الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
"
كتاب فَرْضُ الْخمُس
"
779 - " بَابُ فَرْضُ الْخمُس
"
881 -
عن علِي رضي الله عنه قَالَ:
" كَانَتْ لِي شَارِفٌ مِنْ نَصِيبي من الْمَغْنَمِ يَوْمَ بَدْرٍ، وَكانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أعْطَانِي شارِفاً مِنَ الْخُمُس، فلما أردْتُ أنْ أبتني بِفَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، واعَدْتُ رَجُلاً صَوَّاغاً من بنِي قَيْنُقَاع أنْ يَرْتَحِلَ معي، فَنَأتِيَ بإذْخِرٍ أردْتُ أنْ أبِيعَهُ الصَّوَّاغِينَ وأستعِينَ بِهِ في وَلِيمَةِ عُرْسِي، فَبَيْنَا أنا أجْمَعُ لِشَارِفَيَّ مَتَاعاً من الأقْتَابِ والغَرائِرِ والْحِبَالِ وَشَارِفَايَ مُنَاخَانِ إلى جَنْبِ حُجْرَةِ رَجُل من الأنْصَارِ، رَجَعت حينَ جَمَعْتُ مَا جَمَعْتُ، فإذَا
ــ
779 -
" باب الخمس "
881 -
معنى الحديث: أن الإمام علي كرّم الله وجهه يحدثنا في حديثه هذا عن قصة غريبة وقعت له مع عمه حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه فيقول: " كانت لي شارف " وهي المسنة من النوق كما أفاده العيني " من نصيبي من المغنم يوم بدر، وكان النبي صلى الله عليه وسلم وأعطاني شارفاً من الخمس " أي أنه رضي الله عنه كان قد حَصَلَ على ناقتين كبيرتين من غنائم وخمس بدر " فلما أردت أن أبتني بفاطمة " أي أن أدخل بها " واعدت رجلاً صوّاغاً من بني قينقاع " من اليهود " أن يرتحل معي فنأتي بإذخر " وهو نبت طيب الرائحة " أردت أن أبيعه الصواغين وأستعين به في وليمة عرسي " بضم العين،
شَارِفَايَ قدْ أجِبَّتْ أسْنِمتُهمَا، وبُقِرَتْ خَوَاصِرُهُمَا، وأُخِذَ مِنْ أكْبَادِهمَا فَلَم أمْلِكْ عَيْنَّي حِينَ رَأيْتُ ذَلِكَ الْمَنْظرَ مِنهُما، فقُلْتُ: مَنْ فَعَلَ هَذا؟ فَقَالُوا: فَعَلَ حمزةُ بنُ عبدِ المطَّلِبِ: وهو في هَذَا الْبيتِ في شَرْبٍ من الأنْصَارِ، فانْطَلقْتُ حتى أدْخُلَ على النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وعِنْدَهُ زيدُ بنُ حَارثَةَ، فَعَرَفَ النبي صلى الله عليه وسلم في وَجْهِي الَّذِي لَقِيْتُ، فقالَ النبي صلى الله عليه وسلم: مَا لَكَ؟ فَقُلْتُ: يا رَسُولَ اللهِ ما رَأيْتُ كاليْومِ قَطُّ، عدَا حَمْزَةُ على نَاقَتَيَّ فَجبَّ أسْنِمَتَهما، وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُما، وهَا هُو ذَا في بَيْتٍ مَعه شَرْب، فدَعَا النبيُّ صلى الله عليه وسلم بِرِدَائهِ، فارْتَدَى، ثم انْطَلَقَ يَمْشِي، واتبَّعْتُهُ أنا وَزَيْدُ ابنُ حَارثَةَ حتى جاءَ الْبَيْتَ الذي فِيهِ حمزةُ، فاسْتَأذَنَ فأذِنُوا لهم، فَإذَا هُمْ شَرْبٌ، فَطَفِقَ رَْسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَلُومُ حَمْزَةَ فيما فَعَلَْ، فَإذَا حَمْزَةُ قَدْ ثَمِلَ مُحْمَرَّةً
ــ
