الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فى الدنيا وأعظم أجرا عند الله من الموت عطشا، وتقدم هو وقطن فى فوارس من تميم فقاتلوا حتى أزالوا التّرك عن الماء، فشرب الناس واستقوا، ثم قاتلوا الترك قتالا شديدا، فقتل ثابت قطنة فى جماعة من المسلمين بعد أن أبلوا أعظم بلاء وأحسنه.
ثم اجتمع رجال من المسلمين تبايعوا على الموت مع قطن بن قتيبة، وحملوا على العدوّ فقاتلوهم فكشفوهم، وركبهم المسلمون يقتلونهم حتى حجز بينهم اللّيل، وتفرّق العدوّ، وأتى أشرس بخارى، فحصر أهلها فعزل وهو يحاصرها بالجنيد بن عبد الرحمن على ما نذكره إن شاء الله تعالى.
ذكر وقعة كمرجة
قال: ثم إنّ خاقان حصر كمرجة «1» ، وهى من أعظم بلدان خراسان، وبها جمع من المسلمين، ومع خاقان أهل فرغانة وأفشينة «2» ، ونسف، وطوائف من أهل بخارى، فأغلق المسلمون الباب، وقطعوا القنطرة التى على الخندق، فأتاهم ابن خسرو بن يزدجرد، فقال: يا معشر العرب، لم تقتلون أنفسكم؟ أنا الذى جئت بخاقان ليردّ علىّ مملكتى، وأنا آخذ لكم الأمان، فشتموه، وأتاهم بازغرى، فقال: إنّ خاقان يقول لكم: إنى أجعل من عطاؤه منكم ستمائة ألفا، ومن عطاؤه ثلاثمائة ستمائة، ويحسن «3»
إليكم وتكونون معه، فأبوا ذلك، فأمر خاقان بجمع الحطب «1» الرطب، وأن يلقى فى الخندق ليعبروا عليه. فجمع فى سبعة أيام، فكانوا يلقون الحطب الرّطب، ويلقى المسلمون الحطب اليابس حتى سوّى الخندق بالأرض؛ فأشعل المسلمون فيه النيران، وهاجت ريح شديدة، فاحترق الحطب الذى جمع فى سبعة أيام فى ساعة واحدة، ثم فرّق خاقان على الترك أغناما، وأمرهم أن يأكلوها ويحشوا جلودها ترابا، ويلقوها فى الخندق، ففعلوا ذلك، فأرسل الله تعالى مطرا شديدا، فاحتمل السيل ما فى الخندق، وألقاه فى النّهر الأعظم.
ورماهم المسلمون بالسهام فقتل بازغرى وكان داهية، وكان خاقان لا يخالفه؛ ففرح المسلمون بقتله، وكان عند المشركين مائة من أسرى المسلمين فيهم أبو الحوجاء «2» العتكىّ والحجاج ابن حميد النضرى، وكان عند المسلمين مائتان من أولاد المشركين رهائن فقتلوهم، واستماتوا واشتدّ القتال.
ثم وقع الاتفاق بينهم وبين الترك على أنّ خاقان يرحل عن كمرجة، ويرحلوا هم عنها أيضا إلى سمرقند والدّبوسية «3» ، فأجاب أهل كمرجة إلى ذلك، وأخذ كلّ منهم من الطائفتين رهائن من الأخرى على الوفاء، وارتحل خاقان، ثم رحلوا بعده، وسيّر معه كور صول التّركى ليمنعهم ممن يتعرّض إليهم من الترك، فلما