الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"
غَزْوَةُ الْفَتْحِ
"
856 - " بَاب أيْنَ رَكَزَ النبي صلى الله عليه وسلم الرَّايَةَ يَوْمَ الْفَتْحَ
"
1000 -
عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما قَالَ:
"سَارَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ الْفَتْحِ، فبَلَغَ ذَلِكَ قُريْشاً، خَرَجَ أبو
ــ
ووجدنا في جسده بضعاً وتسعين من طعنة ورمية" (1) أي وجدنا فيه أكثر من تسعين إصابة ما بين طعنة رمح، ورمية سهم.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: إسناده صلى الله عليه وسلم قيادة هذا الجيش لزيد بن حارثة فإن قتل فجعفر، فإن قتل فعبد الله بن رواحة. ثانياً: أن قوله صلى الله عليه وسلم إن قتل زيد فجعفر
…
إلخ صريح في أن هؤلاء الثلاثة يكرمهم الله بالشهادة، وقد روي (2) أن نعمان اليهودي لما جمع ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا أبا القاسم، إن كنت نبياً فسميت من سميت قليلاً أو كثيراً أصيبوا جميعاً، إن الأنبياء في بني إسرائيل إذا استعملوا الرجل ثم قالوا: إن أصيب فلان فلو سمي مائة أصيبوا جميعاً. والمطابقة: في قوله: " أمر النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة مؤتة ". الحديث: أخرجه البخاري.
856 -
" باب أين ركز النبي صلى الله عليه وسلم الراية يوم الفتح "
يعني أين نصب رايته يوم فتح مكة، والراية علم الجيش كما أفاده في " المصباح " وكان اسم رايته صلى الله عليه وسلم العُقاب.
1000 -
معنى الحديث: يحدثنا عروة بن الزبير في هذا الحديث عن
غزوة الفتح، فيقول:" سار رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح " وفي رواية ابن عباس
(1)" شرح القسطلاني " ج 6.
(2)
" المغازي " للواقدي ج 2.
سُفْيَانَ بنُ حَرْبٍ وَحكِيمُ بْنُ حِزَام، وَبُدَيلُ بنُ وَرْقَاءَ يَلْتَمِسُونَ الْخَبَر عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأقبَلُوا يَسِيرُونَ حَتَّى أتَوْا مَرَّ الظَّهْرَانِ، فَإِذَا هُمْ بنِيرَان كأنَّهَا نِيرَانُ عَرَفَةَ، فَقَالَ أبو سُفْيَانَ: مَا هَذِهِ؟ لَكَأنَّهَا نيرانُ عَرَفَةَ! فَقَالَ بُدَيلُ بْنُ وَرْقَاءَ: نيرَانُ بَني عَمْروٍ، فَقَالَ أبُو سُفْيَانَ: عَمْرو أقَلُّ مِنْ ذَلِكَ، فَرآهُمْ نَاسٌ مِنْ حَرَسِ رَسُولَ اللهَ صلى الله عليه وسلم فأدْرَكُوهُمْ، فأخَذُوهُمْ فأتوْا بِهِمْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فأسْلَمَ أبو سُفْيَانَ، فَلمَّا سَارَ قَالَ للْعَبَّاسِ: احْبِس أبَا سُفْيَانَ عِنْدَ حَطْمِ الْخَيْل حَتَّى يَنْظُرَ إلَى الْمُسْلِمينَ، فَحَبَسَهُ الْعَبَّاسُ، فَجَعَلَتِ الْقَبَائِلُ تَمُرُّ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَتِيبَةً كَتِيبَةً على أبِي سُفْيَانَ، فمَرَّتْ كَتِيبَة قَالَ: يَا عَبَّاسُ مَنْ هَذِهِ؟ قَالَ: هذه غِفَارُ، قَالَ: مَا لِي وَلِغِفَارٍ، ثم مَرَّتْ جُهَيْنَةُ قَالَ: مِثْلَ ذَلِكَ، ثمَّ مَرَّتْ سَعْدُ بْنُ هُذَيْم،
ــ
رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج في رمضان من المدينة، ومعه عشرة آلاف، وذلك على رأس ثمان سنين ونصف من مقدمه المدينة " خرج أبو سفيان وحكيم بن حزام وبديل بن ورقاء يلتمسون الخبر " أي فخرج هؤلاء الثلاثة يتحسسون الأخبار، ويحاولون الاطِّلاع على حقيقة ذلك " فإذا هم بنيران كأنها نيران عرفة " أي فإذا هم يفاجؤن بمشاهدة نيران كثيرة، كأنها نيران عرفة في موسم الحج " فقال بديل بن ورقاء: نيران بني عمرو" أي ظنها نيران بني عمرو قبيلة من خزاعة " فقال أبو سفيان: عمرو أقل من ذلك " أي فاستبعد أبو سفيان ذلك " فرآهم ناس من حرس رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذوهم " أي فألقوا عليهم القبض " فأتوا بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم " أي فساقوهم حتى أوصلوهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم " فأسلم أبو سفيان " قال الحافظ: وفي رواية: فدخل بديل وحكيم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلما، ومعنى ذلك أن هؤلاء الثلاثة أسلموا جميعاً فِي
