الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وازدادت جماعات المذهب الحنفى فى عهد السلطان سليمان خان ابن السلطان سليم خان يوما بعد يوم. وصدر الفرمان السلطانى بإقامة محراب خاص لهم.
فأرسل من باب صاحب القرار النجارون والمهذبون وما يقتضى بناء المحراب من الأدوات والأحجار فأقيم محراب فخم على يمين منبر السعادة من قطع رخام ملونة خاص بالجماعة الحنفية.
فى جمادى الأولى فى سنة 851 هـ قرر أن يؤدى أئمة المذهب الحنفى صلواتهم فى هذا المحراب، وظل الإمام الحنفى يؤدى الصلوات فى هذا المحراب قرابة سنتين.
إلا أن الأمر السلطانى قد صدر بأن يصلى فى محراب النبى الإمام الشافعى وفى اليوم الآخر الإمام الحنفى، وأخذ أئمة المذهب الحنفى والشافعى يؤدون الصلاة مناوبة فى المحراب النبوى ما يقرب من 269 سنة، ولما ذهب والى مصر محمد على باشا إلى المدينة المنورة فى سنة 1229 بقصد زيارة الحجرة المعطرة ووضع نظام أن يؤدى كل من أئمة المذهبين كل يوم الصلاة فى المحراب النبوى، وما زال هذا النظام جاريا، فيصلى الإمام الشافعى صلوات الصباح قبل الإمام الحنفى ويصلى الإمام الحنفى صلوات الأوقات الأخرى قبل الإمام الشافعى، ولكن فى أيام مواسم الحج يصلى الإمام الحنفى فى المحراب العثمانى ويصلى الإمام الشافعى فى المحراب النبوى بعدما يتم الإمام الحنفى صلاته.
وهذا النظام بمواسم الحج، ويصلى الإمامان صلوات التراويح فى وقت واحد.
صورة ظهور المذهب الحنفى وزمان ظهوره:
بعد أن نقل ابن فرحون فى هذا الخصوص أقوالا كثيرة، قال: «كان سكان المدينة المنورة إلى عصر شمس الدين العجمى يعتنقون مذهبى مالك والشافعى.
وعندما هاجر شمس الدين أفندى إلى المدينة شجع بعض علماء المذهب الشافعى على الاشتغال بمسائل المذهب الحنفى، وكان هؤلاء العلماء قد دققوا النتائج الأساسية لذلك المذهب، وأخذ علماء المذهب المذكور يتكاثرون إذ أخذوا يتفقهون وأصبحوا أئمة زمانهم من هنا أخذ الأهالى يستفيدون من علومهم ويستفتونهم ومن ذلك الوقت أخذ المذهب الحنفى ينتشر فى المدينة المنورة سنة 723 هـ.
إن المحراب السليمانى يقع-بناء على تعريف مؤلف «الجواهر الثمينة» من مؤرخى المدينة المنورة-فى الجهة اليمنى من محراب النبى وعلى يسار منبر السعادة وبجانب العمود الثالث ابتداء من المنبر الشريف، وفى نهاية الطرف الغربى لما أضافه عمر بن الخطاب، قد بنى ذلك المحراب كما ذكر آنفا السلطان سليمان بن السلطان سليم فى سنة 958 هـ وخصه بأئمة المذهب الحنفى والمالكى، وعرف بالمحراب السليمانى».
وكان أئمة الحنفية لا يؤمون الناس إلى سنة 858 هـ فى مسجد السعادة وكانت مهمة القضاء والإفتاء منحصرتين فى علماء المذهب المالكى.
وفى عام 865 بناء على طلبات ملوك مصر المؤثرة وضع نظام أن يصلى أئمة الشافعية صلاة الصبح قبل المالكية وأن يصلى أئمة المالكية مع جماعتهم الكبرى الصلوات الأخرى قبل الشافعية.
وبعد إقامة المحراب السليمانى أصبحت الجماعة الكبرى، الصلوات التى تؤدى خلف أئمة المذهب الحنفى كما سبق تفصيله، وأخذ أئمة المذهب الشافعى يؤدون الصلاة بعد الحنفية، وبعدهم أئمة المذهب المالكى، إلا صلوات الصبح كان يؤديها أولا أئمة المذهب الشافعى وبعدهم المالكية وبعدهم الحنفية، وهذا النظام هو السارى الآن.
وقد كتب فوق طاق ذلك المحراب بخط عريض آية
{كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ} (آل عمران:37).
الجليلة وقد رتبت هذه الآية الكريمة محصورة مستديرة مذهبة، وكتب ابتداء وسط الجهة اليمنى لهذا المحراب ثم خارجا منه إلى الطاق ملتفا من حوله إلى وسط الجهة اليسرى «بسم الله الرحمن الرحيم» .
صدق الله العظيم. والآية:
{إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} (الأحزاب:56).
وكذلك كتب من الجهة الداخلية اليمنى للمحراب إلى النقطة التى تنتهى فيها الجهة الداخلية اليسرى.
وكتبت هذه الآيات بخط جلى قديم.
ولهذا المحراب المعلى باب شبكى ينفتح إلى اليمين واليسار، وقد كتبت على المصراع الذى فى الجهة اليمنى الجملة المباركة «محمد رسول الله، صادق الوعد الأمين» وفوقه اسم محمد «الطاهر بالخط الجلى المذهب، ولكن الخطوط المذكورة فى الجهة الشامية من مصراعى الباب المذكور أى فى مؤخر حرم السعادة.
وإذا جئنا إلى الجهة الجنوبية من هذا الباب أى إلى الجهة القبلية منه قد كتبت
على الباب الأيمن من المحراب الأحاديث الشريفة «قال النبى عليه الصلاة والسلام، شفاعتى يوم القيامة: حق، فمن لم يؤمن بها لم يكن من أهلها «وكذلك كتب فوق مصراع الباب الذى فى الجهة اليسرى الحديث الشريف» قال النبى صلى الله عليه وسلم: «شفاعتى لأهل الكبائر من أمتى» بخط جلى نفيس وكتبت عبارة:
«أنشأ هذا المحراب المبارك، الملك المظفر السلطان سليمان خان ابن السلطان سليم خان ابن السلطان بايزيد خان أعز الله نصره بمحمد وآله وسلم، تاريخه شهر جمادى الأولى سنة ثمان وخمسين وتسعمائة من هجرة النبى صلى الله عليه وسلم.
على ظهر الجدار الذى يواجه الجهة القبلية من المحراب السليمانى.