الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والمأمورات قسمان:
منها ما صورها كافية في تحصيل مصالحها، فلا يحتاج إلى النية، كرد الغصوب، ودفع الديون، ونفقات الزوجات والرقيق والأقارب والبهائم، ورد الودائع، ونحو ذلك؛ فإن صورة دفع المال كافية في تحصيل المصلحة المقصودة منه، فإذا دفع بغير نية لا نقول له: لم يجز عنك فأعط مرة أخرى، بل الآخذ انتفع بما أخذه، قصد الدفع أم لا، ومن ذلك النية، فإنها مأمور بها، ومقصودها التمييز، وهو حاصل لها لذاتها، فلا تفتقر إلى قصد يصيرها متميزة لاستحالة وقوعها غير متميزة، فلا جرم استغنيت عن النية لذلك، ولا حاجة إلى التعليل؛ لأنها لو احتاجت النية إلى نية أخرى لزم التسلسل.
ومنها ما لا يكفي تصورها في تحصيل مصالحها كالعبادات؛ فإن مقصودها تعظيم الله تعالى، والتعظيم لا يكون إلا مع القصد؛ فإنك إذا صنعت طعاما لمن تقصد إكرامه، فأكله غير من قصدته فإنك لا تعد معظما له، فإذا لم يقصد الله سبحانه وتعالى بهذه العبادة لا يكون الله سبحانه وتعالى معظما بها، فلا جرم لم تحصل مصالحها إلا بالنية فافتقرت إلى النية، فهذا ضابط ما يحتاج إلى النية مما لا يحتاج.
(قاعدة)
التصرفات ثلاثة أقسام:
منها ما يمكن أن يقصد به التقرب إلى الله تعالى، واشترط فيه القصد.
ومنها ما لا يمكن أن يقصد به التقرب إلى الله تعالى، فلا يشترط فيه القصد.
ومنها ما يمكن أن يقصد به التقرب إلى الله تعالى، ولم يشترط فيه القصد.
مثال الأول: العبادات.
[ص 1631]
مثال الثاني: بعض الواجبات، وهو النظر الأول المفضي إلى إثبات العلم بالصانع؛ فإنه قد أجمعت الأمة على أنه واجب لا يمكن التقرب به؛ لتعذر ذلك من جهة أن الفاعل قبل فعله له يتعذر عليه أن يعلم أن له ربا يتقرب إليه، ولبعضهم فيه بحث قد ذكرته في كتاب " الأمنية في إدراك النية "
مثال الثالث: الديون، ورد الودائع، وما ذكره معها، ويمكن أن ينوي بها التقرب.
وكذلك المباحات يمكن أن يقصد بها التقرب كما قال معاذ بن جبل: " إني لآثاب على نومتي كما أئاب على قومتي "؛ لأنه كان يقصد بنومه الاستعانة.
إلى الله تعالى، كالاستعانة بالنوم على الطاعة، فظهر بهذا البحث أن هذه المسألة ليست على إطلاقها.
***