الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
805 - " بَابُ قَوْلِ اللهِ تعَالَى:
(وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا)
"
929 -
عَنْ أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللهَ صلى الله عليه وسلم يَقولُ: " أنا أَوْلَى النَّاسِ بابْنَ مَرْيَمَ، والأَنْبِيَاءُ أوْلَادُ عَلَّاتٍ، لَيْسَ بَيني وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ ".
ــ
" خير نسائها مريم " فإن الخيرية تدل على الاصطفاء المذكور في الآية التي ترجم بها البخاري، والله أعلم.
805 -
" باب قول الله تعالى: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا) "
929 -
معنى الحديث: يقول النبي صلى الله عليه وسلم " أنا أولى الناس بابن مريم " أي أنا أقربهم إلى عيسى عليه السلام وأعظمهم له حباً، وأعلمهم بقدره ومنزلته، ولكن مع ذلك لا أقول عيسى بن الله كما قالت النصارى، وإنما أقول هو عبد الله ورسوله كما نطق بذلك في المهد فقال:" إني عبد الله "" والأنبياء أولاد علات " بفتح العين وتشديد اللام، قال العيني: وهم الإِخوة لأب من أمهات شتى. كما أن الإخوة من الأم فقط أولاد أخياف، والأخوة من الأبوين أولاد أعيان. ومعناه أن أصول الأديان السماوية التي جاء بها الأنبياء واحدة، وفروعها مختلفة متعددة. الحديث: أخرجه الشيخان وأبو داود.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: أن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم أعلم بقدر المسيح، وأشد له حباً من النصارى الذين يزعمون أنه ابن الله، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً، ولكنه لا يقول فيه إلاّ كلمة الحق، وهي أنه عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم الخ. ثانياًً: أن الأديان السماوية متفقة
930 -
عَنْ أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:
عَنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "رَأى عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ رَجُلاً يَسْرِقُ، فَقَالَ لَهُ: أسَرَقْتَ؟ قَالَ: كَلَّا وَاللهِ الذِي لَا إلَهَ إِلَّا هُوَ، فَقَالَ عِيسَى: آمَنْتُ بِاللهِ وَكَذَّبْتُ عَيْني".
ــ
على أصول الإيمان، من الإيمان بالله، وملائكته وكتبه ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره، والمحافظة على حقوق الإنسان وإن كانت مختلفة في أحكامها الفقهية. والمطابقة: في كون الحديث يتعلق بعيسى الذي انتبذت به أمه مكاناً شرقياً.
930 -
معنى الحديث: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: " رأى عيسى بن مريم رجلاً يسرق " أي شاهده بعينه وهو متلبس بالسرقة، " فقال له: سرقت " أي فأنكر عليه وقال له: لقد ارتكبت يا هذا جريمة السرقة، واقترفت كبيرة من الكبائر " قال: كلا والله الذي لا إلا هو " أي فأنكر الرجل، ونفى عن نفسه السرقة بشدة، وأكد ذلك بالقسم " فقال عيسى: آمنت بالله وكذبت عيني " أي صدقت من حلف بالله، وكذبت ما ظهر لي من كون ما أخذه هذا الرجل سرقة لاحتمال أنه أخذ شيئاً له فيه حق، أو أخذ مالاً أذن له فيه صاحبه. الحديث: أخرجه الشيخان. والمطابقة: في كون الحديث يتعلق بعيسى.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: فضل المسيح عليه السلام وشدة تعظيمه لله. ثانياًً: درء الحدود بالشبهات، لأن عيسى تراجع عن حكمه على الرجل بالسرقة لما ظهرت له بعض الشبهات والاحتمالات. ثالثاً: أن القاضي لا يحكم بعلمه، وإنما يحكم بالبينة أو اليمين، وهو مذهب الحنابلة، والراجح عند المالكية، وأجازه الشافعية في غير الحدود.
931 -
عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " لَا تُطرونِي كما أطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ، فَإِنَّمَا أرنا عَبْدُهُ، فَقُولُوا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ ".
ــ
931 -
معنى الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم حرصاً منه على توحيد الله تعالى، وخوفاً على أمته من الشرك الذي وقعت فيه الأم السابقة، حذَّرها عن الغلو فيه، ومجاوزة الحد في مدحه بنسبة أوصاف الله تعالى وأفعاله الخاصة به إليه. كما غلت النصارى في المسيح بوصفه بالألوهية والبنوة لله تعالى، فوقعت في الشرك كما قال تعالى:(لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ). " فإنما أنا عبده، فقولوا عبد الله ورسوله " أي فصفوني بالعبودية والرسالة كما وصفني الله تعالى بذلك، ولا تتجاوزوا بي حدود العبودية إلى مقام الألوهية أو الربوبية كما فعلت النصارى، فإن حق الأنبياء العبودية والرسالة، أما الألوهية فإنها حق الله وحده.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: التحذير من الغلو والإِسراف في المدح، ومجاوزة الحد، والمدح بالباطل، لأن ذلك قد يفضي إلى الشرك، وإنزال العبد منزلة الرب، ووصفه بصفاته، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم:" لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم ". ثانياًً: أن كفر النصارى إنما كان بسبب غلوهم في المسيح والقديسين والقديسات من بعده، وقولهم في عيسى إنه ابن الله، حتى أدى بهم ذلك إلى تحريف الكتب المقدسة، لكي يستدلوا بها على صحة مزاعمهم الباطلة، حتى إن بعضهم تجرأ فاستدل بآية من القرآن الكريم على فهمه السقيم، فقد روي أن عظيماً من النصارى ناظر علي بن الحسين بن واقد المروزي في مجلس الرشيد ذات يوم فقال له: إن في كتابكم ما يدل على