الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
انتصار الجيش النبوى إلى المدينة المنورة ومن هنا تزوج عثمان بن عفان أختها الصغرى أم كلثوم-رضى الله عنها-فسعد. ولما كانت فى الحبشة ولدت ابنها عبد الله بن عثمان وعاش الغلام خمس أو ست سنوات بناء على بحث ابن الأثير ثم نقر عينه الديك فتورم وجه الصغير المعصوم ومات فى خلال السنة الرابعة الهجرية، وفى شهر جمادى الأولى متأثرا بهذا الحادث.
سواء أكانت رقية أو أختها أم كلثوم-رضى الله عنهما-كان عقد نكاحهما أولا لابنى أبى لهب عتبة وعتيبة، أى عقد نكاح رقية لعتبة ونكاح أم كلثوم لعتيبة، وبما أن زوجة أبى لهب أم جميل شعرت بالخزى والعار عند نزول سورة تبت فسخت نكاحهما قبل الزفاف، مع أن هذا الفعل كان بالنسبة إلى المشار إليهما مصدر خير ولطف وإحسان وبالنسبة لعتبة وعتيبة مجلب ذل وخسران وهوان.
فاطمة بنت أسد-رضى الله عنها-بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف القرشى ووالدة سيدنا على ابن أبى طالب-كرم الله وجهه-المشفقة. قد دفنت فى دار عقيل أول أضرحة بنى هاشم والضريح كان أمام حمام
(1)
أبى مطيعة فى الروحاء وعند البعض بالقرب من ضريح عباس بن عبد المطلب.
قطعة شعرية
هى جوهر سبط اللآلئ
…
فاطمة بنت أسد أم حيدر الكرار على
أثنى عليها الحق تعالى كل الثناء
…
إنها جدة جميع الشرفاء
وإن كانوا ينسبون القبر والضريح الذى فى آخر مقبرة البقيع إلى فاطمة بنت أسد، ولكن على أرجح الأقوال أنها لم تدفن فى هذا الضريح بل دفنت فى
(1)
هذا الحمام ليس حماما عاديا إنه اسم نخلة مشهورة فى الجهة الشمالية لقبر إبراهيم-عليه وعلى أبيه التعظيم.
الضريح سالف الذكر. لأن النبى صلى الله عليه وسلم كان يحب السيدة فاطمة حبا جما وهذا ثابت وبما أنها ماتت فى حياة الرسول فمن المحال أن يكون قد دفنها خارج البقيع الشريف، ويمكن الاستدلال على ذلك بما قاله النبى صلى الله عليه وسلم عندما نصب حجرا على رأس قبر ابن مظعون قائلا:«فليكن هذا الحجر علامة قبر أخى فى الرضاعة وليدفن هنا من توفى من أهلى» ،وبناء على ذلك فقبر المشار إليها إما فى «الروحاء» أو فى «دار عقيل» ولا شك فى ذلك وقد كفن النبى صلى الله عليه وسلم فاطمة بنت أسد بقميصه وأنزلها بنفسه فى القبر وبعدما أهال التراب فوق التراب وغطى القبر بكى كثيرا.
التوضيح: لم ينزل النبى صلى الله عليه وسلم فى أى قبر لوضع الجنازات إلا فى قبر خديجة الكبرى، عبد الله المزنى، وابن الخديج، وأم رومان، وفاطمة بنت أسد.
وأنزل الأشخاص الذين ذكرناهم فى قبورهم ودعا لهم بما يليق. حتى أنه جلس على رأس قبر فاطمة بنت أسد بعد الدفن وبكى بكاء شديدا مديدا ودعا على النهج التالى:
عبد الرحمن بن عوف-رضى الله عنه-:دفن بالقرب من قبر عثمان بن مظعون الكائن فى الجهة الشرقية لزاوية دار عقيل، قد أرسلت عائشة-رضى الله عنها-أحدا إلى عبد الرحمن بن عوف وهو يحنضر ليقول له إذا ما شئت هيأت لك قبرا بالقرب من قبر النبى.
فرد قائلا لا أستطيع أن أضيق لك بيتك، وكنا قد تعاهدنا مع عثمان بن مظعون على أن يدفن الثانى بجانب الذى يموت أولا فادفنينى بجانبه فأتت بجنازته وبعد الصلاة عليها أمرت بدفنها فى دار عقيل.
