الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صانه صاخرا اليوم تلتقيه لا جرم
…
ثم إن حاولت تاريخا لتجديد ذكر
فاستمع من حق ما يتلى عليك من رقم
…
عد مفصولات الفات فذاك التاريخ
جدد السلطان الأعظم مصطفا هذا الحرم
فى سنة 111 هـ
.
خرب أحد سقوف مؤخرة حرم السعادة إذ أصابته صاعقة وذلك بعد عودة سليمان باشا إلى باب السعادة بعدة أشهر، وبناء على ما قدم من الرجاء قد رقى الباشا المشار إليه إلى رتبة أعلى وأسندت إليه ولاية جدة وأمر بأن يهتم بتعمير سقوف الحرم السعيد الذى تعرض للخراب، فوصل سليمان باشا إلى المدينة المنورة وعمر المواقع المذكورة كما يجب وعلى الوجه المطلوب وكتب على ركن من أركان ذلك السقف:
جدد هذا السقف الشريف، ملك البرين والبحرين، خادم الحرمين الشريفين السلطان الغازى مصطفى خان، خلد الله ملكه وذلك بنظارة العبد الفقير المعترف بالتقصير، الحاج سليمان باشا، المحافظ فى جدة المعمورة المشرف بخدمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك فى سنة 1112 هـ.
وللسلطان أحمد خان الثالث بن السلطان محمد خان الرابع خدمات مشكورة لحرم السعادة، قد أخبر فى سنة 1132 هـ أن اثنى عشر عمودا متصلة بالساحة الرملية التى فى الجهة الغربية لجدران حرم السعادة أشرفت على الخراب، من قبل أعيان البلدة وموظفى دار السكينة وصدرت الإدارة السلطانية بإرسال موظف بسرعة لتجديد تلك الأعمدة وتعميرها فوجهت أمانة البناء لشخص يدعى الحاج موسى أغا وأرسل إلى المدينة المنورة.
ووصل الحاج موسى إلى دار الهجرة العالية وبعد كشف المواقع الشريفة بدلالة أصحاب الخبرة جدد تلك الأعمدة الإثنى عشر والجهات الأخرى من حرم السعادة
فى صورة كاملة فى سنة (1133 هـ) وكتب على أحد الأعمدة التى ركزت جديدا أيد الله نصر دولة من جدد هاتين المنامتين الشريفتين، ملك البرين والبحرين خادم الحرمين الشريفين السلطان بن السلطان الغازى أحمد خان، ابن الغازى محمد خان، خلد الله ملكه وذلك بمباشرة العبد الضعيف، الحاج موسى ووافق بتجديد تاريخ المنامتين بالمسجد، سنة ألف ومائة وثلاثة وثلاثين، وأمر بكتابة هذا التاريخ.
وبعد أن أتم تعمير الأعمدة المذكورة فهم بعد الكشف والمعاينة أن بعض أعمدة حرم السعادة آلت إلى الخراب فهدم تلك الجهات فى الحال أيضا وأحكم تشييدها هكذا ثم عاد إلى باب السعادة وقد أتم مهمته على خير وجه، وقد رقى إلى رتبة أمير الأمراء ومنح مكافأة سلطانية خاصة له.
وخدمات السلطان محمود خان الأول بن السلطان مصطفى خان للحرمين كثيرة بدرجة فوق العادة، فقد ظهرت علامات السقوط والانهيار فى سقف حرم السعادة وأبلغ ذلك إلى الباب العالى وعرض الأمر إلى عتبة السلطان المشار إليه، فأحال الأمر إلى الحاج أحمد باشا والى جدة على أن يرسل أحد الأشخاص الذين يعتمد عليهم فى تعمير السقف الشريف فأرسل الباشا المذكور محمد أغا من خاصة أتباعه وذهب محمد أغا إلى المدينة المنورة وقام بأداء مهمته وكتب حول السقف الذى جدده عبارة: «أمر بعمارة هذا الرواق الشريف، ملك البرين والبحرين، خادم الحرمين الشريفين مولانا السلطان الغازى محمود خان، بن المرحوم السلطان مصطفى خان، عز نصره وذلك بمعرفة الحاج أحمد باشا محافظ بندر جدة المعمورة وبمباشرة تابعه الحاج محمد آغا ثم عاد، وذلك فى سنة 1149.
