الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فمهلا يا يزيد أنب إلينا
…
ودعنا من معاشرة العبيد
نجىء «1» ولا «2» نرى إلّا صدودا
…
على أنّا نسلّم من بعيد
ونرجع خائبين بلا نوال
…
فما بال التجهّم والصّدود
*** وفى هذه السنة جهّز سليمان الجيوش إلى القسطنطينية، واستعمل ابنه داود على الصائفة، فافتتح حصن المرأة.
وفيها غزا مسلمة أرض الوضّاحية، وفتح الحصن الذى فتحه الوضّاح.
وغزا عمر بن هبيرة الروم فى البحر فشتابها. وحجّ سليمان بن عبد الملك بالناس.
وفيها عزل داود بن طلحة «3» الحضرمى عن مكة، فكان عمله عليها ستة أشهر، وولى عبد العزيز بن عبد الله بن خالد.
سنة (98 هـ) ثمان وتسعين:
ذكر محاصرة القسطنطينية
فى هذه السنة بعث سليمان الجيوش إلى القسطنطينية مع أخيه مسلمة بعد أن سار سليمان إلى دابق «4» ، وكان ملك الروم قد مات، فجاء أليون من أذربيجان إلى سليمان، وأخبره بوفاته، وضمن له فتح الروم، فبعث معه مسلمة، فسار هو وأليون، فلما دنا من أرض الروم أمر كلّ فارس أن يحمل معه مدّين من طعام، فلما أتاها أمر
بإلقاء ذلك، فصار مثل الجبال، وقال مسلمة لمن معه: لا تأكلوا منه شيئا وأغيروا «1» فى أرضهم وازرعوا، وعمل بيوتا من خشب فشتا فيها وصاف وزرع الناس، فلما «2» كثر عندهم الطعام أقام مسلمة قاهرا للروم معه أعيان الناس، فأرسل الروم إلى مسلمة يعطونه عن كل رأس دينارا فلم يقبل، فقالت الروم لأليون: إن صرفت عنا المسلمين ملّكناك، فاستوثق منهم، وأتى مسلمة فقال له: إنّ الروم قد علموا أنك لا تصدقهم القتال، وأنك تطاولهم ما دام الطعام عندك، فلو أحرقته أعطوا ما بأيديهم، فأمر مسلمة بالطعام فحرق، فقوى الروم وضاق المسلمون حتى كادوا يهلكون، وداموا على ذلك حتى مات سليمان.
وقيل: إن أليون إنما خدع مسلمة بأن سأله أن يدخل من الطعام إلى الروم ما يعيشون به ليلة [واحدة]«3» ، ليصدّقوا أنّ أمره وأمر مسلمة واحد، وأنهم فى أمان من السّبى والخروج من بلادهم، فأذن له فى ذلك. وكان أليون قد أعدّ السّفن والرجال فنقلوا تلك الليلة الطعام كلّه، وأصبح أليون محاربا، ولقى الجند ما لم يلقه أحد «4» ، حتى أن كان الرجل ليخاف أن يخرج من العسكر وحده، وأكلوا الدواب والجلود وأصول الشجر والورق، وسليمان مقيم بدابق ووقع «5» الشتاء فلم يقدر أن يمدّهم حتى مات.
وفى هذه السنة بايع سليمان لابنه أيوب بولاية العهد.
وفيها فتحت مدينة الصقالبة.
وفيها غزا الوليد بن هشام وعمرو بن قيس، فأصيب ناس من أهل أنطاكية، وأصاب الوليد ناسا من ضواحى الرّوم، وأسر بشرا كثيرا.
ذكر فتح قهستان «1» وجرجان وطبرستان
فى هذه السنة غزا يزيد بن المهلّب جرجان وطبرستان.
وكان سبب اهتمامه بها أنّ يزيد لما كان عند سليمان بالشام فى حياة الوليد، فكان كلما فتح قتيبة فتحا يقول سليمان ليزيد: ألا ترى إلى ما يفتح الله على قتيبة! فيقول يزيد: ما فعلت جرجان التى قطعت الطريق، وأفسدت قومس ونيسابور، ويقول: هذه الفتوح ليست بشىء، الشأن فى «2» ، جرجان.
وكان سعيد بن العاص قد صالح أهل جرجان، فكانوا يجبون أحيانا مائة ألف، وأحيانا مائتى ألف، وأحيانا ثلاثمائة ألف، وربما منعوا ذلك، ثم أظهروا الامتناع وكفروا فلم يعطوا خراجا، ولم يأت جرجان بعد سعيد أحد، و [قد]«3» منعوا ذلك الطريق فلم يكن يسلك أحد طريق
خراسان إلا على فارس وكرمان.
فلما ولى سليمان يزيد خراسان لم يكن له همّة غير جرجان، فسار إليها فى مائة ألف سوى الموالى والمتطوعة، ولم تكن جرجان يومئذ مدينة، إنما هى جبال ومخارم وأبواب يقوم الرجل على باب منها فلا يقدر عليه أحد، فابتدأ بقهستان «1» فحاصرها، وكان أهلها طائفة من الترك، فقاتلهم قتالا شديدا، واشتدت الحرب، وقطع عنهم الميرة، فبعث دهقانها، واسمه صول «2» يطلب من يزيد الأمان لنفسه وأهله وماله، ويسلّم إليه المدينة بما فيها، فأمّنه ووفى له، ودخل المدينة فقتل بها أربعة عشر ألف تركى صبرا، وأخذ ما فيها من الكنوز والسّبى وغير ذلك، ثم خرج حتى أتى جرجان فهابه أهلها، وأتوه وصالحوه، فأجابهم إلى ذلك، وصالحهم، فطمع فى طبرستان، فسار إليها فصالحه اصبهذها «3» على سبعمائة ألف «4» ، وقيل خمسمائة ألف وأربعمائة وقر زعفران، أو قيمته من العين، وأربعمائة رجل على كل رجل منهم ترس وطيلسان، ومع كل رجل جام من فضّة وسرقة حرير وكسوة، فأرسل من يقبض ذلك وانصرف إلى جرجان. [والله أعلم «5» ] .