الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رخامة الطغراء فوق طاق باب السلام مصدقا رواية مسافرى مكة وكان بدل باسم السلطان عبد العزيز خان بعد الاستئذان كان سينال رضا السلطان بناء على أقوال المنافقين الذين تدخلوا فى الموضوع، وسيحظى بالتفات ونعم السلطان، ولم يكن هناك شبهة أنه سينال الترقية فى المناصب الدنيوية ولكنه بما أنه رفض أن يختار طريق الخداع والكذب للحصول على المراتب الدنيوية لأجل اجتنابه النواهى الإلهية لأنه كان سيتعرض للمسئولية وغضب الله، ولا شك أن عرض الإخلاص والعبودية عن طريق الحيل والخدع والدسائس لم يكن أمرا مقبولا ولا مقدرا لدى السلطان عبد العزيز خان، فلنفرض أن بعض أجزاء من حرم السعادة قد تم تعميره فى عهد السلطان عبد العزيز واكتملت تعميرات المبانى فى زمنه أليس الحكم بأن تعمير المبانى قد تم فى عهد السلطان عبد العزيز خان دون النظر إلى ما بذله السلطان عبد المجيد من الجهود والهمم فى خلال اثنى عشر عاما منافيا لقاعدة العدل والإنصاف ومغايرا لرضى عبد العزيز خان الذى يتصف بحبه للحق والإنصاف.
2 - الحكاية الثانية:
قبل أن يرى خبر وفاة السلطان عبد المجيد خان بشهر، قد رأى أحد سكان المدينة المنورة ممّن يظن بهم الصلاح والزهد رأى فى رؤياه أنه كان فى داخل الروضة المطهرة وإذا بذات عالى القدر ذات احتشام ملكى يدخل من باب السلام بكل وقار ووقف أمام باب الوفود وبعد فترة فتح باب الوفود وأدخل ذلك الشخص ذا السمات الروحانية داخل حجرة السعادة، هذا ما شاهد ورآه، وقد انتظر صاحب الرؤيا فى الروضة المطهرة إلا أنه رأى أن الشخص عالى القدر الذى أخذ داخل الحجرة النبوية لم يخرج خارجها، واستيقظ حينئذ من نومه وبعد فترة تلقى نبأ وفاة السلطان عبد المجيد خان واطلع بعد الحساب أن ارتحال السلطان المذكور يوافق الليلة التى رأى فيها الرؤيا، وعبّر رؤياه بأن ما قدم ذلك السلطان من خدمات عظيمة لحرم السعادة قد حظى بالقبول عند الرسول صلى الله عليه وسلم، وفعلا فإن هذا التعبير صحيح وهو عين الواقع.
وبناء على ما يروى من هذا الشخص المبارك الذى رأى الرؤيا أن الشخص الذى قبل فى داخل الحجرة كان لابسا ملابس بيضاء من رأسه إلى أخمص قدميه وكان خلفه رجل يحمل سيفا، والمظنون أن هذا الشخص هو السلطان عبد العزيز خان، قد عاد بعد دخول السلطان عبد المجيد خان فى حجرة السعادة بكل وقار وسكينة وبعد مرور خمس أو عشر دقائق دخل فى حرم السعادة عدة أنفار من الجنود ذات عمائم خضراء وأحذية سوداء.
وقد أخبر صاحب الرؤيا أن أشكال هؤلاء الأنفار كانت تشبه للجنود الذين كانوا يرافقون الحاج وسيم باشا الذى أتى بأمر تولى عبد العزيز خان الحكم خلفا للسلطان عبد المجيد، وذلك عندما جاء ذلك الباشا إلى المدينة المنورة.
ولا شك أن الذين يعرفون عظمة ما يكنه السلطان عبد المجيد من المحبة والعبودية لسلطان الأنبياء-عليه الصلاة والسلام-سيصدقون صورة تعبير هذه الرؤيا.
وبناء على ما سطر فى تواريخ الحرمين القديمة وما يجرى على ألسنة سكان دار الهجرة ليس هناك ملك جلس على كرسى العرش مثل السلطان عبد المجيد الذى أنفق من النقود وبذل من الجهود لتجديد مسجد السعادة وتعميره وتزيينه، وبما أن المشار إليه قد جعل جميع أفكاره وشعاراته الملكية لخدمة سلطان الأنبياء فى كل آن وساعة وعرض عبوديته الصحيحة المخلصة يرون ظهور بعض الكرامات على يدى ذاته الملكية.
قد تعرض مصطفى عشقى بن عمر أفندى من أفاضل مجاورى المدينة المنورة لعلة القلب وتعرض من جراء ذلك إلى مضايقات وصعوبات فى إدارة وإعاشة أولاده؛ وعليه قرر فى فترة ما ترك المدينة المنورة والسياحة فى بعض البلاد، واستأذن من الحجرة المعطرة، وبناء على الأمر الذى صدر جاء إلى إستانبول دار الأمان فى سنة 1297 هـ وقد سطر فى آخر الكتاب الحالات التى أجبرته على
اختيار هذه السياحة والإرادة العالية التى صدرت من قبل النبى صلى الله عليه وسلم بعد الاستخارة بالتفصيل.
ولما كان عشقى أفندى لم ير إستانبول وكان مشتاقا لرؤية وجه سلطان العصر ومشاهداته ذهب إلى دار المولوية فى بشكطاش حين وروده إلى إستانبول وجلس فى ركن من أركانها، وبما أنّ ذلك اليوم كان يوم المقابلة شرف الخانقاه المذكورة السلطان عبد المجيد، ولما لفت شكل عشقى أفندى الأنظار السلطانية بعث بموظف خاص يسأله عن اسمه ومن أين أتى، وأين يستضاف ولم يعرف عشقى أفندى هوية هذا الموظف كما أنه لم يعرف الشخص الذى أرسله، حتى أنه لم يعرف أن السلطان فى تلك التكية، ولكنه عرف أنه سيكون الاجتماع فى يوم الجمعة فى مسجد بكلربكى اللامع الأنوار، فذهب فى ذلك اليوم هناك حيث وقف فى الممر السلطانى بكل تعظيم، وكان غرضه رؤية جمال وجه السلطان ولما جاء السلطان عبد المجيد فى محاذاة عشقى أفندى توقف وقال لرئيس كتابه مصطفى باشا:«يا باشا سلم من قبلى لهذا الشخص، وبما أنه شرف إستانبول حديثا فلينعم قدر ما شاء وليتنزه وليشاهد جميع أماكن باب السعادة، ولا يفكر فى أولاده وعياله» .
إننى أفكر فى أولاده وعياله نائبا عنه، قد خصصت له راتبا ثلاثمائة قرش، فليعش مستريح البال مادام حيا وليدعو لدولتنا بقوتها وبقائها!!!».
هل هناك كرامة أكبر من هذا لأجل سلطان؟ ومن هنا يقال إن السلطان عبد المجيد قد حظى بحسن القبول لدى الجانب النبوى العالى كما أنه قد كلف تنفيذ الأوامر النبوية، لأن عشقى أفندى كان قد أرسل من جانب النبى عظيم المناقب لطفا به.
انتهى.