كان السلطان المشار إليه قد أرسل ثريا مجوهرة لتعليقها فى قبر الرسول كما أرسل غطاء جميلا من أجل قبر فاطمة الزهراء وأرسل إلى الروضة المطهرة 88 قطعة من أبسطة وعددين من الشمعدان الذهبى، وقد أرسلت الأشياء المذكورة فى عهدة عثمان أغا من أغوات باب السعادة، وبما أن المؤرخين قد وصفوا هذه
الهدايا بأن كل واحدة منها كانت أغلى ما أرسل وأجمل ما بعث إلى الحجرة المعطرة وأجملها؛ اقتضى الأمر أن نعطى فرصة لقلمنا ليجول ويصول فى وصف كيفية صنع تلك الأشياء وصورة إرسالها.
وكان أحد الأشياء التى أوصلها أغا باب السعادة عثمان أغا إلى المدينة المنورة كما سبق ذكره أعلاه قطعة من ثريا لا مثيل لها، كانت هذه الثريا فى صفاء الماء وألوان أزاهير نباتات الحقول ومن حيث لمعانها تضارع لمعان سهيل اليمانى، وزنها 725 قيراط مثلثة الشكل، وكانت فى الجهة الأخرى منها زمردة أخرى تتوهج كعين شمس تبهر العيون وزنها 768 قيراط،وكانت فى الجهة الثالثة قطعة زمرد أخرى نورها كأنوار الصباح تلمع فى الجهات الأربع قطعة تحير العقول بجمالها وفى وزن 257 قيراط،وقد بلغ مجموع وزنها 2272 قيراط.
وهذه القطع الثلاث من الزمرد التى تشتهر بالمعدن القديم والتى لا نظير لها كانت أطرافها دائرة ما دار وأعلاها مرصع باثنتى عشرة قطعة كبيرة من الماس كأنها بدر ينير محيط الأبراج السماوية وبأربعين قطعة ماس من حجم متوسط واثنتين وستين قطعة من الماس أقرب إلى الوسط و 114 قطعة ماس التى تعتبر صغيرة بالنسبة للقطع الكبيرة لم يكن لها مثيل، وقطعة ماس كبيرة تحير العقول، وكان طوق تلك الثريا مزينا بتسع عشرة قطعة من الماس مختلفة وكانت حلقتها التى تعلق بها والتى تشبه هالة البدر مزينة بأربع قطع من الماس وكانت تتكون من 352 حبة قيمة من الدر اليتيم مع ثلاثة عشر صفّا من المزين بثلاث عشرة حبة من الزمرد وكانت لائقة أن تكون ثريا عذارى الحور العين.
وكانت الثريا تشمل فى الأماكن التى تجذب الأنظار دررا وغررا وجواهر لا عدّ لها كما تشتمل على صورة غريبة وكانت فى غنى عن الوصف حقا.
إن النقوش تحير العيون والتى نقشت على وجهها الواحد هى أثر من فنانى الياقوت ومن هنا فهى كانت فى نظر من رآها من المؤرخين كعروس تجلت فى حجرة نومها بل كانت من قبيل ما لا عين رأت ولا أذن سمعت.
وبعد أن صنفت الثريا التى سبق تعريفها فى مكانها اللائق، نسجت قطع الأقمشة والأغطية والسجاجيد التى صدر الأمر بصنعها ووضعها فى مشهد الحرم القدسى والروضة المطهرة التى يخدمها الملائكة، وكانت قطعة القماش كسوة جدران المرقد النبوى تعانق دائرا ما دار الحجرة فى جهاتها الأربعة وكانت أرضية هذا القماش الساحر من ستين ذراعا من الأطلس الأخضر وجها وبطانة وقد سطر على هذا القماش الذى يبعث الفرحة السورة الشريفة «الفتح» باستعمال 7000 مثقال من خيوط الفضة النادرة، وزينت ما بين سطورها بجداول لحسنها فبدت كأنوار الشفق وظهرت فى ساحة الأخيار وتمنى رضوان الجنة أن يمسح وجهه عليها.
