الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تكلم بالباقي بعد الثنا " ومرادهم ما ذكرته، وإذا كانت هذه عبارة أخرى للثمانية، أو لما بقى من العموم بعد الاستثناء، لا يكون الدال على العموم وجد بدون العموم، بل الموجود هاهنا صيغة أخرى غير صيغة العموم، وهي الصيغة المركبة من صيغة العموم، ومن الاستثناء، وهذا فيه تكليف وتوسع.
والظاهر: أن الاستثناء تعارض بصيغة العموم في صورة الاستثناء، والمجموع ليس صيغة واحدة؛ وهذا هو الذي ينبغي الجزم به.
(فائدة)
الزبعري بكسر الزاي المنقوطة والباء المنقوطة من تحتها؛ فهما لغتان:
الكسر والفتح، نقلهما المحدثون في الكتب الموضوعة للمتحدث على أسماء الرجال، وهو مقصور الألف، مشدد الزاي المعجمة، بتسكين العين المهملة.
قوله: (ما) هاهنا مصدرية، تقديره: والسماء وبنائها، وهو متجه؛ غير الأخير، فإن الضمير في قوله تعالى:{فألهمها} [الشمس: 8] يعود على ما في قوله: {وما سواها} [الشمس: 7] وليس ثم ما يصلح أن يعود عليه الضمير غيره، والضمائر لا تعود على الحروف، و (ما) المصدرية حرف لا يصلح لعود الضمير؛ فينبغي أن تكون (ما) بمعنى الذي، عبر بها عمن يعلم حتى يعود عليها الضمير، وقد نقل عن بعض النحاة عود الضمير على (ما) المصدرية، وهو بعيد، وقد تقدم أن
(ما) يعبر بها عن نوع من يعقل، وصفة من يعقل، دون شخص من يعقل، ففي الآية عبر بها عن نوع المعبود من العقلاء وغيرهم، والاستدلال بالآية على أن (ما) للعموم من وجوه:
من جهة أن (ابن الزبعري) عربي، وقد اعتقد أن الحجة تقوم له بعمومها، ومن جهة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقره على ذلك، ورسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقر على إظهار الحجة على الله تعالى في كتابه، وإفحام إساءة مع قدرته على الجواب عن ذلك.
الثالث: نزول الآية الأخرى مبينة في قوله تعالى: {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى} [الأنبياء: 101] وهي جارية مجرى التخصيص، فلو لم تكن الآية الأولى دالة على العموم، لا ستغنى عن الثانية، ويمكن أن يقال: إن الآية الأولى ليست للعموم، لكن لها صلاحية العموم، كما يقول الواقفية، وإذا كان لها صلاحية إرادة الملائكة والمسيح، فيرد السؤال باعتبار أن اللفظ صالح لهم؛ فلم لا يبين خروجهم؛ نفيا للإبهام مع الصلاحية؟
فنزلت الآية الثانية مزيلة للوهم الحاصل من الأول، ويكون سكوت رسول الله صلى الله عليه وسلم لاعترافه بالصلاحية لا بالعموم، لاسيما والشافعي رحمه الله يقول: ترك الاستفصال في حكايات الأحوال يقوم مقام العموم في المقام، وفي الآية الأولى: لم يحصل التفصيل؛ فقام ذلك مقام العموم؛ فورد السؤال، لا لأن الصيغة للعموم.
(تنبيه)
زاد سراج الدين في الجواب؛ فقال: " قوله: اقترن الاستثناء بالأمر قرينة دالة على أن الأمر للتكرار " فقال: لقائل أن يقول: النقض استثناء الأفراد من جموع القلة، ولو أفاد الجموع في غير الجمع المنكر، لزم الاشتراك
والمجاز، ولو دل الأمر على غير موضعه لقرينة؛ لزم المجاز، كيف؛ وصحة الاستثناء لا توجب وجوده؟
وزاد التبريزي، قال: دليل العموم في هذه المواضع أربعة:
سقوط الاعتراض عن الجاري على العموم، وتوجهه على النازل للجزئي على العموم، ودخول الاستثناء، وورود النقض عليها، ولا خلاف في شيء منها بين أهل اللسان، وإن توهم متوهم أن ذلك بالقرائن، فرضنا صورا فيها عدم القرائن؛ كالأعمى والغائب، والقرائن في أمور مبهمة لا تتضمن مناسبة لحروف الهجاء وأمثالها، ومن سمع شخصا يقول:" اعتقت كل رقيق لي " ومات، ولم يطلع منه إلا على هذه اللفظة، جاز له أن يتزوج بإمائه، وأكد ذلك الاستعمال:{كل شيء هالك إلا وجهه} [القصص: 88]{كل من عليها فان} [الرحمن: 30]{قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى} [الأنعام: 91] نقضا لقول من قال: {ما أنزل الله على بشر من شيء} [الأنعام: 91].
وكما قال لبيد (الطويل):
ألا كل شيء ما خلا الله باطل
…
وكل نعيم لا محالة زائل
فقال له عثمان بن مظعون: " كذبت؛ نعيم الجنة لا يزول " فنادى لبيد، ولو لم يكون لفظ الكل للعموم لم ينتظم تكذيبه.
***