الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الرابعة
قال الرازي: قوله تعالى: {لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة} [الحشر: 20] لا يقتضي نفي الاستواء في جميع الأمور
؛ حتى في القصاص؛ لوجهين:
الأول: أن نفي الاستواء أعم من نفي الاستواء من كل الوجوه، أو من بعضها، والدال على القدر المشترك بين القسمين لا إشعار فيه بهما.
الثاني: أنه: إما أن يكفي في إطلاق لفظ المساواة الا ستواء من بعض الوجوه، أو لابد فيه من الاستواء من كل الوجوه.
والأول باطل؛ وإلا لوجب غطلاق لفظ المتساويين على جميع الأشياء؛ لأن كل شيئين، فلابد وأن يستويا في بعض الأمور؛ من كونهما معلومين، ومذكورين، وموجودين، وفي سلب ما عداهما عنهما، ومتى صدق عليه المساوي، وجب أن يكذب عليه غير المساوي؛ لأنهما في العرف كالمتناقضين، فغن من قال: هذا يساوي 1ذاك، فمن أراد تكذيبة قال: إنه لا يساويه.
والمتناقضان لا يصدقان معا؛ فوجب ألا يصدق على شيئين ألبتة: أنهما متساويان، وغير متساويين، ولما كان ذلك باطلا، علمنا أنه يعتبر في المساواة المساواة من كل الوجوه؛ وحينئذ يكفي في نفي المساواة نفي الاستواء؛ من بعض الوجوه؛ لأن نقيض الكلي هو الجزئي.
فإذن: قولنا: (لا يستويان) لا يفيد نفي الاستواء؛ من جميع الوجوه، والله أعلم.
المسألة الرابعة
قال القرافي: قوله تعالى: {لايستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة} [الحشر: 20].
قوله: " لا يقتضي نفي الاستواء من كل الوجوه، حتى في القصاص ".
قلنا: البحث في هذه المسألة دائر على بحث واحد، وهو أن لفظ (تساوي) و (استوى) و (مائل زيد عمر) المتماثلات كلها، والاستواءات، هل مدلولها في اللغة المشاركة في جميع الوجوه؛ حتى يكون مدلولها كلا شاملا ومجموعا محيطا؛ لأن مدلولها المساواة في شيء ما؛ حتى يصدق بأي وصف كان؟
وعلى هذا؛ ما من شيء إلا وهو مساو غيره؛ إذ لابد له من المشاركة، ولو في المعلومية، فعلى هذا؛ يكون المسمى أمرا كليا أعم من الكلي الذي هو المجموع.
إذا تقرر هذا في جهة الثبوت، ظهر أثرة في جهة النفي.
فإن قلنا: هو المجموع، والمجموع يصدق نفيه بجزء غير معين؛ فلا يحصل شمول، كما قال المصنف:" حتى في نفي القصاص ".
وإن قلنا: مسماه المفهوم العام؛ حتى يصدق بأي صفة كانت، فلا يصدق نفي هذا إلا بالسلب في جميع الصفات، كما قال المصنف، والذي يظهر في موارد الاستعمال أن هذه الألفاظ من المساواة والمماثلة، تقتضي المشاركة فيما سبق الكلام لأجله.
فإن قلنا: زيد مثل عمرو، وكان الكلام في سياق العفة أو الشجاعة
.....................................................................
..........................................................
أو السخاء، ونحوه، اختص كلامنا بالمماثلة في ذلك، ولا نجد أهل اللغة يجعلون مثل هذا الكلام مجازا؛ بل حقيقة.
وإن قولنا: " زيد مثل الأسد شدة " إنه حقيقة.
وكذلك قولنا: " زيد كالأسد " حقيقة، إنما المجاز إذا قلنا:" زيد الأسد " مع حذف أداة التشبيه من الحرف أو الاسم، وإذا قلنا:" السواد مثل البياض " في افتقاره للمحل، أو في كونه لونا فإن هذا الكلام حقيقة لا مجاز فيه، فعلى هذا؛ يمنع أنه يقتضي النفي في جميع الوجوه؛ لأن الأمر، إذا كان مفيدا بالسياق، خصصنا أيضا سلب المساواة بما اقتضاه السياق؛ فيكون ما عداه مسكوتا عنه.
قوله: " لا يكفي الاستواء من وجه، وإلا لصدق على كل شيء أنه مساو لغيره ".
قلنا: ممنوع؛ لاحتمال أن يخصص ذلك الوجه بما دل السياق عليه؛ وحينئذ لا يقع التعميم؛ لاحتمال أن يكون السياق في بيان المخالفة، لا في بيان المساواة.
قوله: " هما في العرف كالمتناقضين ".
قلنا: مسلم؛ لكن لأجل السياق الأول، غذا دل على معنى، ووقوع المساواة فيه إثباتا، نفاه الآخر؛ بقوله:" ليسا مستويين " اي فيما اشرت إليه، كما اتفقوا على المناقضة في قولنا:" زيد قائم، زيد ليس بقائم " لأن القائل الثاني فهم عن القائل الأول الزمان الحاضر، فنفاه، وحصلت المناقضة، وإن لم يصرح الأول، ولا الثاني بالزمان الحاضر، كذلك هاهنا تحصل المناقضة؛ لأن العادة القصد إلى ذلك الذي أشعر به السياق؛ فحصل التناقض، لاتحاد المورد في الخطابين.
قوله: " نقيض الكلي، هو الجزئي ".