الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الأبياري في (شرح البرهان): وإذا قلنا بالتعميم، اختلف، هل يدل قطعا، أو ظنا، أو بعضها وبعضها؟
فقال الشافعي والمعتزلة: يدل قطعا إذا تجردت عن القرائن، ومدرك المعتزلة: استحالة تأخير البيان عن وقت الخطاب، وأما الشافعي، فرأى أنه يجوز تأخير المخصص لغة.
وأكثر الفقهاء أن دلالتها ظنية.
وفرق أبو المعالي في (البرهان) فقال: أدوات الشرط دلالتها قطعية، إذا تجردت.
قوله: " لو كانت للخصوص، لما حسن الجواب بالكل؛ لأن من شرط الجواب أن يكون مطابقا ".
قلنا: اتفقنا على حسن الجواب في الاستفهام، إذا قال: من في الدار؟
فنقول: (زيد) مع أن زيدا ليس مطابقا للعموم؛ لأن العموم أفراده غير متناهية، و (زيد) فرد واحد مخصوص، فانتقض ما ذكرتموه.
(فائدة)
قوله: (وهلم جرا) انتصب (جرا) على المصدر بفعل مضمر
، وهلم، معناه: أقبل، وهو اسم فعل أمر.
وتقدير الكلام: اقبل بنا نجر جرا، فإذا قلت: ما رأيته من سنة، وهلم جرا، أي: أقبل بنا نجر عدم رؤيتي له من سنة إلى الآن، فهو من الجر الذي هو الجذب.
قوله: " جاز أن يكون موضوعه للخصوص، إلا انه اقترن بها قرينة توجب كونها للعموم، وحكم المركب مخالف لحكم المفرد "
تقريره: المركب من لام التعريف، والجمع يوجب العموم، وكل واحد على حياله لا يوجب العموم، وكذلك النفي مع النكرة، وهو كثير يحصل للمركبات ما لا يحصل للمفردات.
فالجواب: حسن بالكل لأجل القرينة؛ ويرد عليه أن الأصل عدم القرينة وحسن الجواب؛ فالكل مطرد.
قوله: "لا نسلم أن الاستفهام لا يحسن؛ ألا ترى أنه إذا قال: من عندك؟ يحسن أن تقول: أتسالني عن الرجال أو النساء؟ "
قلنا: إذا اوردتم الاستفهام علينا نحن: قلنا (إنم) نمنعه بناء على أن الصيغة للعموم، وإن وقع الاستفهام، فلا يقع إلا على وجه الاحتياط؛ فلا يلزم الإكثار منه.
أما على رأيكم: فالقول بالاشتراك يوجب تعدد الاستفهام؛ بحسب المراتب للتوهم قطعا؛ فظهر أن إيراده علينا ليس كإيراده عليكم؛ فلا يتجه الإلزام.
قوله: " ليس الاستدلال بقبح بعض الاستفهامات على عدم الاشتراك، بأولى من الاستدلال بثبح بعض الاستفهامات على عدم الاشتراك، بأولى من الاستدلال بحسن بعض الاستفهامات على الاشتراك ".
تقريره: أن الاستفهامات الكثيرة جملا قبيحة في عرف الاستعمال، فيتعين حذف جملة من تلك الكثرة؛ حتى يزول القبح، فتلك الجمل المحذوفة لأجل القبح هي التي يستدل بها على عدم الاشتراك؛ لأنه لو ثبت لضرورة الاشتراك، والبعض الذي ليس بقبيح لا يمكن أن يبقى لعدم قبحه، وإذا ثبت كان دليل الاشتراك.
قوله: " القرينة التي هي إشارة، أو غيرها لا يمكن إطلاع الأعمى عليها ".
قلنا: لا نسلم؛ فإن الأعمى يمكنه أن يدرك النجاسة بمس يده وغيرها صورة الإنسان الكائنة في اليد أو غير اليد، ويكون الناس قد اصطلحوا في ذلك القطر على إشارة خاصة تفيد العموم، فيوضع على جسمه، أو يضع هو يده عليها؛ فيدركها، ويؤكد ذلك أن قبض الأصابع وفتحها بسرعة يشعر بالاستغراق عرفا، والأعمى يمكنه أن يدرك ذلك بحاسة اللمس.