أي أستعين بثمنه على شراء طعام العرس، " فبينا أنا أجمع لشارفي متاعاً من الأقتاب " جمع قتب وهو ما يوضع على ظهر البعير " والغرائر " أي الأكياس جمع غرارة بكسر الغين وهم ما يوضع فيه الشيء " رجعت حين جمعت ما جمعت، فإذا شارفاي قد أجِبَّتْ أسنمتهما " بضم الهمزة وكسر الجيم، وتشديد الباء، أي قطعت " وبقرت خواصرهما " أي شقت " فلم أملك عيني " أي فلم أستطع أن أمنع عيني عن البكاء " فقالوا: فعل حمزة بن عبد المطلب، وهو في هذا البيت في شرب من الأنصار " بفتح الشين وسكون الراء أي جماعة يشربون الخمر " فقلت: يا رسول الله ما رأيت كاليوم قط أي ما رأيت أشد على نفسي منه " عدا حمزة على " أي اعتدى عليهما " فدعا النبي صلى الله عليه وسلم بردائه فارتدى، ثم انطلق يمشي واتبعته أنا وزيد بن حارثة، حتى جاء البيت الذي فيه حمزة، فاستأذن فأذنوا لهم، فإذا هم شرب،
عَيْنَاهُ، فنظرَ حَمْزَةُ إلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثم صَعَّدَ النَّظر، فَنَظر إلى رُكْبَتِهِ، ثم صَعَّدَ النَّظر فنَظر إلى سُرَّتِهِ، ثم صَعَّدَ النَّظر، فَنَظر إلى وَجْهِهِ، ثم قالَ حَمْزَةُ: هَلْ أنْتُمْ إلَّا عَبِيدٌ لِأبِي، فَعَرَفَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قَدْ ثَمِلَ، فَنَكَص رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى عَقِبَيْهِ الْقَهْقَرىَ، وخَرَجْنَا مَعَهُ.
ــ
فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يلوم حمزة فيما فعل، فإذا حمزة قد ثمل " أي فبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم يلوم حمزة على ما فعله بناقتي علي، فإذا هو قد شرب وسكر " محمرة عيناه " أي حال كونه قد احمرت عيناه من السكر " فنظر حمزة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صعّد النظر إلى ركبته، ثم صعد النظر فنظر إلى سرته، ثم صعد النظر فنظر إلى وجهه " أي فجعل يصوب نظره أولاً إلى ركبة النبي صلى الله عليه وسلم ثم إلى سرته ثم إلى وجهه " ثم قال حمزة: هل أنتم إلاّ عبيد لأبي " قال القسطلاني: يريد والله أعلم أن عبد الله وأبا طالب كانا كأنهما عبدان لعبد المطلب في الخضوع لحرمته، وأنه أقرب إليه منهما " فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قد ثمل، فنكص " أي فعرف أنه في حالة سكر لا يعي ما يقوله: ولا يلام على ما يصدر منه، فعاد وتركه. مطابقة الحديث للترجمة: في قوله رضي الله عنه: " وكان النبي صلى الله عليه وسلم أعطاني شارفاً من الخمس ".
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: مشروعية فرض الخمس من الغنيمة، وأنه يجب أخذه منها، وصرفه في مصارفة كما قال تعالى:(فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) ويقسم الخمس على خمسة أسهم: (أ) سهم لله ورسوله: وينفق منه على الفقراء والسلاح والجهاد، ونحو ذلك من المصالح العامة (ب) سهم ذوي القربى: أي أقرباء النبي صلى الله عليه وسلم من بني هاشم وبني المطلب الذين آزروه وناصروه، ويستوي فيهم الغني والفقير، والقريب والبعيد، والذكر والأنثى،