الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخامسة والثلاثين من الهجرة فى السابع عشر من شهر ذى الحجة، وعلى قول الثامن عشر. وقيل مات يوم الجمعة ودفن فى مقبرة بقيع الغرقد وفى ساحة بستان يقال له حش كوكب وفى منتهى ذلك البستان.
وكان الشهيد المشار إليه قد حصل فى حياته على رخصة من أمنا عائشة ليدفن فى داخل الحجرة المعطرة ولكن المصريين الذى تجرءوا على قتله رفضوا دفنه فى مدفن السعادة قائلين: نحن سنمنع الصلاة على جنازة عثمان بن عفان فضلا عن دفنه فى حجرة السعادة، وبمثل هذه الوقاحة أتموا دناءتهم، وتلفظوا فى هذا الخصوص بكلمات غير مستحبة وكل ذلك داخل مسجد السعادة، ولما طال الوقت ولم يدفن ذهبت والدتنا أم حبيبة من زوجات النبى المطهرات إلى باب المسجد وقالت: أعطونى جنازة عثمان لأدفنها فإذا امتنعتم عن إعطائها أرفع ستارة مرقد السعادة وأشكوكم للرسول صلى الله عليه وسلم! ولما ترك المصريون الجنازة وانسحبوا إلى جهة ما أخذ جبير بن مطعم وحكيم بن حزام وعبد الله بن الزبير وكثيرون من الأجلاء نعش عثمان المبارك وحملوه إلى البقيع، إلا أنهم قوبلوا أيضا بالمخالفة والرفض أى رفضوا دفنه فى البقيع الشريف فنقلوه من هناك إلى بستان يقال له حشّ كوكب حيث حفروا قبرا ودفنوه.
ومنذ استشهاد حضرة عثمان-رضى الله عنه-أخذت طائفة الجن تولول وتنتحب فوق مسجد السعادة ثلاثة أيام وثلاث ليال.
حكمة
وإن كان سبب عدم دفن الشهيد المشار إليه فى الظاهر مخالفة المصريين لذلك ورغبتهم فى دفنه بعيدا عن النبى صلى الله عليه وسلم ولكن السبب المعنوى لذلك قد وضح فى الصورة الأولى من الوجهة السادسة عشرة وفى بحث بئر أريس وهو عندما بشر حضرة عثمان بالجنة والمصيبة لم يكن قد وجد بجانب الرسول محلا خاليا وجلوسه فى مكان بعيد عنه.
يروى الإمام مالك أن قتلة عثمان بن عفان لم يسمحوا بدفن جثته إلا فى
اليوم الثالث من استشهاده. وسبب ذلك فقد الصوت الذى سمع من الهاتف صلوا على جنازة عثمان وادفنوها، إن الله سبحانه وتعالى قد رحمه.
قال الإمام: بناء على الأخبار التى تلقيتها، عندما سمع القتلة ذلك الصوت من الهاتف تحيروا واستولى عليهم قلق عظيم، فتركوا النعش الشريف فى مسجد السعادة وتفرقوا، ولما تركت الجنازة وحدها وفى ليلة ذلك اليوم أخذ جدى ومعه أحد عشر رجلا الجنازة من المسجد وأخرجوها منه وخرجوا للطريق ليحملوا الجنازة إلى المقبرة. فصادفهم بعض الرجال من كلاب قبيلة بنى مازن وقالوا: إن كنتم تريدون أن تدفنوا الجنازة فى مقبرة البقيع نخبر القتلة ونجعلهم يخرجونها من قبرها.
فخافوا من وقوع فاجعة أخرى وحملوا الجثمان إلى بستان «حش كوكب» لدفنه فيه، كانت بنات حضرة عثمان يسرن أمام التابوت وقد أمسكن فى أيديهن القناديل فى تلك الليلة العجيبة بينما رأس الجثمان يصطدم بالتابوت الخشبى ويخرج صوتا، ولما ساروا قليلا سمعوا خشخشة فخاف الذين يحملون التابوت وزاد هذا الضجيج وأحاط بهم من الجهات الأربعة قالوا: لا تخافوا أتينا لنحضر صلاة جنازة الخليفة وإذا بهذه الخشخشة كانت قد صدرت من أجنحة الملائكة واهتزازتها الذين أتوا ليحضروا صلاة جنازة عثمان-رضى الله عنه-وقد اختلف فيمن صلى على الجنازة، ففى قول أن الذى صلى هو جبير بن مطعم أو مروان ابن الحكم وفى قول آخر حكيم بن حزام، ودفنوها فى المقبرة التى هيئت فى البستان المذكور، وحضر الدفن الزبير بن العوام وحسن بن على وأبو جهم بن حذيفة ومروان بن الحكم.
وألحق أمراء بنى أمية بعد مدة بستان حش كوكب بمقبرة البقيع، وهكذا وسعوا هذه المقبرة وأخذ الناس يدفنون جنازاتهم فى هذا المكان، كان أهل المدينة يتجنبون دفن موتاهم فى حش كوكب من قبل وكأنهم تمنوا بأن يدفن أحد الصلحاء فى بستان حش كوكب حتى يقبل الناس على دفن موتاهم هناك. هذا ما
كان يتمناه عثمان-رضى الله عنه-وكأنه أومأ بهذا بأنه سيدفن فى بستان حش كوكب وسيلحق هذا البستان فيما بعد بمقبرة بقيع الغرقد وأخذ الأهالى يدفنون موتاهم فى هذا البستان وألحقوه بمقبرة بقيع الغرقد.
وقد أبتلى كل واحد من قتلة عثمان بالجنون، وهلك كل منهم إثر فضيحة لحقت به، وقد ندم قتلته على ما ارتكبوا من جريمة شنعاء والتجئوا إلى مسجد السعادة يعرضون ندمهم وتوبتهم وأخرج كل واحد منهم مصحفا وأخذوا فى تلاوته بكل خشوع وندم وهم يبكون إلا أنه ظهر على وجه السماء شخص على شكل إنسان وخاطب هؤلاء وهو يقرأ الآية الكريمة:
{إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} (سورة الأنعام /159)
سعد بن معاذ الأشهلى-رضى الله عنه: إن سعد بن معاذ مدفون فى الضريح الذى ينسب إلى فاطمة بنت أسد بن هاشم الذى فى نهاية مقبرة البقيع، وقد ذهب بعض الناس إلى أن فاطمة بنت أسد مدفونة فى هذا الضريح. إلا أنه من المحقق أنها لم تدفن فى هذا الضريح كما فصل فى موضوع قبرها.
كان حضرة سعد معروفا بكنيته أبى عمرو، ووالده معاذ بن النعمان بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل بن جشم بن الحارث بن الخزرج بن النبيت بن مالك بن الأوس الأنصارى الأشهلى، وأمه كبشة بنت رافع، وقد جرح فى ملحمة الخندق جرحا بالغا ولكنه دعا إلى الله أن يمد عمره حتى يرى نهاية يهود بنى قريظة، ولما استجيبت دعوته انقطع نزيف جرحه، أسندت إليه مسألة تحديد جزاء يهود بنى قريظة، فحكم بقتل جميع ذكور يهود بنى قريظة كما هو مفصل فى كتب السير وانفجر نزيف جرحه عقب ذلك وارتحل عن الدنيا، فصلى عليه النبى صلى الله عليه وسلم ودفن فى أقصى مقبرة البقيع وبجانب بيت المقداد بن الأسود فى القبر الذى حفر له.
وكان النبى صلى الله عليه وسلم بجانب سعد بن معاذ حين وفاته ودعا له بأن تصعد روحه إلى