وكان عبد الرحمن بن عوف أحد العشرة المبشرين من الأصحاب بالجنة، وأبوه عوف بن عبد الحارث بن زهرة ابن كلاب بن مرة، وأمه شفاء بنت عوف بن
الحارث بن زهرة، ولد بعد عام الفيل بعشر سنين، وأسلم بواسطة الصديق الأكبر قبل اختفاء المسلمين فى دار الأرقم، هاجر أولا إلى الحبشة وبعد عودته منها هاجر إلى المدينة المنورة وتآخى هو وسعد بن الربيع، واشترك فى جميع غزوات النبى صلى الله عليه وسلم. ومات فى السنة الحادية والثلاثين من الهجرة وعمره سبعون عاما أو خمسة وسبعون عاما على قول آخر، وأوصى أن ينفق خمسون ألف دينار من ماله فى سبيل الله، كما أوصى أن يعطى لبقية أصحاب بدر لكل واحد منهم أربعمائة دينار
(1)
.
وبقى له بعد وفاته مائة رأس فرس و (3000) غنم و (1000) جمل، وأصاب كل واحدة من زوجاته الأربع ثمانون ألف دينار كحصة إرثية، عندما هاجر إلى المدينة المنورة عقد رابطة الأخوة مع سعد بن الربيع سالف الذكر وأخذ فى الأخذ والعطاء والتجارة. وبفضل دعاء النبى صلى الله عليه وسلم أحسن الله إليه وأنعم له بأموال لا تحصى ونقود لا تعد ونال بسهولة المعيشة الرغدة فى الدنيا، وقد استخرج مما تركه من سبائك الذهب والفضة من حفرة خزانتها بالفأس والمجرفة.
وقد جرحت يدى حافر حفرة الخزانة إلى أن أخرج السبائك كلها. وأوصى أن تعطى لأمهات المؤمنين حديقة نخيل غير ما أوصى بإعطائه لأصحاب بدر. وقد بيعت الحديقة التى عين اسمها لإعطائها لأمهات المؤمنين بأربعمائة قطعة ذهبية وعرضت لأمهات المؤمنين كن على قيد الحياة. كان عبد الرحمن بن عوف سخيا كريما لاحد لسخائه وكرمه، حتى إنه حرر فى يوم واحد ثلاثين نفرا من ربقة العبودية. وتصدق فى ذلك اليوم بسبعمائة ناقة عائدة من التجارة بكل ما تحمله من أمتعة وأغذية. وكان فضل المشار إليه وكمال أخلاقه كما يجب إذ اشترك فى غزوة تبوك وتولى أمانة النبى صلى الله عليه وسلم فسماه النبى صلى الله عليه وسلم أمين هذه الأمة.
سعد بن أبى وقاص-رضى الله عنه-:دفن سعد بن أبى وقاص فى الجهة الشرقية السامية من دار عقيل حيث أراه بنفسه وعينها. إذ أخذ ذاته السامية قبل وفاته عدة أوتاد مدببة وذهب مع الصحابى أبو دهقان إلى مقبرة بقيع الغرقد
(1)
كان حيّا عندما توفى عبد الرحمن بن عوف من غزاة بدر وأصحاب الصفة مائة نفر.
وركز تلك الأوتاد فى الركن الشرقى الشامى من المنزل سالف الذكر ثم قال: «يا أبا دهقان! إذا ما مت احفروا هذا المكان وادفنونى فيه» وحينما توفى بحث أبو دهقان عن ابن المتوفى وروى له الحكاية وأراه المكان المذكور ذاهبا إلى بقيع الغرقد فأخرج ابن سعد الأوتاد ودفن جنازة والده هناك وأوفى بوصيته.
كان سعد يكنى بأبى إسحاق وأبوه وهيب أو أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤى ابن أبى وقاص مالك، وأمه بنت سفيان أو أبو سفيان ابن أمية بن عبد شمس حمنة أسلم وعمره سبعة عشر عاما اشترك فى جميع غزوات النبى صلى الله عليه وسلم وكان الخامس أو السابع من السابقين إلى الإسلام وهو أحد المبشرين العشرة بالجنة وأحد أصحاب الشورى الستة.
