الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتارة يكون مختارا، وهو المهدد بالمؤلمات، فإنه يختار الدفع للمفسدة العليا بالتزام المفسدة الدنيا، فهو مختار بالضرورة، وهو مستند الحنفية في قولهم: إنه مكلف؛ لأنه باختياره ترك ضد ما أكره عليه.
(تنبيه)
زاد التبريزي فقال: تكليف المكره على وفق الإرادة وعلى خلافها جائز
؛ لأن الإرادة لا تنافي الاستطاعة، فلا تنافي التكليف.
بيان الأول من وجوه:
الأول: أن فعل المكره في نظر العقلاء إمساك للمكره، ولهذا أوجب سقوط العقوبة، وتركه مخالفة، ولهذا لا ينتظم الاعتذار في تحقيق الوعيد.
الثاني: أن المكره مكلف، وتكليف من لا استطاعة له مع العلم به سفه.
الثالث: أن اإكراه حمل على الفعل بربط محذور يوجب العقل اجتنابه بالترك حتما، أما قولا كالتهديد بالقتل، أو فعلا كالضرب، فامتثال المكره فيه جرى على موجب النظر الصحيح، فيدل على الاختيار، كما لو كان لازما منه بإجراء الله تعالى العادة؛ فإنه يجب فعله شرعا وعقلا، ولو كان الانبعاث خوف لزومه سالبا للخيرة لم يختلف الحال بأن يكون لزومه بحكم العادة، أو حكم الاتفاق.
ويدل على صحته تكليف أحكام اجتماعية:
الأول: وجوب الإتيان بكلمة التوحيد تحت ظلال السيوف، ووجوب إفطار الصوم، وترك الصلاة به.
والثاني: تحريم الزنا والقتل عليه، اعنى المكره.
والثالث: إباحة التلفظ بكلمة الكفر، وتناول الخمر، وإتلاف مال لغيره.
قال: وهذه المسألة من فروع امتناع تكليف ما لا يطاق.
قلت: أما قوله: " لا إكراه على وفق الداعية "، فهذا غ
متصور، بل لا يتصور الإكراه المشار غليه في هذه المسألة إلا على خلاف الداعية، فإن أراد أن يطلق لفظ الإكراه على غير المراد هاهنا، فلا معنى له في هذه المسألة؛ لأنا نتكلم في شيء خاص اتفقنا على تسميته إكراها.
وقوله: " المكره مكلف " أي من جهة الذي أكرهه.
وقوله: " كما لو كان لازما منه " أي المحذور لازم من الفعل أو الترك، كالسم فإن القتل لازم منه، وكذلك ترك أكل الميتة، " فيجب الأكل عقلا وشرعا " كما قال:
وقوله: " الإتيان بكلمة التوحيد تحت ظلال السيوف " يريد الحربي دون الذمي، ففيه خلاف.
قال مالك: لا نسلم، فيصح عنده إسلام الذمي كرها.
وحكى عن الشافعية صحته.
وقوله: " وجوب إفطار الصوم، وترك الصلاة " يريد إذا اضطره العذر الموجب لإتلاف نفسه أو عضو من أعضائه.
وقوله: " تحريم الزنا والقتل " قد تقدم حكاية الخلاف في الإكراه على مجرد حق الله تعالى، ومنه الزنا، فجعله في المجمع عليه لا يستقيم.
***