الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
860 - " بَابُ حِجَّةِ الْوَدَاعَ
"
1005 -
عَنْ زَيْدِ بْنِ أرْقَمَ رضي الله عنه:
أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم غَزَا تِسْعَ عَشْرَةَ غَزْوَةً، وَأنَّهُ حَجَّ بَعْدَمَا هَاجَرَ حَجَّةً وَاحِدَةً، لَمْ يَحُجَّ بَعْدَهَا، حَجَّةَ الْوَدَاعِ.
ــ
الكتاب -كما قال ابن القيم (1) - على ما يريد الإمام من الأموال والثياب وغيرها، ويجري ذلك مجرى ضرب الجزيّة عليهم. رابعاً: أن للإِمام أن يبعث الرجل العالم إلى أرض الهدنة في مصلحة الإِسلام، وأنه ينبغي أن يكون أميناً، وهو الذي لا غرض له ولا هوى، وإنما مراده مجرد مرضاة الله تعالى ورسوله. اهـ. كما أفاده ابن القيم. الحديث: أخرجه الشيخان. والمطابقة: في كون الحديث يدل على قصة أهل نجران مع النبي صلى الله عليه وسلم كما ترجم له البخاري.
860 -
" باب حجة الوداع "
1005 -
معنى الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم حضر بنفسه تسع عشرة معركة إسلامية تسمى كل واحدة منها غزوة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم حضرها بنفسه، وكل معركة يحضرها بنفسه تسمى " غزوة " وجمعها غزوات. قال:" وأنه حج بعد ما هاجر حجة واحدة " يعني وأنه صلى الله عليه وسلم لم يحج بعد هجرته إلى المدينة إلَّا حجة واحدة " لم يحج بعدها " أي لم يحج بعدها حجة أخرى غيرها " حجة الوداع " بالنصب على أنه بدل من حجة واحدة، ويجوز فيه الرفع على أنه خبر مبتدأ، والتقدير هي حجة الوداع. الحديث: أخرجه البخاري.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحج بعد هجرته صلى الله عليه وسلم سوى حجة واحدة، هي حجة الوداع، فهي حجته الوحيدة
(1)" زاد المعاد " لابن القيم ج 3.
بعد الهجرة (1)، وكانت حجة الوداع في السنة العاشرة من الهجرة الموافق لشهر مارس سنة 632 م، فما كاد صلى الله عليه وسلم يعلن عن حجه حتى قدم مَنْ حول المدينة، وخرج صلى الله عليه وسلم لخمس ليال بقين من ذي القعدة، فوافاه في الطريق بشر كثير، فكانوا بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وشماله مد البصر حتى زاد عددهم عن مائة ألف، وخرج صلى الله عليه وسلم يوم السبت بعد أن صلّى الظهر بالمدينة أربعاً، وسار إلى ذي الحليفة، فأحرم منها قارناً ملبياً، ثم نزل بذي طوى، فبات بها ليلة الأحد لأربع خلون من ذي الحجة، وصلى بها الصبح، ثم اغتسل، ودخل مكة نهاراً من أعلاها، ووصل المسجد ضحى، وعمد إلى البيت، وحاذى الحجر الأسود، واستلمه ولم يزاحم عليه، وجعل البيت عن يساره، ورمل في الثلاثة الأشواط الأولى واضطبع بردائه فجعل وسط الرداء تحت منكبه الأيمن (2) وطرفيه على كتفه الأيسر، وكان كلما حاذى الحجر أشار إليه واستلمه بمحجنه، فلما فرغ من طوافه، وقف خلف المقام، وقرأ (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى) وصلّى ركعتين، ثم أقبل على الحجر فاستلمه ثم خرج إلى الصفا، فسعى بين الصفا والمروة سبعاً، وأقام بمكة أربعة أيام من الأحد إلى الأربعاء، فلما كان يوم الخميس توجه إلى منى فنزل بها، وصلّى الظهر والعصر، وبات بها، وكانت ليلة الجمعة، فلما طلعت الشمس سار إلى عرفة، فوجد القبّة قد ضربت له بنمرة، فنزل حتى زالت الشمس، فرحل على ناقته القصواء حتى أَتى بطن عرنة، فخطب الناس على راحلته، ثم أمر بلالاً فأذن، وأقام الصلاة فصلى الظهر ركعتين ثم أقام فصلى العصر ركعتين، فلما فرغ من صلاته ركب حتى أتى الموقف،
(1) أما قبل الهجرة فقد اختلف في ذلك. قال ابن الأثير: "كان يحج كل سنة، وفي سنن الترمذي عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم حج ثلاث حجج، حجتين قبل أن يهاجر، وحجة بعدما هاجر
…
" وفي سنده زيد بن الحباب عن الثورى، وهو صدوق يخطيء في حديث الثورى ولذلك قال الترمذي: هذا حديث غريب. (ع).