وحتى يربط ما بين الغطاء الشريف المذكور أرسل 57 قطعة أطلس فى لون الزرع وكل قطعة فى أربعة عشر ذراعا، كتبت عليها بعض الآيات الكريمة وكلمة الشهادة المباركة والصلوات الشريفة ثم أرسلت وأكملت بلوازمها الأخرى، ثم أرسلت أغطية ضريح وردة بستان النبوة، وثمرة سدرة المنتهى للرسالة، سيدة قصر العفة زينة بيت الشرف والسعادة درة السيادة السماوية ولؤلؤة العصمة سيدة النساء وقطعة كبد حبيب الله فاطمة الزهراء-رضى الله عنها-وكانت أرضيتها الغالية حمراء اللون ولون بطانتها خضراء.
وقد كتب فوق (11) قطعة من أجمل أقمشة الأطلس بالخيوط الذهبية بعض الأحاديث الشريفة ببراعة أساتذة الفن، ولما تم صنع أعمالها الأخرى أرسلت إلى المدينة المنورة لتعلق على جدران المسجد النبوى والمعبد المصطفوى توأم الجنة كما أرسلت ثمان وثمانين قطعة سجاد مزخرفة بأنواع نقوش الأزاهير إلى المدينة المنورة لتفرش على ساحة الحرم النبوى، وكان مقدار هذه السجاجيد بالحساب التربيعى 3081 ذراع من القماش والشمعدانان اللذان أرسلا لإنارة المكان الذى بشر بالحديث الشريف الذى يقول «بين قبرى ومنبرى روضة من رياض الجنة» ، وطاف المحراب المشحون بالرحمة حيث توافر أجنحة الروحانية ذات عرب وكانا كأنهما نيران من حيث الشكل أو مثل الفرقدين وكانا مرصعين بأنواع الرسوم
البديعة وكانا من الذهب الخالص مع مقعدين مطليين بالذهب وقد أمر بجعلهما مصباحين لإنارة هذا المكان المبارك مهبط الوحى.
وأرسل الشمعدانان والسجاجيد التى ذكرت بحرا وأرسلت الأغطية والثريا المزينة برا، بعد أن أودعت فى أمانة الصف ووصلت تلك الأشياء التى أرسلت برأ يوم الخميس وبناء على الأمر المطاع من الجميع الأمر السلطانى الذى يحترمه الجميع أخرجت تلك الثريا أمام الباشا الحاج وشيخ الحرم النبوى الحاج عبد الرحمن أغا وقاضى المدينة وأمين الصف وكافة العلماء والخطباء والأئمة والأشراف وحضورهم وبعدما رآها الجميع أخذت بمراسم الآداب والخشوع وقراءة الأوراد والتحيات إلى حجرة سيد الورى المنظمة-عليه أفضل التحايا- حيث علقت فى مكان مناسب.
وهكذا أدى مهمته، وبعد ذلك أخرجت أغطية المرقد النبوى وفق المراسم القديمة بكل تعظيم وتفخيم وعلقت على جدران المشهد المصطفوى وبعد ما كسى مضجع سلطان القصرين ولم يقصر أحد فى بذل أقصى ما يقدر عليه من التوقير والإجلال حين كسى المضجع النبوى ألبست أغطية مرقد الزهراء-رضى الله عنها وبما أنه قد وصلت 88 قطعة من السجاجيد ذات النقوش البديعة والشمعدانان فبسطت السجاجيد على ساحة الحرم النبوى الشريف والروضة المطهرة المصطفوية، ووضع الشمعدانان مع مقعديهما يمين محراب النبى ويساره.
وكان السلطان محمود خان قد أرسل قبل ذلك ثريا أخرى وبما أنها كانت مثل الثريا التى سبق تعريفها فصرف النظر عن تعريف شكلها وهيئتها.
ومن السلاطين الذين خدموا حرم السعادة السلطان الغازى السلطان عثمان خان الثالث بن السلطان مصطفى خان الثانى، إذ كان قد أرسل أمين الصف إبراهيم أغا مكلفا بمهمة كشف وتعمير سقوف مؤخر حرم السعادة التى أشرفت على الخراب بعد ما استأذن منهم بذلك فى سنة (1169 هـ) وأبلغ والى مصر بأن يرسل إلى المدينة الأشياء اللازمة للتعمير سريعا.
ولما وصل إبراهيم أغا إلى المدينة المنورة وجد لوازم البناء التى أرسلت من مصر قد وصلت فعمر السقوف التى أشرفت على الخراب وما احتاج للإصلاح من مواقع حرم السعادة وكتب على السقف الجديد هذه العبارة:
«أمر بعمارة الحرم الشريف السلطان الأعظم السلطان عثمان خان، بن السلطان مصطفى خان، خلد الله ملكه وذلك بمباشرة الحاج المعتمر الأمين إبراهيم أغا، أمين الحرمين الشريفين، وأمين بناء المسجد النبوى بتوفيقه من الله؛ سنة ألف ومائة وسبعين.
