الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
728 - " بَابُ قَوْلِ الإمَامِ لأصْحَابِهِ: اذْهَبُوا بِنَا نُصْلِح
"
828 -
عن سَهْل بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنهما:
أنَّ أهلَ قُبَاءَ اقْتَتَلُوا حتَّى تَرَامَوْا بالحِجَارَةِ، فأخْبِرَ النبي صلى الله عليه وسلم بِذلِكَ
ــ
متنازعين ليس هو الكذاب المذموم شرعاً ما دام يريد أن يصلح بين رجلين من المسلمين، ويزيل ما في قلبيهما من العداوة والبغضاء والكراهية " فينمي (1) خيراً " أي فينقل كلام الخير، ويروي لأحدهما أن صاحبه أثنى عليه ومدحه، وذكره بالأوصاف الجميلة، وهو كاذب في قوله ليقارب بين قلبين متباعدين، ويزيل ما فيهما من نفور ووحشة.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: الترغيب في الاصلاح بين الناس، وإزالة الخصومات فيما بينهم، سواء كانت في القضايا المالية، أو في الأحوال الشخصية، أو بين أعضاء الأسرة فإنه مندوب إليه شرعاً.
ثانياً: جواز الكذب للإصلاح بين المتخاصمين بأن ينقل بينهم من كلام الخير ما لم يقولوه ليلين قلوبهم، كما في هذا الحديث، وفي رواية أخرى عن أم كلثوم رضي الله عنها أنها قالت:" لم أسمعه صلى الله عليه وسلم يرخص في شيء مما يقول الناس أنه كذب إلا في ثلاث، وهي الحرب، وحديث الرجل لامرأته، والإصلاح بين الناس " أخرجه مسلم والنسائي، وقال آخرون: لا يجوز الكذب مطلقاً، وحملوا الكذب هنا على التورية والتعريض، كمن يقول للظالم: دعوت لك أمس، وهو يريد اللهم اغفر للمسلمين. الحديث: أخرجه الخمسة غير ابن ماجة. والمطابقة: في قوله " ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس ".
728 -
" باب قول الإِمام: اذهبوا بنا نصلح "
828 -
معنى الحديث: يحدثنَا سهل بن سعد رضي الله عنهما "أن
(1) بفتح الياء وسكون النون كما أفاده القسطلاني.
فَقَالَ: " اذْهَبُوا بِنَا نُصْلِحُ (1) بَيْنَهُمْ ".
ــ
أهل دماء اقتتلوا" أي وقعت بينهم خصومة شديدة أدّت إلى الاشتباك بالأيدي والضرب بالحجارة، حتى ترامت أخبارهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة " فقال: اذهوا بنا نصلح بينهم " أي فخرج إليهم النبي صلى الله عليه وسلم في جماعة من أصحابه، وروي في سبب ذلك أن امرأة من الأنصار يقال لها " أم زيد " كان بينها وبين زوجها شيء فحبسنها في عُلِّيَّةِ بيته، فبلغ ذلك قومها، فجاءوا وجاء قومه، واقتتلوا بالأيدي والنِّعال، فأنزل الله تعالى (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا). الحديث: أخرجه الشيخان وأبو داود والنسائي بألفاظ مختلفة.
فقه الحديث: دل هذا الحديث. على مشروعية خروج الإمام عند حدوث النزاع والخصام، وتفاقم الأمر، للإصلاح بين الطرفين المتنازعين، وهو مصداق قوله تعالى:(وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا) قال قتادة: نزلت في رجلين من الأنصار، كانت بينهما مدارأة -أي خصومة- في حق بينهما، فقال أحدهما: لآخذن حقي عنوة لكثرة عشيرته، ودعاه الآخر أن يحاكمه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأبى أن يتبعه، فلم يزل الأمر بينهما حتى تواقعا وتناول بعضهم بعضاً بالأيدي والنِّعال والسيوف (2)، فنزلت هذه الآية. قال أهل العلم: لا يخلو الأمر إما أن يقع البغي منهما جميعاً فالواجب حينئذ السعي بينهما بما يصلح ذات البين، ويؤدي إلى المكافّة والموادعة، فإن لم يصطلحا قوتلا، وإما أن يقع البغي من إحداهما، فالواجب أن تقاتل فئة البغي حتى تكف وتتوب، فإن التحم القتال بينهما
(1) يجوز فيه الجزم لأنه جواب الأمر، ويجوز الرفع على تقدير نحن نصلح كما أفاده العيني.
(2)
" تفسير القرطبي " ج 16.