الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
797 - " بَابُ قِصَّةِ يَأجُوجَ وَمَأجُوجَ
"
918 -
عَنْ زَيْنَبَ بنْتِ جَحْش رضي الله عنها:
أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَيْهَا فَزِعَاً يَقُولُ: " لا إلهَ إلَّا اللهُ، وَيْل لِلْعَربِ مِنْ شَر قَدْ اقْتَرَبَ، فُتِحَ اليَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأجُوجَ ومَأجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ -وَحَلَّقَ بأُصْبُعِهِ الإبهَامَ والتي تَلِيهَا- قالَتْ زَيْنَبُ بنْتُ جَحْشٍ: أنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ: " نَعَمْ إذَا كَثُرَ الْخَبَثُ ".
ــ
وكان عليه دم أخيه، ونصيب من دم كل نفس تقتل إلى يوم القيامة.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: أن قابيل هو أوّل أولاد آدم عليه السلام، وأول ذريته وهو ما ترجم له البخاري كما يدل عليه قولى صلى الله عليه وسلم:" إلاّ كان على ابن آدم الأول كفل من دمها ". ثانياًً: أن أوّل جريمة قتل وقعت على هذه الأرض هي جريمة قابيل حين قتل أخاه هابيل، فكان أوّل من سن القتل، ولهذا ما من جريمة قتل تحدث إلاّ وعليه كفل من دمها، والمطابقة: في قوله: " إلّا كان على ابن آدم الأوّل كفل من دمها ". الحديث: أخرجه الشيخان والترمذي والنسائي وابن ماجة.
797 -
" باب قصة يأجوج ومأجوج "
وهما جنسان متوحشان من البشر يتكونان من قبائل كثيرة تبلغ اثنتين وعشرين قبيلة كما أفاده محيي السنة،
918 -
معنى الحديث: تحدثنا زينت بنت جحش رضي الله عنها " أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها فزعاً يقول: لا إله إلاّ الله " أي دخل عليها خائفاً مضطرباً، يلهج لسانه بكلمة التوحيد -كما هي عادته- صلى الله عليه وسلم عند الخوف من شيء ما، إيذاناً بتوقع أمر مكروه يحدث في هذا العالم لا نجاة
منه إلا بالالتجاء إلى الله، والاستجارة بسلطانه. " فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وحلق بأصبعيه الإِبهام والتي تليها " أي فتح اليوم من سد يأجوج ومأجوج الذي بناه ذو القرنين ليكون مانعاً لهما من غزو الشعوب المجاورة ثغرة صغيرة مثل الحلقة التي تُرى عند إيصال طرف السبابة بأصل الإِبهام، قال القسطلاني: والمراد بالتمثيل التقريب لا حقيقة التحديد، قالت زينب:" فقلت: أنهلك وفينا الصالحون " أي كيف يسلّط الله علينا هذه الشعوب المتوحشة فتهلكنا وتقضى علينا وفينا المؤمنون الصالحون، وكأنها أخذت ذلك من قوله تعالى:(وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ)" فقال صلى الله عليه وسلم: نعم إذا كثر الخبث " أي نعم يهلك العامة بفساد الخاصة، ولو كان فيهم الصالحون إذا انتشرت الفواحش، وفشت المنكرات، ولم ينكرها أحد، كما قال تعالى:(وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً).
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: وجود يأجوج ومأجوج، واختراقهم للسد في آخر الزمان قرب الساعة. كما تحدَّث عنهم القرآن في سورة الكهف، وذكر أنهم شعوب مخربة حمى الله البشريّة من شرهم بذلك السد، وكما ورد ذكرهم في بعض الأحاديث الصحيحة كحديث الباب، وحديث النواس بن سمعان حيث قال فيه: " فبينما هو كذلك إذا أوحى الله تعالى إلى عيسى أني قد أخرجت عباداً لا يدان لأحد بقتالهم -أي لا يقدر أحد على حربهم- فحرز عبادي إلى الطور، ويبعث الله يأجوج ومأجوج، وهم من كل حدب ينسلون، فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية فيشربون ما فيها.
ثم قال: ويحصر نبي الله عيسى حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيراً من مائة دينار، فيرغب نبي الله، فيرسل الله عليهم النغف -أي الدود- فيصبحون فرسى -أي قتلى- كموت نفس واحدة " أخرجه مسلم.
وأرجح ما وصل إليه الباحثون في شأنهم أن يأجوج هم التتر ومأجوج هم المغول أي أنهما من هذين الشعبين وأصلهما من أب واحد يسمى " ترك "
وقد كانوا يسكنون الجزء الشمالي من آسيا، وتمتد بلادهم ما بين التيبت والصين إلى المتجمد الشمالي شمالاً، وتركستان الشرقية غرباً، ويذكر المؤرخون أن هذه الأمم المتوحشة كانت تغير على الأمم المجاورة لها كثيراً حتى وصل غزوهم الوحشي في العهد القديم إلى أوربة، وكثيراً ما أغاروا على بلاد الصين وآسيا الغربية التي كانت مقر الأنبياء، وقد تحدث القرآن عنهم كما تحدث أيضاً عن " سد يأجوج ومأجوج " وجاء ذكره في حديث الباب كما جاء ذكرهم أيضاً.
وقد تسربت بعض هذه الشعوب المتوحشة إلى الشرق الأوسط وتحقق ذلك بغزو التتار للمسلمين والعرب، وتخريبهم لبلادهم، وقضائهم على الدولة العباسية، واستيلائهم على بغداد وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم اقتحامهم لهذا السد في قوله صلى الله عليه وسلم:" فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه، وحلق بأصبعه الإِبهام والتي تليها ". أما هذا السد ومكانه، وأين هو؟ فليس في ذلك نص صريح عليه، وقد دلت الكشوفات العلمية على وجود سدين عظيمين " أوّلهما " شرقي البحر الأسود بالقرب من (1) مدينة باب الأبواب، وقد اكتشف في القرن الحالي. والثاني وراء نهر جيحون في عمالة بلخ واسمه باب الحديد بمقربة من مدينة ترمذ، والذي تدل عليه الدلائل التاريخية والكشوفات العلمية أن سد يأجوج ومأجوج هو هذا السد الأخير الذي وراء نهر جيحون والمسمى بسد باب الحديد، لأنه هو الذي اخترقه التتار والمغول أثناء زحفهم على البلاد الاسلامية، وهو الذي اجتازه هولاكو بجيوشه الغازية لغزو الخلافة العباسية في عهد الخليفة المستعصم بالله، حيث استولى على بغداد في أواسط القرن السابِع الهجري، ووقعت فريسة للسلب والنهب سبعة أيام سالت فيها الدماء أنهاراً، وطرحوا كتب العلم في نهر دجلة وجعلوها جسراً يمرون عليه. وقد مر بهذا السد المسمى " بسد باب الحديد " والذي يترجح أنه سد يأجوج
(1)" تفسير المراغي " ج 16.