الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المؤنث وضعا أم لا؟ والخصم لم ينتبه، إنما بين الجمع بسبب الإرادة، وهو لا نزاع فيه.
(فائدة)
الجمع لأجل الإرادة في لفظ أحد القسمين يكون لاسباب ثلاثة:
الأول: الشرف، فيغلب المذكر على المؤنث؛ لشرف التذكير، ومنه قول الشاعر (الطويل):
...........................
…
لنا قمراها والنجوم الطوالع
فقوله: (قمراها) تغليب للفظ القمر على لفظ الشمس؛ لكون القمر مذكرا، والشمس مؤنثة.
ومنه قوله تعالى: {ولأبويه لكل
…
} [النساء: 11] غلب الأب على الأم.
الثاني: خفه اللفظ، ومنه قولهم: دولة العمرين، يريدون أبا بكر وعمر، وكلاهما مذكر، لكن لفظ عمر أخف، فلو غبوا لفظ أبي بكر لقالوا: ابوي بكر، وهو أكثر حروف من قولهم: العمرين.
وقيل: المراد عمر بن عبد العزيز، وعمر بن الخطاب؛ وعلى هذا لا تغليب.
الثالث: كراهة المعنى؛ ومنه قوله عائشة رضي الله عنها: " وما لنا عيش إلا الأسودان ".
تريد التمر والماء، والتمر أسود، والماء ليس بأسود؛ فغلبت التمر الأسود مع أن كليهما مذكر، ولفظ كليهما على وزن (أفعل) سواء، غير أن العرب شأنها كراهة ذكر البياض، ولذلك يسمون الأبيض أحمر، ومنه قوله عليه السلام " بعثت إلى الاسود والأحمر ".
قيل: للعرب والعجم؛ لأن العجم أصفى من العرب لونا.
وقيل: للجن والإنس؛ لأن الجان؛ بخفائهم عن الأعين، كانهم في غاية السواد؛ لأن ما لا يرى يرى أسود، ولذلك من غمض عينيه لا يرى غلا سوادا، وفي الظلام كذلك، والأعمى كذلك، ومنه تسمية عائشة بالحميراء، مع قوة بياضها وصفائه لذلك.
فلذلك غلبوا الأسود، فهذه اسباب التغليب، وهي تؤكد أنها مجاز قطعا، فإن الأب لم يوضع للأم، ولا عمر لأبي بكر، ولا الأسود للأبيض، وإنما ذلك مجاز؛ لأجل التغليب، والباعث عليه الأسباب المذكورة، فتأمل ذلك.
***