فقال مِثْلَ ذَلِكَ، وَمَرَّتْ سُلَيْم، فقال مِثْلَ ذَلِكَ، حتى أقْبَلَتْ كتِيبَةٌ لم يرَ مِثْلَها، قَالَ: مَنْ هَذه؟ قَالَ هَؤُلاءِ الأنْصَارُ عَلَيْهِمُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ مَعَه الرَّايَةُ، فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: يا أبَا سُفْيَانَ الْيَوْمُ يَوْمُ الْمَلْحَمَةِ، الْيَوْمَ تُسْتَحَلُّ الْكَعْبَةُ، فَقَالَ أبو سُفْيَانَ: يا عَبَّاسُ حَبَّذَا يَوْمُ الذِّمَارِ، ثم جَاءَتْ كَتيبَة، وَهِيَ أقَلُّ الْكَتَائِبِ، فِيهِمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وأصْحَابُهُ، وَرَايَةُ النَّبِيِّ
ــ
هذا اليوم قبل دخول مكة " فلما سار قال للعباس: احبس أبا سفيان عند حطم الخيل " أي في الموضع الذي تزدحم فيه الخيل لكي يستعرض الكتائب العظيمة ويطلع على قوة المسلمين وكثرة عددهم " فجعلت القبائل تمر مع النبي صلى الله عليه وسلم كتيبة كتيبة على أبي سفيان " وهكذا تحركت كتائب الفتح الإسلامي زاحفة نحو البلد الحرام أمام أبي سفيان، وهو يسأل عنها كتيبة كتيبة " حتى أقبلت كتيبة لم يرَ مثلها " أي لم ير أبو سفيان لها مثيلاً في الكتائب الأخرى التي سبقتها " قال: من هذه؟ قال: هؤلاء الأنصار " أي هذه كتيبة الأنصار، وكانت كثيرة العدد، قوية العدة، مدججة بالسلاح، فلما رأى ما هم عليه قال: ما لأحد بهؤلاء من طاقة، " وعليهم سعد بن عبادة ومعه الراية " أي وقائدهم سعد بن عبادة ومعه راية الأنصار " فقال سعد بن عبادة: يا أبا سفيان! اليوم يوم الملحمة " أي هذا يوم مذبحة قريش الكبرى، " اليوم تستحل الكعبة " أي وهذا هو اليوم الذي يحل لنا القتال عند الكعبة، فنشفي صدورنا من قريش وننتقم منها أشد الانتقام وفي رواية اليوم أذل الله قريشاً. " فقال أبو سفيان: يا عباس حبذا يوم الذمار " أي فأثّرت هذه الكلمات التي قالها سعد بن عبادة في نفس أبي سفيان، وهيّجت مشاعره، وأثارت فيه الحمية لبلده وقومه، والحرص على الدفاع عنهم، والذود عن كرامتهم، فقال " حبذا يوم الذمار " قال الخطَّابي تمنى أبو سفيان أن تكون له يد أي قوة فيحمي قومه ويدفع عنهم، قال: "ثم
- صلى الله عليه وسلم معَ الزُّبَيْرِ بْنِ العَوَّامِ، فَلَمَّا مَرَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بأبِي سُفْيَانَ قَالَ: ألمْ تَعْلَمْ ما قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَاَدَةَ؟ قَالَ: ما قَالَ؟ قَالَ: قَالَ كَذَا وَكَذَا! فَقَالَ: كَذَبَ سَعْدٌ، وَلَكِنْ هذَا يَوْمٌ يُعَظِّمُ اللهُ فِيهِ الْكَعْبَةَ، وَيَوْم تُكْسَى فِيهِ الْكَعْبَةُ، قَالَ: وأمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنْ تُرْكَزَ رَايَتُهُ بالْحَجُونِ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ لِلزُّبَيْرْ: يَا أبَا عَبْدِ اللهِ هَا هُنَا أمرَكَ رَسُولُ اللهِ أن تَرْكُزَ الرَّايَةَ، قَالَ: وَأمرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ خَالِدَ بْنِ الْوَلِيدِ أن يَدْخُلَ مِنْ أعلَى مَكَّةَ من كَدَاءٍ، وَدَخَلَ النبي صلى الله عليه وسلم مِنْ كُدَىً، فَقُتِلَ مِنْ خَيْلِ وخَالِدٍ يَوْمَئِذٍ رَجُلَانِ حُبَيْشُ بْنُ الأشْعَرِ وَكُرْزُ بْنُ جَابِرٍ الْفِهْرِيُّ ".
