الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلنا: مالك يمنع ذلك، وإن كان يقول: يحد في السرقة، والفرق عندها: أنها من باب التظالم بخلاف الزنا، فيمكن للمستدل أن يذكر مطلق الحد.
قوله: " إذا تناوله النهي تناوله الأمر؛ لأن الجامع كونه متمكنا في استيفاء المصلحة ".
تقريره: أن الأوامر والنواهي زواجر شرعية لما في ضمنها من الوعيد، وذلك يحث على فعل المصالح والأوامر، وترك المفاسد والنواهي، وفهذا الحث الناشئ عن ذلك يزيد في داعية المكلف، ويمكنه من القسمين.
(سؤال)
قال الشافعي رحمه الله: أحد الحنفي وأقبل شهادته
؛ لأن التأديبات تتبع المفاسد لا المعاصي، بدليل ضرب الصبيان والبهائم؛ استصلاحا لهم من غير معصية، ومن هنا نشأ الفرق بين النواهي والأوامر، فيقول الخصم: إنما أقيمت عليهم الحدود استصلاحا لهم، وهذا عهد في الشرع في درء المفاسد، وأما المصالح فلم يعهد فيها ذلك، ويمكن أن يقال: الصبي يضرب للصلاة، والبهيمة بحسن المشي والأدب، وهذه مصالح.
قوله: " الكافر يمكنه الانتهاء عن المنهيات، ولا يمكنه الإتيان بالمأمورات ".
قلنا: هذا الموضع من السؤال جوابه، ونحوهما يدلك على أن المدرك في المنع إنما هو عدم التصديق بتلك الفروع، وترد الأسئلة التي في أول المسألة، ولو كان المدرك هو أن الشرع لم يعتبر أعمالهم مع الكفر؛ لبغضهم به وعدم صلاحيتهم للخطاب بالطاعات، كما قال في حق الحائض: إنها بسبب ما قام بها من الدم المستقذر لم تؤهل للتشريف بالتكليف، فلو كان هذا هو المدرك في عدم الخطاب بالفروع لم يكن لذكر هذه الأسئلة معنى، ولا التفرقة بين الأوامر والنواهي معنى أيضاً
قوله: " استوت المأمورات والمنهيات في أن الإتيان بها من حيث الصورة ممكن، وافتقارهما إلى النية في كونهما قرينتين، فيستويان مطلقاً فلا فرق ".
قلنا: بقي فرق، وهو أن النهي يسقط المؤاخذة عن الذي خوطب به بمجرد تركه من غير نية، بل صورة الترك كافية لا تسقط المؤاخذة في المأمورات عن المأمور بصورة الفعل، بل يبقى مؤاخذا حتى يأتي بالصورة منوية، وجميع أوضاعها الشرعية.
قوله: " لو وجبت الصلاة لوجبت إما حال الكفر أو بعده، والقسمان باطلان، أما حال الكفر فلأن الفعل ممتنع، والممتنع لا يكون مأمورا به ".
قلنا: لا يلزم من وجوبها حال الكفر إيقاعها حال الكفر؛ لأن زمن الكفر ظرف للإيجاب لا لإيقاع الواجب، فلو قلنا: إنه ظرف للوجوب، وإيقاع الواجب معا اتجه السؤال لكنا لا نقول: إن زمن الكفر ظرف إلا للوجوب فقط، والفرق بين كون زمن الكفر ظرفا للوجوب، وبين كونه ظرفا لإيقاع الواجب، كما تقول في زمن الحدث: وهو ظرف لإيجاب الصلاة لا لإيقاع الصلاة، بل الواجب ثابت الآن بأن يزيل المانع، ويفعل الصلاة في الزمن الكائن بعد الحدث، كذلك - هاهنا - الإيجاب وحده هو الثابت زمن الكفر، فتأمل هذا الفرق فربما عسر على جماعة.
قوله: " فائدة الخلاف إنما تظهر في الآخرة في زيادة العقاب ".
قلنا: قد بينا أنه يظهر في الأحكام الدنيوية، ثم إن الخصم ذكر أن الوجوب إما أن يثبت في حالة الكفر، أو في حالة الإيمان، وبينا بطلان القسمين فهذا الواجب حينئذ إنما يتجه إذا قلتم: الوجوب منفي مطلقا حالتي الكفر والإيمان، وإنما المقصود زيادة العقاب، وهذا كيف يتصور التزامه؟
وكيف يعتقد عقاب في الآخرة مع عدم الوجوب في الدنيا؟