الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
832 - " بَابُ قَوْلِ اللهِ تعَالَى:
(وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ)
"
973 -
عَن أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:
أنَّ رَجُلاً أتَى النبي صلى الله عليه وسلم فَبَعَثَ إلى نِسَائِهِ فَقُلْنَ: مَا مَعَنَا إِلَّا المَاءُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" مَنْ يَضُمُّ هَذَا أوْ يُضِيفُ هَذَا؟ " فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ: أنَا، فانْطَلَقَ بهِ إِلى امْرأتِهِ، فَقَالَ أكْرِمِي ضَيْفَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: ما عِنْدَنا إِلَّا قُوتُ صِبْيَانِي، فَقَالَ: هَيِّئي طَعَامَكِ وَأصْبِحِي سِرَاجَكِ، ونَومِي صِبْيَانَكِ إِذَا أرَادُوا عَشَاءً، فَهَيَّأتْ طَعَامَهَا،
ــ
الله صلى الله عليه وسلم، وأقربهم إلى نفسه، وأحبهم إليه. والمطابقة: في كون الترجمة جزءاً من الحديث.
832 -
" باب قول الله تعالى:
(وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ)
973 -
معنى الحديث: أن رجلاً -من الأنصار- جاء يشكو إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما يعانيه من الجوع الشديد، فقال: يا رسول الله أصابني الجهد أي غلب علي الجوع حتى أضناني، وبذلت كل جهدي في احتماله حتى نفذ صبري، ولم تعد لدي قدرة ولا طاقة على تحمله، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يستضيفه في بيته، فلم يجد في بيته صلى الله عليه وسلم إلاّ الماء فعرض على أصحابه أن يضمه أحدهم إليه في طعامه، فاستضافه أبو طلحة الأنصاري، وذهب به، وقال لامرأته:" أكرمي ضيف رسول الله " وفي رواية " لا تدخريه شيئاً " أي لا تبقي شيئاً من الطعام الموجود عندنا إلاّ قدميه بين يديه " فقالت ما عندنا إلاّ قوت صبياننا فقال: هيئي طعامك " أي أحضري هذا الطعام الموجود لديك " وأصبحي سراجك " يعني
وأصْبَحَت سِرَاجَهَا، ونَوَّمَتْ صِبْيَانَهَا، ثُمَّ قَامَتْ كأنَّهَا تُصْلِحُ سِرَاجَهَا فأطْفَاتْهُ، فجعلا يُرِيَانِهِ أنَّهُمَا يَأكلانِ، فَباتا طَاوِيَيْن، فلَمَّا أصبَحَ غَدا إِلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: ضَحِكَ اللهُ اللَّيْلَةَ أو عَجبَ مِنْ فَعَالِكُمَا فأنزلَ اللهُ عز وجل (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) ".
ــ
وأشعلي مصباحك "ونوّمي صبيانك" دون عشاء، " فهيأت طعامها، وأصبحت سراجها ونوّمت صبيانها " أي فعلت كل ما أمرها به زوجها " ثم قامت كأنها تصلح سراجها فأطفأته " أي ثم قامت إلى المصباح، وهي تظهر للضيف أنها تريد إصلاحه، فأطفأته ليصبح البيت مظلماً، فلا يرى الضيف ما تفعله " فجعلا يريانه أنهما يأكلان " أي يحركان أسنانهما ويظهران للضيف أنهما يأكلان وهما لا يأكلان شيئاً " فباتا طاويين " أي جائعين، " فلما أصبح غدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم " أي ذهب أبو طلحة صباحاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم " فقال: ضحك الله الليلة أو عجب من فعالكما " التي بلغت الغاية في الجود والكرم والإيثار " فأنزل الله عز وجل (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ)" أي فأنزل الله تعالى في وصف الأنصار هذه الآية التي أثنى عليهم فيها بالتضحية والإِيثار وتفضيل مصلحة غيرهم من المسلمين على مصلحة أنفسهم ولو كانوا في أشد حالات الفقر والحاجة، ثم قال: "ومن يوق شح نفسه، فأولئك هم المفلحون " أي ومن يتغلب على غريزة الشح والحرص الموجودة في نفسه ابتغاء وجه الله تعالى فأولئك هم الفائزون في الدنيا والآخرة. الحديث: أخرجه الشيخان.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: ما كان عليه الأنصار رضوان الله عليهم من الجود والسخاء والبذل والعطاء، وإكرام الضيف، وإيثاره على أنفسهم، وأولادهم في حالة الضيق والشدة والفقر، وبذل كل ما يملكونه