الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأحاديث الضَّعيفة لا يُقَوِّي بعضُها بعضًا أبدًا"، والحقُّ بين الإفراط والتَّفريط.
* والحقُّ الذي أَعتَقِدُه في هذه المسألة، إنَّ الأحاديث الضَّعيفة قد تَتَقَوَّى ببعضِها، بشُرُوطٍ ليس ها هنا مَجالُ سَردِها، ولكنَّ هذا النوعَ يَحتاج إلى أذكياء المُحَدِّثين، ممَّن طالت مُمارَسَتُهم لهذا العِلم، حتى صارَت لَهُم فيه مَلَكَةٌ، لا تَتَكَوَّنُ إلا بالدِّربَة والمُمَارَسَةِ، معَ إِدمان النَّظَر في تَصَرُّفِ النُّقادِ الحاذِقين لهذا العِلم. واللهُ يهدي من يشاء إلى صراطه المُستَقِيم.
* الفتاوى الحديثية/ ج 2/ رقم 170/ جماد آخر/ 1419
[حديث: إِنَّ مِن أُمَّتِي مَن لَو جَاءَ أَحَدَكُم يَسأَلُهُ دِينَارًا لَم يُعطِهِ، وَلَو سَأَلَ اللهَ الجَنَّةَ لأعطَاهَا إِيَّاهُ: ذُو طِمرَينِ، لا يُؤبَهُ لَهُ، تَنْبُوْ عَنهُ أَعيُنُ النَّاسِ، لَو أَقسَمَ عَلَى اللهِ لأَبَرَّهُ]
* راجع الاعتراض على تصحيح العراقي لسند هذا الحديث في ترجمة الهيثمي.
* الفتاوى الحديثية/ ج 2/ رقم 237/ صفر / 1421
5121 - العقيلِي:
أبو جعفر مُحَمَّد بن عُمر بن موسى.
* إمامٌ من أئمة الجرح والتعديل. .
[تهجم الكوثرى على العقيليّ]
* قال الكوثري: "وقد أكثر ابنُ بدر العزو في مغنيه [يعني عُمر بن بدر الموصلي في كتابه "المغني عن الحفظ والكتاب"، إلى العقيلي والإمام أحمد، فأمّا الأول: فهو من أكبر المتعنتين في الجرح، كثير الحكم بالنفي، وهذا ما حمل الذهبي على التنكيت عليه في "ميزانه" مع أنه كبير الدفاع عن الرواة من الحنابلة فقال:. . أفمالك عقل يا عقيليّ. . وجرح في كتابه الضعفاء كثيرين من
رجال الصحيحين وأئمة الفقه وحملة الآثار، مما ردّ بعضها ابنُ عبد البر في "انتقائه"، وكان ينفخُ في بوق التعصب من الرواة يثيرون بكتابه فتنًا كما وقع لصاحب الكمال في الموصل، على أنه كثيرًا ما يتصحف اسم الرجل عليه، فيجهله ويرد حديثه، وربما يقول:"لا يصح في هذا الباب شيء بمجرد النظر إلى سندٍ مختلق، وإن صحّ المتنُ بطريق أخرى فيكون ظاهر كلامه موقعًا في الغلط للآخذين به. . " اهـ. . .
* نرى أنَّ التهجم على العقيلي بهذه الطريقة المبتذلة، ليس له مبررٌ وجيه: فلنعرض قليلًا لحال العقيلي، فنقول:
* [العقيليُّ] إمامٌ من أئمة الجرح والتعديل، وله رأيه الذي يصيب فيه ويُخطيء، وقد ذكر عليَّ بن المديني في "الضعفاء"(ق 151/ 1)، وعادة المُصنفين في الجرح والتعديل أنهم يذكرون الرجل في كُتُبِهم -وإن كان ثقة- لأدنى كلامٍ فيه فليس العقيلي بدعًا في هذه الخطة.
* ومما يدلُّ على أن العقيليّ لم يورده في الضعفاء على أنه منهم، أنه قال:"مستقيم الحديث"، فَلِمَ أورده إذن؟؟ لأن الإمام أحمد كان ينهى أن يؤخذ عن من تلبس بفتنة خلق القرآن، وكان ابن المديني من الذين أجابوا لضعفهم، وقد لاموه على ذلك، فقال:"قَوِيَ أحمد على السوط، ولم أقو".
* وكذا روى العقيليُّ حديثًا من طريق ابن المديني، وحكى أن عَمرو بنَ محمَّد انتقده فيه. فلا غبار على صنيع العقيليّ إذن، لأنهم -كما قلتُ- كانوا يوردون من تُكُلِّمَ فيه، ولو كان الكلام لا يضرُّهُ، وعليه جرى المصنفون في الضعفاء، إلا من اشترط منهم غير ذلك.
