الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
836 - " بَابُ تزْويجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خدِيجَةَ وفضلُهَا رضي الله عنها
"
977 -
عن عَائِشَةَ رضي الله عنه قَالَتْ:
ما غِرْتُ على أحَدٍ مِنْ نِسَاءِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم ما غِرْتُ على خَدِيجَةَ، وما رَأيْتُهَا، ولكِنْ كَانَ النبي صلى الله عليه وسلم يُكْثِرُ ذِكْرَهَا، ورُبَّمَا ذَبَحَ الشَّاةَ، ثم يُقَطِّعُهَا أعْضَاءً، ثُمَّ يَبْعَثُهَا في صَدَائِقِ خَدِيجَةَ، فربمَا قُلْتُ لَهُ: كَأنَّهُ لَمْ يَكُنْ في الدنيا امْرَأة إِلَّا خَدِيجَةَ، فَيقُولُ:" كَانت وكانت وكَانَ لِي مِنْهَا وَلَدٌ ".
ــ
836 -
" باب تزويج النبي صلى الله عليه وسلم خديجة وفضلها رضي الله عنها "
قال الحافظ: ذكر المصنف في الباب أحاديث لا تصريح فيها بما في الترجمة ولكن جميع أحاديث الباب يتعلق بالجزء الثاني من الترجمة وهو قوله: وفضلها.
أما خديجة وقصة زواجها فهي خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي أقرب نساء النبي صلى الله عليه وسلم إليه نسباً، تزوجها سنة خمس (1) وعشرين من مولده، زوجه إياها أبوها خويلد، وتزوجها ثيباً بعد زوجها الأول أبي هالة، وكان صلى الله عليه وسلم قد سافر في تجارة لها إلى الشام، فرأى منه غلامها ميسرة ما رغّبها فيه، فتزوجته، وعاش معها حياة سعيدة، حتى توفيت في رمضان في السنة العاشرة من البعثة، وقد عاشت معه خمساً وعشرين سنة على الصحيح.
977 -
معنى الحديث: أن عائشة رضي الله عنها كانت شديدة الغيرة من خديجة وذلك أمر طبيعي لأن من أبرز صفات المحبة في المرأة المحبة لزوجها أنها تغار عليه أشد الغيرة، وتكره أن تشاركها أي امرأة أخرى في حبه لها، أو تشغل باله وتفكيره، فيكثر من ذكرها، أما إذا سبق لهذه المرأة أنها كانت زوجة
(1)" فتح الباري " ج 7.
له، وأنه لا زال يعيش على ذكراها، فإن الغيرة تشتد، وهذا ما وقع للسيدة عائشة رضي الله عنها بالنسبة إلى السيدة خديجة، حيث قالت " ما غرت على أحد من نساء النبي صلى الله عليه وسلم ما غرت على خديجة رضي الله عنها، وما رأيتها " أي مع كوني لم أرها ولم ألتق بها في عصمة النبي صلى الله عليه وسلم " ولكن كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من ذكرها " أي ولكن السبب في شدة غيرتي منها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر الحديث عنها " وربما ذبح الشاة، ثم يقطعها أعضاء، ثم يبعثها في صدائق خديجة " أي وكان يكرم صديقاتها، ويهدي إليهن الهدايا من أجلها، فكثيراً ما كان يذبح الشاة ويقسمها أقساماً، فيهدي إلى كل واحدة من صديقاتها قسماً منها، وفاءً لخديجة، وذلك من شدة محبته لها، ومحافطه على ودها، والعيش على ذكراها. " فربما قلت له: كأن لم يكن في الدنيا إلاّ خديجة " أي فكثيراً ما كنت أخاصمه إذا ذكرها، وتحدث عنها فأقول له: كأن خديجة أنستك النساء جميعاً، فأصبحت لا ترى غيرها في هذه الدنيا " فيقول: إنها كانت وكانت " أي فيعدد فضائلها ومحاسنها، ويقول: إنها كانت صوامة قوامة محسنة إلى غير ذلك كما سيأتي. " وكان لي منها ولد " بفتح الواو وسكون اللام أي وبالإضافة إلى هذه المزايا كلها فقد رزقني الله منها أكثر ذريتي ذكوراً وإناثاً.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: فضل السيدة خديجة رضي الله عنها الذي يتجلى في شدة محبته صلى الله عليه وسلم لها، وتعلقه بها، وعيشِهِ على ذكراها (1)، وإكرام صديقاتها، كما قالت عائشة رضي الله عنها وما رأيتها، ولكن كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر ذكراها، وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاءً ثم يبعثها في صدائق خديجة، وكان صلى الله عليه وسلم إذا استأذنت عليه أختها هالة، وسمع صوتها اهتز فرحاً وسروراً وانتعشت نفسه، وأسرع للقائها، لأن صوتها يشبه صوت خديجة
(1) قال النووي: وفي هذا الحديث ونحوه دلالة لحسن العهد، وحفظ الود، ورعاية حرمة الصاحب والمعاشر حياً وميتاً، وإكرام معارف ذلك الصاحب.