الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفيها غزا معاوية بن هشام الصائفة اليسرى، وغزا سعيد بن هشام الصائفة اليمنى، حتى أتى قيسارية.
وغزا عبد الله بن أبى مريم البحر.
وفيها سارت التّرك إلى أذربيجان، فلقيهم الحارث بن عمرو، فهزمهم.
وفيها استعمل هشام الجرّاح بن عبد الله الحكمىّ على أرمينية، وعزل أخاه مسلمة، فدخل بلاد الخزر من ناحية تفليس «1» ، ففتح مدينتهم البيضاء، وانصرف سالما.
(ذكر مقتل الجراح بن عبد الله الحكمى وولاية سعيد الحرشى وحروبه مع الخزر والتّرك، وما افتتحه من البلاد)
وفى سنة [112 هـ] ثنتى عشرة ومائة قتل الجرّاح بن عبد الله الحكمى
.
وسبب ذلك أنه لما هزم الخزر اجتمعوا هم والتّرك من ناحية اللّان، فلقيهم الجرّاح فيمن معه من أهل الشام، فاقتتلوا أشدّ قتال رآه الناس، وتكاثر الخزر والتّرك على المسلمين، فاستشهد الجرّاح ومن معه بمرج أردبيل «2» ، فلما قتل طمع الخزر وأوغلوا فى البلاد حتى قاربوا الموصل، وعظم الخطب على المسلمين.
فبلغ الخبر هشام بن عبد الملك، فاستشار سعيدا الحرشى،
فقال: أرى أن تبعثنى على أربعين دابّة من دوابّ البريد، ثم تبعث إلىّ كل يوم بأربعين [رجلا]«1» ، واكتب إلى أمراء الأجناد أن يوافونى «2» . ففعل ذلك، وسار الحرشىّ وهو لا يمرّ بمدينة إلّا استنهض «3» أهلها، فيجيبه من يريد الجهاد.
ولم يزل كذلك حتى وصل إلى مدينة أرزن «4» ، فلقيه جماعة من أصحاب الجرّاح، فردّهم معه، وسار فبلغ خلاط «5» ، فحاصرها أياما وفتحها، وقسّم غنائمها فى أصحابه، ثم سار عنها وفتح الحصون والقلاع شيئا بعد شىء حتى أتى بردعة، وكان ابن خاقان يومئذ بأذربيجان يغير وينهب ويسبى ويقتل، وهو يحاصر مدينة ورثان «6» ، فأرسل الحرشىّ رجلا من أصحابه إلى أهلها يعرّفهم وصوله، ويأمرهم بالصبر، فسار ولقيه بعض الخزر، فأخذوه وسألوه عن الخبر، فأخبرهم وصدقهم، فقالوا له: إن فعلت ما نأمرك به أحسنّا إليك، وأطلقناك، وإلا قتلناك. قال: فما الذى تريدون؟ قالوا «7» : تقول لأهل ورثان: إنكم ليس لكم مدد، ولا من يكشف ما بكم، وتأمرهم بتسليم البلد إلينا. فأجابهم إلى ذلك.
فلما قارب المدينة وقف بحيث يسمع أهلها كلامه، فقال لهم:
أتعرفونى؟ قالوا: نعم، أنت فلان. قال: فإنّ الحرشى قد وصل إلى مكان كذا فى عساكر كثيرة، وهو يأمركم بحفظ البلد، والصّبر، ففى هذين اليومين يصل إليكم.
فرفعوا أصواتهم بالتهليل والتكبير، وقتلت الخزر ذلك الرجل، ورحلوا عن مدينة ورثان، ووصلها الحرشى، وقد ارتحل الخزر إلى أردبيل، فسبقهم «1» إليها، فساروا عنها، ونزل سعيد باجروان «2» ، فأتاه فارس على فرس أبيض، فقال له: أيها الأمير، هل لك فى الجهاد والغنيمة؟ قال: وكيف لى بذلك؟ قال: هذا عسكر الخزر فى عشرة آلاف، ومعهم خمسة آلاف بنت من المسلمين أسارى وسبايا، وهم على أربعة فراسخ.
فسار الحرشىّ إليهم ليلا، فوافاهم آخر الليل، وهم نيام، فكبسهم مع الفجر، ووضع المسلمون فيهم السيف، فما بزغت الشمس حتى قتلوا عن آخرهم غير «3» رجل واحد.
ثم أتاه ذلك الفارس الذى أتاه أولا وقال له: هذا جيش الخزر ومعهم أموال المسلمين وأولادهم، وحرم الجرّاح وأولاده، وهم بمكان كذا؛ فسار الحرشى إليهم، فما شعروا إلّا والمسلمون معهم، فوضعوا فيهم السيف فقتلوهم كيف شاءوا، ولم يفلت من الخزر إلا الشريد، واستنقذوا من معهم، وغنموا أموال الخزر، وحمل الأسارى إلى باجروان.