الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
721 - " بَابُ مَا قِيلَ في شَهادَةِ الزُّورِ
"
821 -
عَنِ أبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
قَالَ النبي صلى الله عليه وسلم: " ألا أُنَبِّئُكُمْ بَأكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟ " ثَلاثاً، قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ:" الإِشْرَاكُ باللهِ، وعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ " وَجَلَسَ، وَكَانَ مُتَّكِئَاً، فَقَالَ:" أَلا وَقَوْلُ الزُّورِ " فما زَالَ يُكَرِّرُهَا حتى قلْنا لَيْتَهُ سَكَتَ.
ــ
721 -
" باب ما قيل في شهادة الزور "
821 -
قوله صلى الله عليه وسلم: " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثاً ". إلخ الكبائر: جمع كبيرة وهي كل معصية ترتب عليها حد في الدنيا أو عقوبة شديدة في الآخرة. و" ألا " استفهام، وتكرار لسؤال ثلاثاً للمبالغة في تنبيه السامعين إلى إلقاء السمع والإِصغاء لما يلقيه إليهم لأهميته.
ومعنى الحديث: أن النبي حرصاً منه على نجاة أمته وسلامتهم وسعادتهم أراد أن يحذرهم عن أخطر المعاصي وأعظمها عند الله تعالى ليجتنبوها فيسلموا من غضب الله ويسعدوا بطاعته ورضاه، فقال لهم:" ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثاً " وإنما وجه إليهم النبي صلى الله عليه وسلم هذا السؤال أولاً وكرره عليهم ثلاث مرات، ليوجه أسماعهم إليه، ويحضّر قلوبهم لاستماع ما يلقيه إليهم حتى يكون أشد وقعاً على نفوسهم، وأعظم تأثيراً فيها، ولهذا قال لهم: ألا ترغبون أن أخبركم عن أعظم المعاصي عقوبة عند الله تعالى وكرر هذا السؤال ثلاث مرات " قالوا: بلى يا رسول الله " نريد أن تخبرنا عنها لنتجنبها وننجو من شرها، فأخبرهم أن أكبر الكبائر على الإطلاق ثلاثة أعمال " قال: الإشراك بالله " أي أولها الإِشراك بالله بأن يجعل لله شريكاً في ربوبيته أو ألوهيته أو صفاته، وهو الكبيرة الأولى التي لا تغتفر، كما قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ
بِهِ) ومن مات عليها كان مخلداً في النار كما قال تعالى: (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ)" وعقوق الوالدين " أي وثانيها عقوق الوالدين. أي الاساءة إليهما بالقول أو الفعل، لأنهما السبب الظاهري في وجود الإِنسان. وقد قرن الله تعالى حقهما بحقه في قوله تعالى:" (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) فالإِساءة إليهما من أعظم أنواع الجحود ونكران الجميل، لأن إحسانهما وفضلهما لا يماثله أي إحسان في هذا الوجود، ولهذا جعل النبي صلى الله عليه وسلم عقوق الوالدين من أعظم الكبائر " وجلس وكان متكئاً فقال: " ألا وقول الزور " فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت " أي ولما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يخبر أمته عن المعصية الثالثة التي هي من أكبر الكبائر وهي " شهادة الزور " اعتدل في جلسته بعد أن كان معتمداً على وسادة اهتماماً بما سيقوله من التحذير عنها " فقال: ألا وقول الزور " أي وانتبهوا فإن من أكبر الكبائر شهادة الزور وهي أن تشهد شهادة كاذبة مخالفة للواقع، قال الشرقاوي: وإضافة القول إلى الزور من إضافة الموصوف إلى صفته، والمراد به شهادة الزور، وفي رواية " ألا وقول الزور، وشهادة الزور " والعطف للتأكيد، ومعناه أن قول الزور وشهادة الزور شيء واحد.
" قال: وما زال يكررها " أي يكرر قوله: ألا وقول الزور حتى قلنا ليته سكت " يعني تمنينا سكوته شفقة عليه. الحديث: أخرجه الشيخان وأحمد والترمذي.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: تحذيره صلى الله عليه وسلم الشديد لأمته عن شهادة الزور حيث لم يكتف بعدها من أكبر الكبائر، وإنما أضاف إلى ذلك مبالغته صلى الله عليه وسلم في الاهتمام بها، فاعتدل في جلسته، وكرر التحذير منها مرات كثيرة حتى قالوا: ليته سكت، وهو صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك إلاّ لشدة خطورتها، وعظم جُرْمِها وسهولة وقوعها، والتهاون بأمرها، وتعدي ضررها، وتطاير شررها حتى قالوا شهادة الزور تقضي على صاحبها في الدنيا