قرني " أي أن جيل النبي صلى الله عليه وسلم وأهل زمانه من الصحابة الأبرار هم أفضل الأجيال، وخير الناس على الإِطلاق بعد الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، ثم يليهم في الفضل الذين أدركوا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسلمين، ثم يليهم في الفضل أتباع التابعين. قال صلى الله عليه وسلم:" ثم يجيء قوم تسبق شهادة أحدهم يمينه، ويمينه شهادته " أي يحرصون على الشهادة ويروجونها بالأيمان الكاذبة فتارة يحلفون (3)
(1)" العقيدة الواسطية ".
(2)
" التنبيهات السنية شرح العقيدة الواسطية " للشيخ عبد العزيز بن ناصر الرشيد.
(3)
" هداية الباري " ج 1.
قبل أداء الشهادة، وتارة يشهدون ثم يحلفون لعدم مبالاتهم بالدين، الحديث أخرجه البخاري ومسلم.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: قال الحافظ: استدل بهذا الحديث على تعديل أهل القرون: الثلاثة، وإن تفاوتت منازلهم في الفضل، وهذا محمول على الغالب والأكثرية، فقد وجد فيمن بعد الصحابة من القرنين من وجدت فيه الصفات المذمومة، لكن بقلة. وقال القسطلاني: هذا صريح في أن الصحابة أفضل من التابعين، وأن التابعين أفضل من تابعي التابعين، وهذا مذهب الجمهور، وذهب ابن عبد البر إلى أنه قد يكون فيمن يأتي بعد الصحابة أفضل ممن كان من جملة الصحابة، وقد روى أبو أمامة أنه صلى الله عليه وسلم قال:" طوبى لمن رآني وآمن بي مرة، وطوبى سبع مرات لمن لم يرني وآمن بي " قال القسطلاني: والحق ما عليه الجمهور، لأن الصحبة لا يعدلها شيء. ثانياً: استدل به بعض أهل العلم على أن من الصفات الذميمة المبادرة إلى الشهادة وترويجها بالأيمان دون حاجة أو ضرورة وفي رواية أخرى للبخاري قال فيها " ثم إن بعدكم قوماً يشهدون ولا يستشهدون " قال النووي: وهذا مخالف في الظاهر للحديث الآخر، " خير الشهود من يأتي بالشهادة قبل أن يسأل " والجمع بينهما إما بأن يحمل الذم على من بادر بالشهادة في حق من هو عالم بها قبل أن - يسألها صاحبها، ويكون المدح في قوله صلى الله عليه وسلم:" خير الشهود من يأتي بالشهادة قبل أن يسأل " لمن كانت عنده شهادة لأحد لا يعلم بها، فيخبره ليستشهد به عند القاضي، وهو قول الجمهور، أو يحمل الذم على الشهادة الباطلة التي هي شهادة الزور، أما المبادرة إلى الشهادة الصحيحة من أجل إظهار الحق، وإعانة المظلوم، ودفع الظلم عنه، فإنها عمل صالح يؤجر ويثاب عليه صاحبه، والأحاديث يفسّر بعضها بعضاً، ولهذا قال الصنعاني في حديث عمران ابن حصين الذي جاء فيه:" ثم يكون قوم يشهدون ولا يستشهدون " إما أنه محمول على شهادة الزور حكاه
الترمذي عن بعض أهل العلم، أو المراد إتيانهم بالشهادة بلفظ الحلف نحو أشهد بالله ما كان إلاّ كذا، وهذا جواب الطحاوي. أو المراد به الشهادة بما سيكون من الأمور المستقبلة، فيشهد على قوم بأنهم من أهل الجنة من غير دليل، حكاه الخطابي، قال الصنعاني: والأول أحسنها. والمطابقة: في قوله: " خير القرون قرني ".
***