الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شعاركم: يا محمد، ولا تتبعوا مولّيا، وعليكم بالدوابّ فاعقروها فإنها إذا عقرت كانت أشدّ عليهم منكم، وسار بهم ليلا فوافى عسكر الترك وقت السّحر، فخالطهم المسلمون، وعقروا الدواب، فانهزمت الترك، ونادى منادى المسيّب: لا تتبعوهم، فإنهم لا يدرون من الرّعب أتبعتوهم أم لا.
وأمر أصحابه أن يقصدوا القصر ويحملوا ما فيه من المال ومن بالقصر؛ ممن يعجز عن المشى، ففعلوا، ورجع إلى سمرقند، ورجع التّرك من الغد، فلم يروا بالقصر أحدا، ورأوا قتلاهم، فقالوا: لم يكن الذين أتونا من الإنس. والله أعلم.
ذكر غزو الصغد
وفى سنة [102 هـ] اثنتين ومائة أيضا عبر سعيد النهر، وغزا الصّغد، وكانوا نقضوا العهد، وأعانوا التّرك على المسلمين، فلقيه الترك وطائفة من الصّغد، فهزمهم المسلمون وساروا حتى انتهوا إلى واد بينهم وبين المرج، فقطعه بعضهم وقد أكمن «1» لهم التّرك، فلما جازهم المسلمون خرجوا عليهم، فانهزم المسلمون حتى انتهوا إلى الوادى، ثم جاء الأمير وبقيّة الجيش فانهزم العدوّ.
وفيها غزا عمر بن هبيرة الروم من ناحية أرمينية، وهو على الجزيرة قبل أن يلى العراق، فهزمهم، وأسر منهم خلقا كثيرا. وقيل «2» سبعمائة أسير.
وغزا عباس بن الوليد بن عبد الملك الروم، فافتتح دلسة «1» ، وغزا أيضا فى سنة ثلاث ومائة، ففتح مدينة يقال لها رسلة «2» .
ذكر الوقعة بين سعيد الحرشى «3» أمير خراسان وبين الصّغد
وفى سنة [104 هـ] أربع ومائة غزا سعيد الحرشى، فقطع النّهر وسار فنزل قصر الرّيح على فرسخين من الدّبوسية «4» ، وكان الصّغد لما بلغهم عزل سعيد بن عبد العزيز عن خراسان واستعمال الحرشى خافوه على أنفسهم، فأجمع عظماؤهم على الخروج من بلادهم، فقال لهم ملكهم: أقيموا واحملوا له خراج ما مضى، واضمنوا له خراج ما يأتى، وعمارة الأرض، والغزو معه إن أراد ذلك، واعتذروا مما كان منكم، وأعطوه رهائن. قالوا: نخاف ألّا يقبل ذلك منا، ولكنا نأتى خجندة «5» فنستجير بملكها، ونرسل إلى الأمير فنسأله الصّفح عما كان منّا.
فوافقهم.
فخرجوا إلى خجندة، وأرسلوا إلى ملك فرغانة يسألونه أن يمنعهم، وينزلهم مدينته، فأراد أن يفعل فنهته أمه، وقالت له: فرّغ لهم رستاقا يكونون فيه؛ فأرسل إليهم: سمّوا رستاقا تكونون فيه حتى نفرغه لكم، وأجّلونى أربعين يوما.
فاختاروا شعب عصام بن عبد الله الباهلى، فقال: نعم، وليس علىّ عقد ولا جوار حتى تدخلوه، وإن أتتكم العرب قبل دخوله لم أمنعكم. فرضوا، وفرغ لهم الشّعب.
فلما انتهى الحرشى إلى قصر الرّيح أتاه ابن عم ملك فرغانة فقال له: إنّ أهل الصّغد بخجندة، وأخبره خبرهم، وقال: عاجلهم قبل أن يصلوا إلى الشّعب، فليس لهم علينا جوار حتى يمضى الأجل.
فوجّه معه عبد الرحمن القشيرى أو زياد «1» بن عبد الرحمن فى جماعة، ثم ندم «2» بعد ما فصلوا، وقال: جاءنى علج لا أعلم صدق أم كذب؛ فغرّرت بجند من المسلمين.
فارتحل فى أثرهم حتى نزل أشرو سنة «3» ، فصالحهم بشىء يسير، ثم سار مسرعا حتى لحق القشيرى، وساروا حتى انتهوا إلى خجندة، فنزل عليهم وأخذ فى التأهّب. وكان الذين بخجندة قد حفروا خندقا فى ربضهم وراء الباب، وغطّوه بقصب وتراب، وأرادوا إذا التقوا إن انهرموا دخلوا من الطريق «4» ، ويشكل على المسلمين فيسقطون فى الخندق. فلما خرجوا قاتلوهم فانهزموا وأخطئوا «5» هم الطريق فسقطوا فى الخندق، فأخرج منهم المسلمون أربعين رجلا، وحصرهم الحرشىّ، ونصب عليهم المجانيق.
فأرسلوا إلى ملك فرغانة: إنك قد غدرت [بنا]«6» ، وسألوه
أن ينصرهم، فقال: قد أتوكم قبل انقضاء الأجل، ولستم فى جوارى، فطلبوا الصّلح، وسألوا الحرشىّ أن يؤمنهم ويردّهم إلى الصّغد، فاشترط عليهم أن يردّوا ما فى أيديهم من نساء العرب وذراريهم، وأن يؤدوا ما كسروا من الخراج، ولا يغتالوا أحدا، ولا يتخلّف منهم بخجندة أحد، فإن أحدثوا حدثا حلّت دماؤهم.
فخرج إليهم الملوك والتجار من الصّغد، ونزل عظماء الصّغد على الجند الذين يعرفونهم، ونزل كارزنج على أيوب بن حسّان «1» ، وبلغ الحرشى أنهم قتلوا امرأة ممن كان فى أيديهم، فقال [لهم] «2» :
بلغنى أنّ ثابتا الإشتيخنى قتل امرأة؛ فجحدوا. فسأل حتى استصح الخبر، فأحضر ثابتا وقتله، فلما بلغ «3» كارزنج ذلك خاف أن يقتل فأرسل إلى ابن أخيه ليأتيه بسراويل، وكان قد قال لابن أخيه: إذا طلبت سراويل فاعلم أنه القتل. فبعث به إليه، وخرج واعترض الناس فقتل ناسا، وانتهى إلى ثابت بن عثمان بن مسعود فقتله ثابت، وقتل الصّغد مائة وخمسين رجلا كانوا عندهم من أسرى المسلمين، فأمر الحرشىّ بقتل الصّغد بعد عزل التجار عنهم، فقاتلهم الصّغد بالخشب، ولم يكن لهم سلاح، فقتلوا عن آخرهم، وكانوا ثلاثة آلاف، وقيل سبعة آلاف، واصطفى الحرشى أموال الصّغد وذراريهم، وأخذ من ذلك ما أعجبه، وقسّم ما بقى، وفتح المسلمون حصنا يطيف به وادى الصّغد من ثلاث جهات صلحا على ألّا يتعرض لنسائهم وذراريهم، ففعلوا.