قوله: " يلزمك، إذا قال: من عندك من الرجال؟ أن تجب بذكر الرجال والنساء؛ لأن ذكره للرجال لا يدل على استغنائه عن النساء ".
قلنا: الإلزام غير مطابق قلوصةر النزاع؛ لأنه إذا قال: من عندك من إخوانك؟ فقال: (كلهم) لم يأت بأجنبي عن لفظ السؤال، وأما إذا ذكر السامع أنه ما ذكرها، إنما ذكر الرجال، فقد أتى بما لم يتعرض اللفظ إليه؛ فليس هو في الحسن مثل الأول، وغذا كان مخالفا لهم بفرق معتبر، لا يرد نقضا؛ " لأن النبي لما قال:(الحي ميتة) كان قد سئل عن الماء فقط، فأجاب " بالماء والميتة؛ تكثيرا للفائدة، فللخصم أن يلتزم الصورة المذكورة تكثيرا للفائدة؛ لأنه كلام عربي كما جاء في الاستعمال النبوي.
قوله: " حسن بعض اقسام الاستفهام لا يدل على الاشتراك؛ لما سنبينه، إن شاء الله تعالى ".
تقريره: أن الاستفهام لا يدل على الاشتراك؛ لأنه قد يستفهم في النصوص التي لا إجمال فيها: إما لفرط الحب؛ كما إذا قال القائل للرجل البخيل: إن السلطان بعث إليك بألف دينار، فيقول: ألف دينار، ألف دينار؟! ويكررها مائة مرة، ولفرط الكراهة؛ كما إذا قيل له: إن السلطان طلب منك ألف دينار، وقد يكون لفرط الاستغراب؛ كما إذا قال القائل: حفظ فلان البارحة ألف ورقة من الفقه، أو لدفع المجاز البعيد المتوهم؛ كما إذا قال
قال القائل: " رأيت فلانا يشقق الشعر " فيقال: " رأيته يشقق الشعر؟ "؛ لأنه يتوهم أن المقصود فرط ذكائه؛ لأنهم يقولون: فلان ذكي يشقق الشعر " وليس المراد التشقيق حقيقة، فيخشى السامع مثل هذا المجاز؛ فيستفهم؛ حتى يرفعه.
قوله: " وقع السؤال هاهنا عند التصديق، فكان الجواب بـ (لا) او (نعم) أما إذا وقع عن التصور؛ كقوله: " من عندك؟ إنما وقع عن التصور ".
تقريره: أن (نعم) و (بلى) و (لا): حروف وضعت للجواب عن التصديقات دون التصورات؛ فتعم الموافقة كلام المتكلم نفيا أو إثباتا.
و (بلى): لمخالفة النهي، و (لا) لمخالفة الغثبات؛ فإذا قال:" قام زيد " وأردنا موافقته، قلنا: نعم، وإن أردنا مخالفته، قلنا: لا، وإذا قال:" ما قام زيد "، واردنا موافقته قلنا: نعم، وغن أردنا مخالفته، قلنا: بلى.
وهذه كلها تصديقات؛ وبهذا يظهر قول العلماء: إن الملائكة لو قالوا: نعم، في قوله تعالى:{ألست بربكم؟} [الأعراف: 72] نعم - قرروا العدم، وتقرير عدم الربوبية كفر، فلما قالوا: بلى، فقد خالفوا النفي، فأثبتوا الربوبية، فكانوا مطيعين موفقين بحمد الله تعالى.
وكذلك قوله تعالى: {أليس الله بكاف عبده} [الزمن: 36] فالجواب: بلى.
وقوله تعالى: {أليس الله بأحكم الحاكمين} [التين: 8].
فالجواب: بلى؛ لأن الاستفهام وقع عن ثبوت أمر، الواقع خلافه،