الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يبقى فرد؛ فحينئذ لفظها دال على ثبوت الحكم لأي فرد شاء من أفرادها في النفي والنهي.
وأما في الأمر وخبر الثبوت: فلا يختلف الحال بين الكل والكلية؛ لأنه يلزم من إيجاب الكل والكلية - إيجاب الأفراد، ويلزم من صدق الخبر عن ثبوت الحكم للكل - ثبوته لكل فرد؛ كوجوب أربع ركعات في الظهر، يلزم منه وجوب كل ركعة، وكذلك الإخبار عن ثوبت أربعة يقتضي ثبوت كل فرد منها، وإنما يفرق بين البابين النهي وخبر النفي، لأن الانتهاء يكفي فيه فرد واحد من المجموع، ونفي المجموع يكفي فيه فرد، فإذا قلنا: ليس في الدار عشرة، يكفي نفي واحد منها؛ فيصدق الخبر، ولو كان في الدار تسعة، وكذلك يصدق أن الله تعالى نهى عن خمس ركعات في الظهر، وإن كانت الأربعة واجبة؛ فظهر حينئذ أن مدلول العموم كلية لا كل؛ لصحة الاشتراك به على ثبوت حكمه لكل فرد من أفراده عند القائلين به إجماعا.
(سؤال)
دلالة العموم على كل فرد من أفراده؛ نحو: زيد مثلا من المشركين
" لا يمكن أن يكون بطريق المطابقة؛ لأن دلالة المطابقة: هي دلالة اللفظ على مسماه بكماله، ولفظ العموم لم يوضع لـ (زيد) فقط، حتى تكون الدلالة عليه مطابقة، ولا بطريق التضمن؛ لأن دلالة التضمن هي: دلالة اللفظ على جزء مسماه، والجزء لا يصدق إلا إذا كان المسمى كلا، ومدلول لفظ العموم ليس كلا كما تقدم، فلا يكون زيد جزءا، فلا يدل اللفظ عليه تضمنا، ولا بطريق الالتزام؛ لأن دلالة الالتزام في دلالة اللفظ على لازم مسماه ولازم المسمى لابد وأن يكون خارجا عن المسمى، و (زيد) ليس خارجا عن مسمى العموم؛ لأنه لو خرج زيد عن مسمى العموم، خرج عمرو وخالد، وحينئذ لا يبقى من المسمى شيء، فعلمنا أن زيدا ليس خارجا.
عن مسمى العموم، بل هو من جملة المسمى، ولا معنى للمسمى إلا هذه الأفراد، وإذا بطل لفظ العموم على (زيد) مطابقة ولا تضمنا ولا التزاما، بطل أن يدل لفظ العموم مطلقا؛ لانحصار الدلالة في الأقسام الثلاثة.
وقد تقدم شيء في دلالات الألفاظ في هذا الكتاب، وفي (شرح المنتخب) أن الجواب عن هذا السؤال: انه يدل بطريق التضمين؛ لأن لفظ العموم موضوع للقدر المشترك بين افراده مع قيد يتبعه بحكمه في جميع محاله، والتبعيض في البعض يقتضي التتبع في الكل، هذا ما قدمته جوابا.
وأما الآن: فلا أرتضيه؛ لأن التتبع في جميع المحال، أو في كل المحال معناه: إثبات الحكم لكل محل محل على حياله، بحيث لا يبقى محل، وهذا معنى الكلية، ولولا تفسير الكلية بهذا، للزم أن يتعذر الاستدلال بلفظ العموم على ثبوته لكل فرد من أفراده في النهي والنفي؛ كما تقدم فحينئذ لا معنى لذلك التتبع إلا الكلية، فيكون بعضها جزئية لا جزءا.
ودلالة التضمن: إنما هي دلالة اللفظ على جزء مسماه الداخل فيه باعتبار ان المسمى كلي، وهاهنا ليس كلا؛ فلا تصدق دلالة التضمن، فحينئذ يبقى السؤال بغير جواب.
وتكون صيغ العموم كلها نقضا على تقسيم دلالات الألفاظ، وحصرها في الثلاثة: المطابقة، والتضمن، والالتزام، وتقدم في (باب الجزء، والكل) أول الكتاب أنها نقض على حصر الجزئي في المضمر والعلم؛ فإن مفهومها يمنع تصور وقوع الشركة فيه؛ فيكون جزئيا، مع أنه لم يذكره،