وقد مات فى عام خمسة وخمسين هجرية بناء على قول الواقدى أو فى ثمانية وخمسين من السنة الهجرية بناء على قول أبى نعيم الفضل بن دكين أو مات فى سنة أربع وخمسين من الهجرة بناء على تدقيق وتحقيق الزبير بن عمرو، ومات فى مكان ما من وادى العقيق على بعد سبعة أميال من المدينة المنورة ثم حمل نعشه إلى المدينة المنورة ودفن فى المكان الذى سبق وصفه، وهو آخر من توفى فى المدينة من المهاجرين الكرام. وفى حالة احتضاره خلع جبته الصوفية، وقال موصيا: ادفنونى بهذه لأنها كانت على ظهرى حينما لاقيت مشركى قريش فى بدر.
عبد الله بن مسعود-رضى الله عنه-:مات عبد الله بن مسعود فى السنة الثانية والثلاثين من الهجرة وقد تجاوز الستين من عمر، ودفن فى مكان قريب من ضريح عثمان بن مظعون. لأنه قد ذهب قبل موته إلى البقيع وأوصى بأن يدفن فى ذلك المكان الذى عينه. وكان حضرته من فضلاء الصحابة الزاهدين وأبوه مسعود بن غافل بن حبيب بن سمح بن فار بن مخزوم ابن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تيم بن سعد بن هذيل ابن مدركة بن إلياس بن مضر، وأمه أم عبد الله بنت عبد ود بن سواء الهذلية.
وكان عثمان بن عفان حين وفاة عبد الله بن مسعود خليفة فزاره وعاده عند احتضاره وقال له عند عزمه على العودة:
إذا ما رضيت فأنا أرغب فى أن أقدم لبناتك بعض العطايا وكان يريد بهذا الاستفسار أن يحسن إلى بنات عبد الله بن مسعود. فرد ابن مسعود قائلا أنا لا أخشى على بناتى من الفقر والخصاصة، وقد نبهتهن إلى ضرورة قراءة سورة الواقعة كل ليلة مرة وأوصيهن بأن يداومن على هذه الأصول لأنى كنت سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول: كل من دوام على قراءة سورة الواقعة فى الليالى يأمن تسلط الفقر والحاجة عليه.
وبهذا القول امتنع عن تقديم العطايا لبناته؛ رضى الله عنه.
حنيس بن خذافة السهمى
(1)
-رضى الله عنه-كان خنيس بن حذافة بن قيس بن عدى بن سعد بن سهم بن عمرو بن هصيص ابن كعب بن لؤى القرشى السهمى زوج حفصة بنت عمر بن الخطاب الأول وهو أحد مهاجرى الحبشة، خرج فى غزوة أحد ومات بعد ملحمة بدر الكبرى بخمسة وعشرين عاما ودفن فى مكان قريب من ضريح عثمان بن مظعون.
أسعد بن زرارة
(2)
-رضى الله عنه-:هو سعد بن زرارة أبو أمامة ابن زرارة بن عدس بن عبيد بن ثعلبة بن غنم ابن مالك بن النجار بن ثعلبة بن الخزرج الأنصارى وهو أحد الأنصار السابقين للإسلام بل أولهم ونصب نقيبا من قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم لقبيلة بنى ساعدة التى ينتسب إليها.
وقد وجد فى بيعات العقبة الأولى والثانية والثالثة وعرض البيعة قبل الكل وتوفى فى خلال شهر شوال من العام الهجرى؛ فدفن فى مكان قريب من ضريح عثمان بن مظعون، وقبره لامع الأنوار فى وسط مقبرة البقيع، وبجانب ضريح ابن الرسول عليهما السلام إلا أنه ليس لقبره علامة خاصة. وعند ما يزار ضريح إبراهيم-عليه التعظيم-فلا تنس قراءة الفاتحة على روحه لتذكره.
فاطمة بنت رسول الله «عليهما الصلاة والسلام» :ارتحلت السيدة فاطمة الزهراء-رضى الله عنها-عن دنيانا بعد والدها بسبعين يوما ودفنت-على القول الأرجح-على زاوية دار عقيل اليمانية التى تقع فى داخل مقبرة بقيع الغرقد.
(1)
انظر ترجمته فى الإصابة 142/ 2.
(2)
انظر ترجمته فى الإصابة 32/ 1.