ــ
جاءت كتيبة وهي أقل الكتائب، فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه " أي ومر رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتيبة خضراء، فيها المهاجرون والأنصار، لا يرى منهم إلَّا الحدق من الحديد، فقال: سبحان الله! يا عباس من هؤلاء، قال: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المهاجرين والأنصار، قال: ما لأحد بهؤلاء قِبَل ولا طاقة، والله يا أبا الفضل لقد أصبح ملك ابن أخيك الغداة عظيماً، قال: يا أبا سفيان إنها النبوة، قال فنعم إذاً " فلما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي سفيان، قال: ألم تعلم ما قال سعد بن عبادة؟ قال: ما قال؟ قال: قال كذا وكذا، فقال: كذب سعد " أي أخطأ سعد في مقالته هذه، وقال خلاف الواقع " هذا يوم يعظم الله فيه الكعبة " وأعلن للناس جميعاً أنَّ فتح مكة ليس احتلالاً لها، ولا حرباً انتقامية من قريش، وإنما هو نصر لهذا البيت وإعلاء لدين الله، وما يوم الفتح إلَّا يوم تعظم فيه الكعبة، وتطهر من الشرك وعبادة الأصنام، ويعز الله فيه مكة وأهلها بالإسلام كما جاء في رواية أخرى أنه صلى الله عليه وسلم قال: " اليوم يوم المرحمة، اليوم يعز الله فيه قريشاً، ويعظم الله الكعبة " وأرسل إلى سعد فنزع منه اللواء، ودفعه إلى ابنه قيس. قال " وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تركز رايته بالحجون " وهو
موضع بالمعلاة بالقرب من مقبرة مكة، وقد بني هناك مسجد يقال له مسجد الراية كما أفاده الحلبي في " السيرة "" وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ خالد بن الوليد أن يدخل من أعلى مكة من كداء " بفتح الكاف، وهو عند الثنية العليا، " ودخل النبي صلى الله عليه وسلم من كُدى " بضم الكاف والقصر، أي من عند الثنية السفلى.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: ذكر بعض الأحداث التي وقعت في غزوة الفتح، وغزوة الفتح كانت في رمضان سنة ثمان من الهجرة يناير 630 م وسبب ذلك أنه بيت نفر من بني بكر خزاعة على ماء فأصابوا منهم رجالاً وتناوشوا واقتتلوا، وأعانت قريش بني بكر بالسلاح، وقاتل معهم أشراف من قريش يستخفون ليلاً، وبذلك نقضت قريش العهد الذي بينها وبين النبي صلى الله عليه وسلم حيث حاربت حلفاءه، واعتدت عليهم، فخرج عمرو بن سالم الخزاعي حتى قدم على الرسول صلى الله عليه وسلم، فدخل عليه وأنشده أبياتاً ينشده فيها الحلف الذي بينهم وبينه ويخبره أن قريشاً نقضوا العهد ويسأله النصر والنجدة، فقال صلى الله عليه وسلم: نصرت يا عمرو بن سالم فخير قريشاً أن يدفعوا دية قتلى خزاعة أو يبرأوا ممن نقض العهد، أو ينبذ إليهم على سواء الهدنة التي بينه وبينهم، فأجابه بعض زعمائهم، لكن ننبذ إليك على سواء، وبذلك برأت ذمته من قريش، وقامت عليهم الحجة، وقال صلى الله عليه وسلم حين بلغه الخبر:" لا نصرت إن لم أنصركم بما أنصر به نفسي " وأخذ صلى الله عليه وسلم يستعد سراً للزحف على مكة وخرج لليلتين خلتا من رمضان، وخرج أبو سفيان من مكة يصحبه حكيم بن حزام وبديل بن ورقاء يتجسسون الأخبار، فرآهم حرس النبي صلى الله عليه وسلم، وألقوا عليهم القبض وأخذوهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلموا، وعقد النبي صلى الله عليه وسلم الرايات بقديد، فأعطى لكل قبيلة لواءً ورايةً، وكانت راية النبي صلى الله عليه وسلم يحملها الزبير بن العوام، وهي سوداء، أما اللواء فقد كان أبيض اللون، وأوصى رؤساء الجيمش أن لا يقاتلوا إلا من قاتلهم، ودخل صلى الله عليه وسلم من أسفل مكة، ودخل خالد من أعلاها، ولم يلق مقاومة