* وقد أظهر الكوثريُّ بكلمته هذه أنه يدافع عن ابن المديني، ولكنه ما أراد إلا الذمّ في العقيليّ.
* والدليل على ذلك أن الكوثري ذكر ابن المديني في "تأنيب الخطيب"(ص 170) وعرّض به، فقال:"ليس بقليل ما ذكره الخطيب عن ابن المديني في تاريخه، وقد ترك أبو زرعة وأحمد الرواية عنه بعد المحنة" اهـ.
* فأنت ترى أنه جرح ابن المديني حيث كان له هوى في جرحه، وذنبه عند الكوثري أنه روى شيئًا فيه غضُّ من أبي حنيفة. وهكذا تكون الأمانة عند الكوثري!
* وأما ردُّ الذهبي على العقيلي بقوله: "أفمالك عقل يا عقيلي. . الخ": فنرى أن الذهبي أقذع في هذا، وما يستحق العقيلي هذا التوبيخ فالله المسؤول أن يتجاوز عنهما، وأما الذهبيُّ فكان يمكنه التعبير بأخف من هذا، ومن المُدْهش أن كل من يريد الطعن في العقيلي يذكر فيه كلمة الذهبي، وكان كلمة الذهبي أسقطته على أم رأسه!!
* فلا والله، والعقيلي إمام، وإن كان فيه بعضُ تشدُّدٍ، ولا نزعم أنه مُصيب في كل ما ذهب إليه، ولكن هو إنسان يعتريه الغضب والرضا، والحب والبُغض، وقد يؤثر هذا على بعض ما يكتُب، ولا يُنكر هذا من له مساسٌ بالعلم.
* أما قولُ الكوثري: ". . كان ينفُخُ في بوق التعصُّب. . الخ".
* فنقول: "قصة عبد الغني المقدسي صاحب الكمال ساقها الذهبي في تذكرة الحفاظ (4/ 1378) على لسانه، فقال: (كنا نسمعُ بالموصل كتاب "الضعفاء" للعقيلي، فأخذني أهل الموصل وأرادوا قتلي من أجل ذكر رجل فيه، فجائني رجل طويل بسيفٍ، فقلت: لعله يقتلني فأستريح!! قال: فلم يصنع شيئًا ثم أُطلقت" اهـ.
* وأوضحها الحافظ ابن كثير في؛ البداية والنهاية" (13/ 39) فقال: "لما
دخل - يعني عبد الغني - الموصل سمع كتاب العقيلي في "الجرح والتعديل" فثار عليه الحنفية بسبب أبي حنيفة، فخرج منها خائفًا يترقبُّ" اهـ.
* وجوابًا أقول: التعصُّبُ في عُرْف الأحناف هو أن تمس أبا حنيفة أو أحد أتباعه بسوءٍ، وإن كان ذلك السّوْءُ ثابتًا وصحيحًا وقد ثبَّته أئمةٌ أعلامٌ ولذا تجد التعصب أكثر جدًّا من وجوده في غيرهم.
* وذنْب العقيليُّ عند الكوثري، أنه أورد أبا حنيفة -رحمه الله تعالى- في "الضعفاء"!! وهل كان العقيليُّ بدْعُا في هذا الخط يا أستاذ؟! كلا، فقد سبقه أئمة أعلام، وتلاه آخرون، كلهم تكلموا في أبي حنيفة رحمه الله لخفة حفظه وقلة ضبطه: قال البخاريُّ في "الكبير"(4/ 2/ 81): "سكتوا عنه. . " وهذا جرحٌ شديد عنده.
* [وانظر بقية كلام أهل الحديث في حفظ وضبط أبي حنيفة - عليه رحمة الله - في ترجمته من الآباء]
* والمقصودُ من هذا السرد أن العقيليُّ لم يتفرد يإيراد أبي حنيفة في "الضعفاء"؛ فلتطعنوا معاشر الحنفية على كل من ذكرنا. .!!. .
* ثم إنه اتفق لعبد الغني المقدسيّ صاحب "الكمال" أن سمع كتاب "الضعفاء" للعقيلي، فلما جاء ذكرُ أبي حنيفة هاج عليه العامة وكادوا يقتلونه!! والغريب أن يُقر الأستاذ ذلك، بل ليس بغريبٍ على تعصُّبه. . وماذا يضرُّ عبد الغني المقدسيّ من ثورة العامة عليه يا أستاذ؟ فكما لم يضر ابن جرير قيامُ الحنابلة عليه، وردمهم داره بالحجارة، ولم يضُر عبد الله بن مُحَمَّد بن عثمان السَّقَّاء أن هاج عليه العامَّةُ وهو يحدث بحديث الطير، ولم يضر الخطيب أنهم طيّنوا عليه باب داره ليحولوا بينه وبين شهود الجماعة، فإن قيام العامة على عبد الغني لا يضرُّه، ولا يضُّر كتاب العقيليّ أيضًا. .