والسلطان مصطفى خان الثالث بن السلطان أحمد خان الثالث من السلاطين العثمانية الذين كانوا يبذلون المهج فى سبيل النبى صلى الله عليه وسلم، وقد وصل إلى أعتاب سلطنته أن علامات الانهيار والسقوط قد ظهرت فى بعض أماكن سقف حرم السعادة وبناء على ذلك صدر الأمر السلطانى بالإسراع فى تعمير وتجديد الأماكن التى اقتضت ذلك وأرسل إلى المدينة المنورة بصحبة محمد أمين بن فيض الله أغا مهرة العمال والمعماريين المقتدرين.
ووصل محمد أمين أغا إلى دار السكينة وأصلح الأماكن التى أشرفت على الخراب من سقوف الحرم الشريف بالاتفاق مع أعيان البلاد وموظفى الحكومة وبقرارهم، وعمر بعد ذلك الجدار الذى على يمين مضجع السعادة ويساره بأحجار ملونة مختلفة، وزين جميع جهات الحرم النبوى توأم الجنة.
وجعله مثالا للبيت الذى يقول:
ما حاجتنا لتعريف الشمس بالنور
…
فآثار نوره ظاهرة للعيان
وكتب فوق السقف الذى جدده
أمر بعمارة هذا الحرم الشريف السلطان عبد الحميد خان، بن السلطان أحمد خان خلد الله ملكه مدى الزمان وذلك بمباشرة المفتقر إلى الله، العبد محمد أمين بن فيض الله؛ سنة واحد وتسعين ومائة وألف.
وكتب على اللوحتين المعلقتين مقابل الجدار النبوى من اليمين والشمال تاريخ
مقام المصطفى قف به منكس الرأس ما تريد
…
وتبتل لله الأحد فوق الذى، نرجوه مما عليه مزيد
وادع لمن فاق الملوك الأولى، قد خدموا هذا المكان السعيد
…
سلطاننا عبد الحميد الذى، فى ملكه إذا أمسى نظام جديد
واسأل لأمين بنّآء محمد شفاعته إنه بها سعيد
…
مسجد طه أوجه الأنبياء، جدده الخان عبد الحميد
كتب هذه المنظومة وكتب قطعة.
يا خير من دفنت فى القاع أعظمه
…
فطاب من طيبه القاع والأكم
نفسى فداء لقبر أنت ساكنه
…
فيه العفاف وفيه الجود والكرم
على العمودين الرخاميين المربعين على يمين ويسار ذلك الموقع الشريف، وكتب حول شبكة السعادة دائرا ما دار قصيدة «يا رسول الله! خذ بيدى» البليغة بخط جميل وذهبها، فى سنة 1191.
وقد عمر السلطان عبد الحميد خان بعد هذا التعمير بعشر سنوات بواسطة حامل أسلحة السلطان الحاج محمد أغا ونظارته الباب الخشبى وأساطين الروضة المطهرة، وكان ذلك الباب الخشبى على يسار محراب النبى صلى الله عليه وسلم، وقد أصلح هذه الأماكن فى طراز جميل وكتب الجملة المنجية لا إله إلا الله، الملك الحق المبين وحديث «شفاعتى لأهل الكبائر من أمتى» (حديث شريف) فى المكان الذى ينظر إلى الجدار القبلى للباب المذكور، وكتب فى ذيل هذه الكتابات عبارة (عمره السلطان عبد الحميد خان (1201).
وبعد عام أقيمت مدرسة تضم سبع عشرة حجرة ومحلا للاستذكار ومكتبة وجعل سواء أكان للطلبة الساكنين أو المدرسين أو أمناء دار الكتب مقدارا كافيا من المرتبات واشترى حديقة النخيل وبستان الخضر القريبين من المدرسة ووقف محاصيلها للطلبة الساكنين فى المدرسة وذلك فى سنة (1202).
