الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
806 - " بَابُ نزُولِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عليهما السلام
"
932 -
عَن أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
" قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " كَيْفَ أنتمْ إِذَا نَزَلَ ابْنُ مَرْيَمَ فِيكُمْ وإمامُكم منكم ".
ــ
أن عيسى جزء من (1) الله، وتلا قوله تعالى:(إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ) زعم أن قوله تعالى: (وَرُوحٌ مِنْهُ) يدل على أن عيسى جزء من الله تعالى بناء على أن " من " للتبعيض فقرأ المروزي قوله تعالى: (وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ) وقال: إذن يلزم أن تكون جميع تلك الأشياء جزءاً من الله تعالى فانقطع النصراني، واقتنع بحجة المروزي وهداه الله للإسلام فأسلم، وحسن إسلامه وفرح الرشيد بذلك فرحاً عظيماً، وكافأ المروزي مكافأة عظيمة. ثانياً: أن في هذا الحديث علاقة متينة بقوله تعالى حكاية عن قول عيسى: (إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا) فوصف نفسه بالعبودية والنبوة، وفي هذا حجة قاطعة على كذب النصارى في دعواهم أن عيسى ابن الله. الحديث: أخرجه أيضاً الترمذي في " الشمائل " والمطابقة: في قوله صلى الله عليه وسلم: " كما أطرت النصارى ابن مريم ".
806 -
" باب نزول عيسى بن مريم عليهما السلام "
932 -
معنى الحديث: يحدثنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث عن نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان، حيث ينزل كما رواه مسلم عن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ينزل عيسى بن مريم عند المنارة البيضاء شرقي دمشق، واضعاً كفيه على أجنحة ملَكين، إذا طأطأ رأسه
(1) التفسير المنير ج 1 للشيخ محمد نووي الجاوي.
قطر، وإذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ" وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم في حديث الباب:" كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم " أي كيف حالكم إذا نزل فيكم عيسى بن مريم في آخر الزمان، وأنتم تصلون، وإمامكم في الصلاة هو أميركم -المهدي- فيصلي عيسى خلف إمامكم، ويكون تابعاً لملتكم، حاكماً بشريعتكم، وفي حديث جابر:" فيقال لعيسى تقدم يا روح الله، فيقول: ليتقدم إمامكم فليصل بكم " أخرجه أحمد، وفي رواية مسلم:" فيقال له -أي لعيسى- صل لنا! فيقول: لا، إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة لهذه الأمة " وقال الهروي: معنى قوله: " وإمامكم منكم " يعني أنه يحكم بالقرآن لا بالإِنجيل.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: ثبوت نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان كما قال صلى الله عليه وسلم: " كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم " وكما يدل عليه قوله تعالى: (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا)، وهي قراءة الجمهور، وقرأ ابن عباس، وقتادة، وابن محيصن وغيرهم (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ) بفتح العين واللام بمعنى العلامة، أي إن نزول عيسى من الأشراط القريبة للساعة، والعلامات الكبرى لها، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ليوشكن أن ينزل ابن مريم حكماً عدلاً فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية " أخرجه الشيخان فلا يقبل إلاّ الإِسلام وتظهر فيه الكنوز، وترتفع الشحناء (1) والبغضاء من النفوس، ويعم الأمن والسلام حتى يرعى الذئب مع الشاة فلا يضرها وتمتلىء الأرض سلماً، ويرتفع القتال منها، وتكثر الخيرات، حتى يجتمع النفر على القطف من العنب فيشبعهم وكذا الرمانة.
أما مكان نزوله ووقته، فقد اختلفت الروايات فيه، وهي بمجموعها تفيد بأنه ينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق، وهي موجودة اليوم، واضعاً كفيه على
(1)" الإشاعة لأشراط الساعة " للسيد محمد بن عبد الرسول الحسيني البرزنجي المدني ..
أجنحة ملكين. ثانياً: أن عيسى عليه السلام يقتدي بإمام المسلمين وهو (1) المهدي ويصلّي خلفه في بيت المقدس صلاة الصبح، ويحكم بالقرآن وشريعة الإِسلام ويكون من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. قال في " الإِشاعة ": يكون عيسى مقرّراً للشريعة النبوية لا رسولاً إلى هذه الأمّة، فهو من أمة محمد صلى الله عليه وسلم وصحابي، لأنه اجتمع به صلى الله عليه وسلم ليلة الإِسراء، وحينئذ فهو أفضل الصحابة أما مدة بقاء عيسى في الأرض، ووفاته، فقد جاء في حديث أبي هريرة أنه يمكث في الناس أربعين سنة، وفي رواية الطبراني:" يخرج الدجال فينزل عيسى بن مريم عليه السلام فيقتله، ثم يمكث في الأرض أربعين سنة إماماً عادلاً، وحكماً مقسطاً " وفي رواية عن أبي هريرة مرفوعاً: " وينزل الروحاء فيحج منها، أو يعتمر أو يجمعهما " والروحاء مكان بين المدينة ووادي الصفراء في طريق مكة، وأخرج البخاري في " تاريخه " والطبراني وابن عساكر عنه، قال: يدفن عيسى ابن مريم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه فيكون قبره رابعاً. والله أعلم. مطابقة الحديت للترجمة: في قوله صلى الله عليه وسلم: " كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم " حيث دل ذلك على نزول عيسى، وهو ما ترجم له البخاري. الحديث: أخرجه الشيخان وأبو داود والترمذي. تتمة وتكملة: استدل بهذا الحديث بعض أهل العلم على ثبوت ظهور المهدي، وأنه خليفة المسلمين عند نزول عيسى، حيث إن المراد بقوله:" وإمامكم منكم " كما في " فيض الباري "(2): الإِمام المهدي، لما جاء في حديث ابن ماجة أنهم قالوا: يا رسول الله فأين العرب يومئذ؟ قال: هم يومئذ قليل وجُلُّهم ببيت المقدس وإمامهم رجل صالح، فبينما إمامهم قد تقدم فصلى بهم الصبح، إذ نزل عليهم عيسى بن مريم، فرجع ذلك الإِمام يمشي
(1) قال الحافظ في " الفتح ": وقال أبو الحسن السجستاني الآبري " في مناقب الشافعي ": تواترت الأخبار بأن المهدي من هذه الأمة، وأن عيسى يصلّي خلفه، ذكر ذلك في الحديث الذي أخرجه ابن ماجه عن أنس، وفيه " لا مهدي إلا عيسى ".
(2)
" فيض الباري " للشيخ محمد أنور الكشميري.