الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حتى خرج منها إلى بلاد الخزر، فمرّ ببلنجر وسمندر «1» ، وانتهى إلى البيضاء التى يكون فيها خاقان، فهرب خاقان منه.
وفى سنة [120 هـ] عشرين ومائة غزا سليمان بن هشام بن عبد الملك الصائفة وافتتح سندرة
.
وغزا إسحاق بن مسلم العقيلى تومان شاه وافتتح قلاعه وخرّب أرضه.
(ذكر غزوات نصر بن سيار ماوراء النهر)
وفى سنة [121 هـ] إحدى وعشرين ومائة غزا نصر بن سيّار ماوراء النهر مرّتين:
إحداهما من نحو الباب الجديد، فسار «2» من بلخ، ثم رجع إلى مرو، فخطب الناس، وأخبرهم أنه قد أقام منصور بن عمر بن أبى الخرقاء على كشف المظالم، وأنه قد وضع الجزية عمّن أسلم، وجعلها على من كان يخفّف عنه من المشركين، فلم تمض جمعة «3» حتى أتاه ثلاثون ألف مسلم كانوا يؤدّون الجزية عن رءوسهم، وثمانون «4» ألفا من المشركين كانت الجزية قد وضعت عنهم، فحوّل ما كان على المسلمين عليهم، ثم صنّف الخراج ووضعه مواضعه.
ثم غزا الثانية إلى ورغسر «5» وسمرقند.
ثم غزا الثالثة إلى شاش من مرو، فحال بينه وبين عبور نهر الشاش كورصول فى خمسة عشر ألفا، وكان معهم الحارث بن سريج «1» ، وعبر كورصول فى أربعين رجلا فبيّت العسكر فى ليلة مظلمة، ومع نصر بخارى خذاه فى أهل بخارى، ومعه أهل سمرقند وكشّ ونسف، وهم عشرون ألفا، فنادى نصر: ألا لا يخرجنّ أحد، واثبتوا على مواضعكم.
فخرج عاصم بن عمير- وهو على جند سمرقند- فمرّت به خيل الترك، فحمل على رجل فى آخرهم فأسره، فإذا هو ملك من ملوكهم صاحب أربعة آلاف قبّة، فأتى به إلى نصر، فقال له نصر:
من أنت؟ قال: كورصول. قال: الحمد لله الذى أمكن منك يا عدوّ الله. قال: ما ترجو من قتل شيخ، وأنا أعطيك أربعة آلاف بعير من إبل الترك وألف برذون تقوّى به جندك، وتطلق سبيلى.
فاستشار نصر الناس، فأشاروا بإطلاقه، فسأله عن عمره قال: لا أدرى. قال: كم غزوت؟ قال: ثنتين وسبعين غزاة.
قال: أشهدت يوم العطش؟ قال: نعم. قال: لو أعطيتنى ما طلعت عليه الشمس ما أفلتّ من يدى بعد ما ذكرت من مشاهدك.
وقال لعاصم بن عمير السغدى «2» : قم إلى سلبه فخذه. فقال:
من أسرنى؟ قال: نصر- وهو يضحك- أسرك يزيد بن قرّان «3» الحنظلى، وأشار إليه. قال: هذا لا يستطيع أن يغسل استه، أو لا يستطيع أن يتم بوله، فكيف يأسرنى؟ أخبرنى من أسرنى؟ قال:
أسرك عاصم بن عمير. قال: لست أجد ألم «1» القتل إذا أسرنى فارس من فرسان العرب.
فقتله وصلبه على شاطىء النهر، فلما قتل أحرقت الترك أبنيته، وقطعوا آذانهم وشعورهم وأذناب خيولهم.
فلما أراد نصر الرجوع أحرقه لئلا يحملوا عظامه، فكان ذلك أشدّ عليهم من قتله.
وارتفع إلى فرغانة فسبى منها ألف رأس. وكتب يوسف ابن عمر الثقفى عاهل العراقين إلى نصر بن سيّار يأمره بالمسير إلى الشاش «2» لقتال الحارث بن سريج، فاستعمل نصر يحيى بن حصين على مقدمته، فسار إلى الشاش، فأتاهم الحارث، وأغار الأخرم، وهو فارس الترك، على المسلمين فقتلوه، وألقوا رأسه إلى الترك، فصاحوا وانهزموا، وسار نصر إلى الشاش فتلقّاه ملكها بالصلح والهديّة والرّهن، فاشترط عليه إخراج الحارث بن سريج من بلده، فأخرجه إلى فاراب «3» ، واستعمل على الشاش نيزك بن صالح مولى عمرو بن العاص، ثم سار حتى نزل قباء من أرض فرغانة، وكانوا قد علموا بمجيئة، فأحرقوا الحشيش، وقطعوا الميرة، فوجّه نصر إلى ولى عهد صاحب فرغانة فحاصره فى حصن، فخرج وقد غفل المسلمون فغنم دوابّهم، فوجّه إليهم نصر رجالا من تميم، ومعهم محمد بن المثنى، فكايدهم
المسلمون وأهملوا دوابهم وكمنوا لهم، فخرجوا فاستاقوا بعضها، وخرج عليهم المسلمون فهزموهم، وقتلوا الدّهقان وأسروا منهم، فكان فيمن أسر ابن الدّهقان، فقتله نصر.
وأرسل نصر سليمان بن صول بكتاب الصّلح إلى صاحب فرغانة، فأمر به فأدخل الخزائن ليراها، ثم رجع إليه، فقال: كيف رأيت الطريق فيما بيننا وبينكم؟ قال: سهلا كثير الماء والمرعى، فكره ذلك، وقال: ما أعلمك؟ فقال سليمان: قد غزوت غرشتان «1» وغور والختّل وطبرستان، فكيف لا أعلم؟ قال: فكيف رأيت ما أعددنا؟
قال: عدّة حسنة، ولكن أما علمت أنّ المحصور لا يسلم من خصال؟ [قال: وما هن؟ قال:] «2» لا يأمن أقرب الناس إليه، وأوثقهم فى نفسه، أو يفنى ما جمع، فيسلم برمته، أو يصيبه داء فيموت.
فكره ما قاله له، وأمره فأحضر كتاب الصلح، فأجاب إليه، وسير أمّه معه، وكانت صاحبة أمره، فقدمت على نصر فكلّمها فكلمته، وكان فيما قالت [له] «3» : كلّ ملك لا تكون عنده ستة أشياء فليس بملك: وزير يبثّ إليه ما فى نفسه، ويشاوره ويثق بنصيحته. وطبّاخ إذا لم يشته الطعام اتّخذ له ما يشتهى، وزوجة إذا دخل عليها مغتمّا فنظر إلى وجهها زال غمّه،