(2)
والاضطباع هو أن يجعل وسط الرداء تحت عاتقه الأيمن وطرفيه على عاتقه الأيسر، وتبقى كتفه اليمنى مكشوفة، وهو مستحب في طواف القدوم. اهـ. كما في " العمدة " لابن قدامة وشرحه للمقدسي.
وأخذ في الدعاء والابتهال، وللحاج أن يدعو بما تيسر، ولا بأس أن يقول:" اللهم إنك تسمع كلامي، وترى مكاني (1) وتعلم سري وعلانيتي، ولا يخفي عليك شيء من أمري، أنا البائس الفقير، المستغيث المستجير، والوجل المشفق المقرُّ بذنوبي، أسألك مسألة المسكين، وأبتهل إليك ابتهال المذنب الذليل، وأدعوك دعاء الخائف الضرير، من خضعت لك رقبته، وفاضت لك عيناه، وذل لك جسده، اللهم لا تجعلني بدعائك رب شقياً، وكن بي رؤوفاً رحيماً " وهناك أنزلت عليه (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) فلما غربت الشمس أفاض من عرفة إلى مزدلفة، وهو يقول:" أيها الناس عليكم بالسكينة " ولم يقطع التلبية حتى أَتى المزدلفة، فأمر المؤذن فأذن وأقام، فصلى المغرب، قيل: حط الرحال، فلما حطوا رحالهم أمر فأقيمت الصلاة، ثم صلى العشاء، ثم نام حتى أصبح، فلما طلع الفجر صلاها في أول الوقت، ثم سار من مزدلفة عند الإسفار حتى أَتى منى، فرمى جمرة العقبة راكباً بعد طلوع الشمس، وقطع التلبية، ثم رجع إلى منى، فخطب في الناس خطبة بليغة أعلن فيها وجوب المحافظة على حقوق الإِنسان، حيث قال فيها:" فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا .. إلخ ثم نحر صلى الله عليه وسلم ثلاثاً وستين بدنة بيده، وأمر علياً أن ينحر الباقي من المائة، ثم استدعى الحلاق، فحلق شعره، ثم أفاض إلى مكة راكباً، وطاف طواف الإِفاضة، ثم أتى زمزم، فشرب منه وهو قائم، ثم رجع إلى منى من يومه، فقضى فيها ثلاثة أيام يرمي الجمرات الثلاث كل يوم عند الزوال حتى أكمل أيام التشريق الثلاثة، فنهض إلى مكة، فطاف طواف الوداع من الليل سحراً، وأمر الناس بالرحيل والتوجه إلى المدينة (1). والله أعلم. ثانياً: أن عدد غزواته صلى الله عليه وسلم تسع عشرة غزوة. والمطابقة: في قوله: " وإنه حج بعد ما هاجر حجة واحدة لم يحج بعدها، حجة الوادع ".
(1)" السيرة النبوية " لأبي الحسن الندوي.