الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر خبر عمير بن الحباب بن جعدة السلمى
وما كان بين قيس وتغلب من الحروب إلى أن قتل عمير ابن الحباب وما كان بعد ذلك.
كان مقتل عمير بن الحباب فى سنة [70 هـ] سبعين، وكان سبب ذلك أن عمير بن الحباب لما انقضى مرج راهط التحق بزفر بن الحارث الكلابى بقرقيسيا، ثم بايع مروان وفى نفسه ما فيها بسبب قتل قيس بالمرج «1» ، فلما سار عبيد الله بن زياد إلى الموصل كان معه، وقد ذكرنا اتفاقه مع إبراهيم بن الأشتر وانهزامه، حتى قتل عبيد الله [بن زياد]«2» ، وانهزمت جيوش الشّام، فلما كان ذلك أتى عمير ابن الحباب قرقيسيا، وصار مع زفر بن الحارث، فجعلا يطلبان كلبا واليمانيّة بمن قتلوا من قيس، وكان معهما قوم من تغلب يقاتلون معهما، ويدلّونهما، وشغل عبد الملك عنهما بمصعب، وتغلّب عمير على نصيبين «3» ، ثم ملّ المقام بقرقيسيا، فاستأ من إلى عبد الملك، فأمّنه، ثم غدر به فحبسه عند مولاه الريان، فسقاه عمير ومن معه من الحرس خمرا حتى أسكرهم، وتسلّق فى سلّم من الحبال، وخرج من الحبس، وعاد إلى الجزيرة، ونزل على نهر البليخ «4» بين حرّان والرّقة، فاجتمعت إليه قيس، فكان يغير بهم «5» على كلب واليمانية، وكان من معه يسيئون «6» جوار تغلب، ويسخّرون
مشايخهم من النصارى، فهاج ذلك بينهم شرّا، إلّا أنه لم يبلغ الحرب. ثم إن عميرا أغار على كلب، ورجع فنزل على الخابور، وكانت منازل تغلب بين الخابور والفرات ودجلة، وكانت بحيث نزل عمير- امرأة من تميم ناكح فى تغلب، يقال لها أم ذويل «1» ، فأخذ غلام من بنى الحريش أصحاب عمير عنزا من غنمها، فشكت ذلك إلى عمير، فلم يمنع عنها، فأخذوا الباقى، فمانعهم قوم من تغلب، فقتل منهم رجل يقال له مجاشع التّغلبى، وجاء ذويل فشكت أمّه إليه، وكان من فرسان تغلب، فسار فى قومه وجعل يذكّرهم ما يصنع بهم قيس، فاجتمع منهم جماعة وأمّروا عليهم شعيث «2» ابن مليل التغلبى، فأغاروا على بنى الحريش ومعهم قوم من نمير، فقتل فيهم التغلبيّون واستاقوا ذودا لامرأة منهم يقال لها أمّ الهيثم، فمانعهم القيسيّون، فلم يقدروا على منعهم، فكان بينهم أيام «3» مذكورة نحن نذكرها على سبيل الاختصار؛ منها:
يوم ماكسين «4» :
قال: ولما استحكم الشرّ بين قيس وتغلب؛ وعلى قيس عمير، وعلى تغلب شعيث بن مليل غزا عمير بنى تغلب وجماعتهم بماكسين من الخابور فاقتتلوا قتالا شديدا، وهى أول وقعة كانت بينهم، فقتل من بنى تغلب خمسمائة وقتل شعيث، وكانت رجله قد قطعت، فجعل يقاتل حتى قتل، وهو يقول:
قد علمت قيس ونحن نعلم
…
أنّ الفتى يقتل وهو أجذم
ويوم الثّرثار الأول:
والثّرثار «1» نهر أصل منبعه شرقى مدينة سنجار يفرغ فى دجلة.
قال: لما قتل من تغلب بماكسين من قتل استمدّت تغلب وحشدت واجتمعت إليها النّمر بن قاسط، وأتاها المجشّر «2» ابن الحارث الشيبانى. وكان من ساداتهم بالجزيرة، وأتاها عبيد الله ابن زياد بن ظبيان منجدا لهم، واستنجد عمير تميما وأسدا فلم ينجده منهم أحد، فالتقوا على الثّرثار، وقد جعلت تغلب عليها بعد شعيث زياد بن هوبر «3» ، ويقال يزيد بن هوبر التغلبى، فاقتتلوا، فانهزمت قيس، وقتلت تغلب منها مقتلة عظيمة، وبقروا بطون ثلاثين امرأة من بنى سليم.
ويوم الثّرثار الثانى:
قال: ثم إنّ قيسا تجمّعت واستمدّت، وأتاهم زفر بن الحارث من قرقيسيا، فالتقوا بالثّرثار، واقتتلوا قتالا شديدا. فانهزمت تغلب ومن معها.
ويوم الفدين:
قال: وأغار عمير على الفدين «4» ، وهى قرية على الخابور فقتل من بها من بنى تغلب.
ويوم السّكير:
وهو على الخابور؛ يسمى سكير «1» العباس؛ قال: ثم اجتمعوا والتقوا واقتتلوا قتالا شديدا، فانهزمت تغلب والنّمر، وهرب عمير ابن جندل، وهو من فرسان تغلب؛ فقال عمير بن الحباب:
وأفلتنا يوم السّكير ابن جندل
…
على سابح عوج اللبان مثابر
ونحن كررنا الخيل قبّا «2» شوازبا
…
دقاق الهوادى داميات الدّوابر
ويوم المعارك:
والمعارك بين الحضر «3» والعقيق من أرض الموصل، اجتمعت تغلب بهذا المكان فالتقوا هم وقبس، واقتتلوا به، فاشتدّ قتالهم، فانهزمت تغلب، فيقال: إن يوم المعارك والحضر واحد هزموهم إلى الحضر، وقتلوا منهم بشرا كثيرا. وقيل: هما يومان، كانا لقيس على تغلب. والتقوا أيضا بلبىّ «4» فوق تكريت فتناصفوا، فقيس تقول: كان الفضل إلىّ «5» ، وتغلب تقول: كان لنا.
ويوم الشّرعبيّة:
ثم التقوا بالشرعبيّة فكان بينهم قتال شديد كان لتغلب على قيس، قتل يومئذ عمار بن المهزم «6» السلمى. والشّرعبيّة هذه من بلاد تغلب ليست الشرعبيّة التى ببلاد منبج.