ومن السلاطين العثمانيين السلطان سليم الذى فخم الحرمين المحترمين أعظم تفخيم وعظم أهاليهما الكرام أعظم تعظيم، وهو السلطان سليم خان الثالث بن السلطان مصطفى خان الثالث، قد أمر فى عصره السعيد بناء على استئذان الأهالى بتعمير وإصلاح جدران الحرم النبوى مخدوم الملائكة والأساطين التى فى داخل الروضة المطهرة التى تعد من الآثار النبوية، وغلف الأساطين الشريفة المذكورة مقدار ذراعين من الأرض بقطع رخام ملون، ونظم قصيدة بذاته لتكتب على قطع الرخام الملونة وأرسلها إلى أمانة البناء، وقد كتبت هذه القصيدة فى بحث الأساطين الملونة، ذلك فى سنة 1208 هـ.
وبعد هذا التعمير بأربعة أعوام قد زين وعمر يمين ويسار جدران باب جبريل قدر ذراعين من الأرض وجدار محراب التهجد كاملا بالصينى، وطهر ونظف مجرى عين الزرقاء وذلك بنظارة والى الشام عبد الله باشا.
وقد أنفق السلطان الغازى محمود خان الثانى بن السلطان عبد الحميد خان الأول كثيرا من النقود للحرمين الشريفين وأظهر بهذه الطريقة شدة حبه ووداده للنبى صلى الله عليه وسلم.
والحبوب التى خصصت لأهالى الحرمين من السلطنة السنية العثمانية فى عصره، قد شريت وبيعت لسوء إدارة موظفى الدولة وطمع سكان المدينة الأغنياء والتجار، وترك الفقراء والضعفاء جوعى ومرضى دون علاج وأخذ فقراء الحرمين يعانون أشد العناء وأخبر بذلك السلطان وعرض النبأ على عتباته، واستحصل منه على إرادة سنية بخصوص إحصاء السكان لإعادة توزيع المرتبات وتقسيمها من
جديد، وكلف الوالى إبراهيم باشا الذى كان فى ذلك الوقت فى المدينة المنورة بإحصاء نفوس أهالى المدينة، كما عين محافظ مكة خليل باشا لإحصاء عدد سكان أهالى مكة المعظمة.
وقد حرر إبراهيم باشا أسماء سكان المدينة المنورة وقيدها بأسرها كما حرر خليل باشا أيضا أسماء سكان مكة المكرمة وحدا الدفترين وبعد ختمهما أرسلاهما إلى والى مصر محمد على باشا كما أن الباشا المذكور أرسل الدفترين ملفوفين بالكشف الذى ستبين صورته فيما يأتى إلى الباب العالى.
وظن بعض الأهالى من هذا الإحصاء أن الدولة تريد أن تجند أبناءهم وأخفوا عددهم، لذا لم يدرج أسماء كثيرين منهم فى الدفاتر ولكن المجربين منهم فهموا الموضوع ووجدوا طريقة لإدراج أسمائهم فى آخر الدفاتر بواسطة موظفى الإدارة المصرية ولكن الذين لا يعرفون أحدا ظلوا غير مقيدين.
صورة القائمة التى كتبها محمد على باشا إلى مقام الصدارة العظمى السامى:
إن الغلال التى خصصت ورتبت من مصر فى السنين السابقة لأهالى الحرمين عفى نظامها مع مرور السنين وأبدل وأخذت تباع وتشترى فيما بينهم حتى استولى عليها الأغنياء، واضطروا فقراءها للبحث عن أقواتهم اليومية وكان إدخالهم تحت النظام غير ممكن.
وقد رأينا أن نرسل إلى أهالى الحرمين الشريفين من المخازن المصرية مجددا مقدارا كافيا من الغلال بنية خالصة على أن تعد هذه الغلال من جملة الآثار الخيرية للسلطان المهيب ذا الشوكة ملجأ الإسلام ظل فضل الله، وفى نعم كافة الأمم، محمولة على المراكب حتى تستجلب لذاتكم السلطانية أدعية مضاعفة من أهالى الحرمين، وبناء عليه قد رأى ابن عبدكم إبراهيم باشا عند عودته من الباب العالى إلى المدينة المنورة إعداد دفتر لكتابة أسماء أهالى المدينة المنورة لإحصاء عددهم، وذلك بعلم أغا شيخ الحرم ورأيه وبضم آراء قاضى المدينة ومفتيها وفضلاء علمائه ووجوه البلاد، كما اتخذ دفترا آخر حرر بعلم صاحب السعادة