الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
814 - " بَابُ خاتمَ النَّبِيِّينَ صلى الله عليه وسلم
- "
943 -
عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:
أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ مَثَلِي ومَثَلَ الأنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي كَمَثَلِ
ــ
الذي يحشر الناس على قدمي" أي يحشر الناس أمامي، ويجتمعون إلي يوم القيامة، وقال الخطابي: القدم (1) ها هنا الدين، بمعنى أن زمن دينه آخر الأزمنة، وعليه تقوم الساعة " وأنا العاقب " يعني آخر الأنبياء، وخاتم المرسلين. الحديث: أخرجه الشيخان، و" الموطأ ".
فقه الحديث: دل هذا الحديث على أن هذه الخمسة هي أشهر أسمائه صلى الله عليه وسلم، وإن كان له أسماء غيرها. قال ابن القيم: وأسماؤه صلى الله عليه وسلم كما سماه الله تعالى: أعلام دالة على أوصاف مدح، فلا تضادد فيها العملية الوصفية فمحمد صفة في حقه، وإن كان علماً محضاً في حق غيره. اهـ. وقد دل بعض هذه الأسماء على أن دين الإِسلام هو الدين الغالب المهيمن على جميع الأديان، الناسخ لشرائعها بشرائعه ولأحكامها بأحكامه، وأنه الدين الخالد الباقي إلى يوم القيامة، فالحديث هو مصداق قوله تعالى:(وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ) الخ. والمطابقة: في كون هذا الحديث يشتمل على أسماء النبي صلى الله عليه وسلم.
814 -
" باب خاتم النبيين "
قال الحافظ أن المراد بالخاتم في أسمائه أنه خاتم النبيين، ولمح بما وقع في القرآن - يعني أشار إلى قوله تعالى:(مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ).
(1)" شرح الباجي على الموطأ " ج 7.
رَجُل بَنَى بَيْتاً فأحْسَنَهُ وَأجمَلَهُ إلَّا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ من زَاوِية، فَجَعَلَ الناسُ يَطُوفُونَ بهِ، ويَعْجَبونَ لَهُ، ويقولُونَ: هَلَّا وُضعتْ هذِهِ اللَّبِنَّةُ، قَالَ: فَأنا اللبِنَةَ وأنا خَاتَم النَّبِيِّين".
ــ
943 -
معنى الحديث: كما قال في " شرح صفوة البخاري "(1) أن النبي صلى الله عليه وسلم شبه حال الأنبياء وتتابعهم لِإصلاح البشر واحداً بعد واحد، حتى تكوَّنَ مما جاءوا به مجموعة إرشادات وتعاليم نافعة، وما شعر به الناس قبل مبعثه من الحاجة إلى مكمل لهذه المجموعة، متمم لمقاصدها بحال بيت وضعت فيه لبنة على لبنة حتى أوشك على التمام وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم:" إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتاً فأحسنه وجمّله إلاّ موضع لبنة من زاوية " أي ولم يبق من ذلك البيت سوى لبنة واحدة بقي موضعها فارغاً " فجعل الناس يطوفون بالبيت " أي يدورون حول جدرانه " ويعجبون له " أي يستحسنونه، ويمدحونه، ويعجبهم بناؤه، وحسن منظره، " ويقولون: هلا وضعت هذه اللبنة " وهلّا هنا للتحضيض، والمعنى: ولكننا نحضك ونحثك على وضع هذه اللبنة التي لا يزال مكانها خالياً ليصبح هذا البناء في غاية الكمال والجمال، كما في رواية أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون: " ألا وضعت هذه هنا لبنة فيتم بنيانك " أخرجه أحمد وفي رواية " أكمل موضع اللبنة " قال صلى الله عليه وسلم: " فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين " أي فهو صلى الله عليه وسلم بالنسبة إلى الأنبياء السابقين كاللبنة المتممة لذلك البناء، لأن به صلى الله عليه وسلم كمال الشرائع (2) السابقة، وليس معنى هذا أن الأديان السابقة كانت ناقصة وإنما المراد أنه وإن كانت كل شريعة كاملة بالنسبة إلى عصرها إلاّ أن الشريعة المحمدية هي الشريعة الأكمل والأتم ومعنى كونه صلى الله عليه وسلم
(1)" شرح صفوة البخاري " للشيخ عبد الجليل عيسى.
(2)
" هداية الباري " ج 1 للطهطاوي.