الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
833 - " بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم اقْبَلُوا من مُحْسِنِهِم وتجاوَزُوا عن مُسِيئهِمْ
"
974 -
عن ابْنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:
خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وعَلَيْهِ مِلْحَفَة مُتَعَطفَاً بِهَا عَلَى مَنْكِبَيْهِ، وعليْهِ عِصَابةٌ دَسْمَاءُ حتى جَلَس على الْمِنْبَرِ فَحَمَدَ اللهَ وأثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:
ــ
لِإخوانهم المسلمين حتى قوتهم، وقوت عيالهم وصبيانهم. ثانياًً: بيان سبب نزول قوله تعالى: (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ) وأنها نزلت بسبب ما فعله الأنصاري وزوجته مع ضيفهما، وأن الذين وصفهم الله تعالى بهذه الصفات الكريمة هم الأنصار، قال الحافظ: وعند ابن مردويه من طريق محارب بن دثار عن ابن عمر، أهدي لرجل رأس شاة فقال: إن أخي وعياله أحوجٍ منا إلى هذا فبعث به إليه، فلم يزل يبعث به واحدٌ إلى آخر حتى رجعت إلى الأوّل بعد سبعة، فنزلت هذه الآية " قال: ويحتمل أن تكون نزلت بسبب ذلك كله، فإنها كلها صور ونماذج للتضحية والإِيثار وإنكار الذات. ثالثاً: أن من أعظم وأفضل البر والإِحسان البذل والعطاء في حال الفقر وضيق ذات اليد، كما فعل الأنصاري وزوجته رضوان الله عليهم. والمطابقة: في كون هذه القصة التي تضمنها الحديث سبباً في نزول الآية الكريمة.
833 -
" باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: اقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم "
974 -
معنى الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم لمّا مرض مرض موته وأحس الأنصار بدنو أجله عز عليهم فراقه صلى الله عليه وسلم فمر أبو بكر رضي الله عنه بهم في بعض مجالسهم، فوجدهم يبكون، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فخرج صلى الله عليه وسلم يتحامل على نفسه، وعليه ثوب قد التحف به، ووضعه على منكبيه، وعلى جبينه عصابة
" أمَّا بَعْدُ أيّهَا النَّاسُ فَإِنَّ النَّاسَ يَكثُرُونَ وَتَقِلُّ الأنْصَارُ حتى يكونُوا كالْمِلْح في الطَّعَامِ، فمَنْ وَلِيَ مِنْكُمْ أمراً يَضُرُّ فِيهِ أحداً أو يَنْفَعُهُ، فَلْيَقْبَلْ مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَيَتَجَاوَزْ عَنْ مُسِيئهِمْ ".
ــ
سوداء، فصعد المنبر، وخطب في الناس يوصيهم بالأنصار خيراً، فقال:" أما بعد: أيها الناس، فإن الناس يكثرون وتقل الأنصار " لأنه يقتل منهم الكثير في الفتوحات الإسلامية وحروب الردة، والمعارك الدامية التي تقع بين المسلمين أنفسهم كمعركة الحرّة " حتى يكونوا كالملح في الطعام " أي حتى يكونوا في قلتهم كالملح القليل في الطعام الكثير، فإن الملح في الطعام يكون عادة قليلاً جداً ولذلك ضرب به المثل في قلته، كما ضرب به المثل أيضاً في إصلاحه لغيره قال الشاعر:
يَا مَعْشَر القُّرّاءِ يَا مِلْحَ البَلَدْ
…
هَلْ يَصْلُحُ الأكْلُ إذَا المِلْحُ فَسَدْ
" فمن ولي منكم أمراً يضر فيه أحداً أو ينفعه " أي من ولي منكم ولاية أصبحت له فيها سلطة تنفيذية من إمارة أو شرطة أو غيرها، وصار في استطاعته معاقبة المسيء، ومكافأة المحسن " فيقل من محسنهم " أي فليعاملهم بالحسنى، فيكافىء محسنهم، ويعفو عن مسيئهم.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى ولاة الأمور بالأنصار أن يبالغوا في حسن معاملتهم بمكافأة محسنهم، والعفو عن مسيئهم، والتجاوز عنهم، وعدم مؤاخذتهم على زلّاتهم ما عدا الحدود الشرعية (1) فليس لولاة الأمور التجاوز عنها، وإنما خص ولاة الأمور بهذا الخطاب لأنهم أقدر من غيرهم في إيصال الخير إليهم، ودفع الشر عنهم، وإن كان غيرهم لا يخرج عن ذلك، فإنّ على كل مسلم أن يعامل الأنصار وأبناء
(1)" هداية الباري في ترتيب صحيح البخاري " ج 1.