الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عنهم وزحف إليه التّرك ومعهم الصّغد وأهل فرغانة فى مائتى ألف.
وملكهم كوربغانو «1» ابن أخت ملك الصّين، فاعترضوا المسلمين؛ فلحقوا عبد الرحمن بن مسلم أخا قتيبة وهو على الساقة وبينه وبين قتيبة وأوائل العسكر ميل، فقاتلهم عبد الرحمن ومن معه، وأرسل إلى أخيه، فرجع بالمسلمين، وقد أشرف الترك على الظهور على عبد الرحمن ومن معه، فلما رأى المسلمون قتيبة طابت نفوسهم، وقويت، وقاتلوا إلى الظّهر، فانهزم الترك ومن معهم وكان نيزك يومئذ مع قتيبة، فأبلى بلاء حسنا، ورجع قتيبة بعد الهزيمة إلى مرو
ذكر غزو بخارى وفتحها
كانت غزوة بخارى فى سنة [89 هـ] تسع وثمانين، والفتح فى سنة [90 هـ] تسعين؛ وذلك أن الحجاج بن يوسف كتب إلى قتيبة يأمره بقصد وردان خذاه «2» ، فعبر النّهر من زمّ «3» ، فلقى الصّغد وأهل كسّ ونسف فى طريق المفازة، فقاتلوه، فظفر بهم.
ومضى إلى بخارى، فنزل خرقانة السّفلى عن يمين وردان، فلقوه فى جمع كثير، فقاتلهم يومين وليلتين، فظفر بهم، وغزا وردان «4» خذاه ملك بخارى فلم يظفر منه بشىء، فرجع إلى مرو. وكتب إلى الحجاج يخبره؛ فكتب إليه الحجاج أن صوّرها. فبعث إليه
بصورتها، فكتب إليه أن تب إلى الله جلّ ثناؤه مما كان منك وأتها من مكان كذا وكذا.
[قيل «1» ] : وكتب إليه أن كس بكس، وانسف نسفا، ورد وردان، وإياك والتحويط، ودعنى من بنيّات «2» الطريق.
فخرج قتيبة إلى بخارى فى سنة [90 هـ] تسعين، فاستجاش وردان خذاه الصّغد والترك ومن حوله، فأتوه «3» وقد سبق إليها قتيبة وحصرها «4» . فلما جاءتهم أمدادهم خرجوا إلى المسلمين يقاتلونهم، فقالت الأزد: اجعلونا ناحية، وخلّوا بيننا وبين قتالهم، فقال قتيبة: تقدّموا، فتقدّموا، وقاتلوا قتالا شديدا، ثم انهزم الأزد، حتى دخلوا العسكر، وركبهم المشركون حتى حطموهم، وقاتلت مجنبتا المسلمين الترك حتى ردّوهم إلى مواقفهم، فوقفت الترك على نشز، فقال قتيبة: من يزيلهم عن هذا الموقف! فلم يقم «5» لهم أحد من العرب، فأتى بنى تميم، فقال لهم: يوم «6» كأيّامكم.
فأخذ وكيع اللواء، وقال: يا بنى تميم، أتسلموننى اليوم؟
قالوا: لا، يا أبا المطرّف «7» ، وكان هزيم «8» بن أبى طحمة «9» على خيل تميم، ووكيع رأسهم. فقال: يا هزيم قدّم خيلك، ورفع إليه
الراية، وتقدم هزيم، وتقدّم وكيع فى الرّجّالة «1» ، وكان بينهم وبين الترك نهر، فأمر وكيع هزيما بقطعه إليهم، فعبره فى الخيل، وانتهى وكيع إلى النهر، فعمل عليه جسرا من خشب، وقال لأصحابه: من وطّن نفسه على الموت فليعبر وإلّا فليثبت مكانه.
فلم يعبر معه إلا ثمانمائة رجل «2» . فلما عبر بهم قال لهزيم: إنى مطاعنهم فاشغلهم عنّا بالخيل، وحمل عليهم حتى خالطهم، وحمل هزيم فى الخيل فطاعنهم «3» ، وقاتلهم المسلمون حتى حدروهم عن التلّ، ثم عبر الناس إليهم بعد انهزام التّرك، ونادى قتيبة: من أتى برأس فله مائة، فأتى برءوس كثيرة، وجرح خاقان وابنه، وفتح الله على المسلمين.
قال: ولما أوقع قتيبة بأهل بخارى هابه الصّغد، فرجع طرخون ملكهم ومعه فارسان، فدنا من عسكر قتيبة، فطلب رجلا يكلّمه.
فأرسل إليه قتيبة حيّان «4» النبطى، فطلب الصلح على فدية يؤدّيها إليهم.
فأجابه قتيبة إلى ما طلب، وصالحه، ورجع طرخون إلى بلاده.
ورجع قتيبة ومعه نيزك.