الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
منضبط، ولذلك إنا لا نكاد نجد إجماعا إلا من زمن الصحابة رضوان الله عليهم مع أن الإمام في (البرهان) منع صحة هذا الإجماع، وقال: كان في السلف متعمقون في التقوى يأمرون بالقضاء بأقل من هذا.
وثانيهما: أن أحمد بن حنبل رضي الله عنه وعبد الحميد من المالكية قالا ببطلان الصلاة ووجوب القضاء، وكونهما أخطآ وخالفا الإجماع خلاف ظاهر حالهما مع كثرة حفظهما، وما نقلاه من الأحاديث والأقضية والوقائع ومكانيهما من الدين والعلم والتحرز.
(تنبيه)
زاد سراج الدين فقال: لقائل أن يقول: لا نزاع في أن الفعل المعين غذا أمر به بعينه لا ينهى عنه
، إنما النزاع في الفعل المعين إذا كان فردا من أفراد الفعل المامور به هل ينهى عنه وما نفيتموه جوازه بين؛ إذ عندكم الأمر بالماهية ليس أمرا بشيء من افرادها؛ ولأنه لو امتنع ذلك لامتنع النهي عن فعل ما؛ لأن نفس الفعل مأمور به لكونه جزءا من الفعل المأمور به، وكل منهي عنه فرد من أفراد نفس الفعل.
قلت: يريد أن الأمر بالماهية إذا لم يكن أمرا بشيء من أفرادها كان الخصوص غير متعرض إليه بالأمر، فأمكن أن يكون منهيا عنه، وإذا كان مطلق الفعل مامورا به لكونه جزء المأمور به، ويلزم من تعلق الخطاب بالعموم تعلقه بالخصوص على سياق ما قالوه، فيكون الخصوص مأمورا به في كل صورة، فيمتنع أن يكون الخصوص محرما في صورة، وهو خلاف الإجماع والضرورة.
وزاد التبريزي: فقال: الصحيح صحة الصلاة، واجتمع الأمر والنهي باعتبار جهتين.
قلنا: البعيد اتحاد المتعلق، واختلاف وجوه الفعل يبطل اتحاد المتعلق، وكونه لازم الوقوع في الصورة المعينة لا يوجب دخوله في التعلق؛ لأن الأمر هو الطلب، ومتعلقه المعلوم، وما لا يتعلق به العلم لا يتعلق به الطلب، ولذلك لو تعلق به العلم، ولم يتعلق به الغرض - ولو قدرنا الأمر قولا ذكر - فمتعلقه المذكور، فما ليس بمذكور فليس بمأمور، ولو سلم فاللازم لمسماه الصلاة، وهو شغل الحيز لا شغل تلك الغير، والغاصب لم يؤمر بالصلاة في المكان المعين، بل بالصلاة وهو متمكن من إيقاعها بدون شغل تلك الغير، إلا ألا يجد مكانا غيره، فلا يكون منهيا عن الشغل، وليس كلامنا فيه، وإذا لم يدخل الشغل الذي هو متعلق النهي في مسمى الصلاة المأمور بها، ولا كان من لوازم وقوعها لم يتناوله الأمر بالصلاة فتجرد تعلق الأمر عن متعلق النهي إلا أنهما افترقا في الوقوع، وذلك لا يمنع الإجزاء بالمأمور به، كما لو أمر بكسر أحد الكوزين، ونهى عن كسر الآخر فضرب احدهما بالآخر فكسرهما، وكما لو صلى في زحمة، فكما قام أو قعد أدى، أو في ثوب مغصوب أو حرير مع ان الستر جزء الصلاة، فالمأمور به، وهو مقصود بالشغل ليس بمقصود، ويكفي القاطع في سقوط الغرض عنه، وهو الإجماع.
وقوله: (عندها) لأنها روغان في دفع القاطع؛ فإنا نعلم انحصار جهات سقوط فرض العين في الأداء وتعذره، وورود النسخ، ولا ينفك في انتفاء الأخيرين، فتعين الأول. ثم هب أن القاضي أبا بكر اضطر إلى ارتكاب هذا التكليف فما بال المصنف والإجماع عنده دليل ظني، ودليل كونه حجة عنده ظني، فهلا ترك موجبه لما يعتقده من الدليل القاطع؟
قلت: يريد بقوله: (متعلق الطلب) المعلوم أي ما قصد بالطلب، وإن كان اعتبارا في فعل؛ لأن ما لا شعور به متعذر طلبه.
وقوله: " لو قدرنا بالأمر ذكريا " يعني لسانيا؛ لأنه كان أولا يبحث في الطلب النفساني.
وقوله: " الستر جزء الصلاة المأمور بها " ممنوع بل شرطها، والفق أن الشرط خارج، والجزء داخل، والداخل يستحيل أن يكون خارجا، والشرط لا يكون جزءا.
وقوله: " يعلم انحصار جهات سقوط فرض العين في الأداء وتعذره في النسخ ":
مثال الأول: الصلاة المجموع على صحتها.
مثال الثاني: أغمى عليه حتى مات.
مثال الثالث: ذبح إسحاق عليه السلام؛ فإنه نسخ قبل وقوعه، لكن برئت الذمة لوجود النسخ لا إيقاع المأمور به على وجه الصحة.
قوله: " الإجماع عنده دليل ظني ".