الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأقام شوذب بمكانه «1» حتى دخل مسلمة بن عبد الملك الكوفة، فشكا إليه أهل الكوفة مكان شوذب وحذّروه أمره، فأرسل إليه مسلمة سعيد بن عمرو الحرشىّ. فى عشرة آلاف، فقال شوذب لأصحابه:
من كان منكم يريد الشهادة فقد جاءته، ومن كان يريد الدنيا فقد ذهبت. فكسروا أغماد سيوفهم وحملوا فكشفوا سعيدا وأصحابه مرارا حتى خاف سعيد رحمه الله الفضيحة، وكان فارسا شجاعا، فوبخّ «2» أصحابه، وقبّح عليهم الفرار، فحملوا فقتلوا بسطاما ومن معه من الخوارج.
ذكر الغزوات والفتوحات فى خلافة يزيد بن عبد الملك بن مروان
ذكر غزوة الترك
وفى سنة [102 هـ] اثنتين ومائة كانت الحرب بين المسلمين والترك عند قصر الباهلى.
وقيل: كان سبب ذلك أنّ عظيما من عظماء الدّهاقين أراد أن يتزوّج امرأة من باهلة كانت فى ذلك القصر، فأبت فاستجاش التّرك، فجمعهم خاقان ووجّههم إلى الصّغد، فساروا وعليهم كورصول حتى نزلوا بقصر الباهلى، ورجوا أن يسبوا من فيه، وكان فيه مائة أهل بيت بذراريهم، وكان على سمرقند يومذاك عثمان بن عبد الله بن مطرّف بن الشّخّير من قبل سعيد بن عبد العزيز عامل خراسان، فكتب أهل القصر إليه، وخافوا أن يبطىء عنهم المدد، فصالحوا الترك على أربعين ألفا وأعطوهم سبعة عشر رجلا رهينة؛ وانتدب «3» عثمان الناس؛ فانتدب المسيب
ابن بشر الرّياحى، وانتدب معه أربعة آلاف من جميع القبائل، وعليهم شعبة بن ظهير، وكان على سمرقند قبل عثمان، فلما عسكروا قال لهم المسيّب: إنكم تقدمون على حلبة التّرك عليهم خاقان، والعوض إن صبرتم الجنة، والعقاب إن فررتم النار؛ فمن أراد الغزو والصبر فليقدم.
فرجع عنه ألف وثلاثمائة، فلما سار فرسخا [آخر]«1» ، فقال مثل ذلك؛ فاعتزله ألف، ثم سار فرسخا آخر فقال مثل ذلك، فاعتزله ألف، وبقى فى سبعمائة؛ فسار حتى بقى على فرسخين من التّرك، فأتاه الخبر أن أهل القصر قد صالحوا التّرك على أربعين ألفا، وأعطوهم سبعة عشر رجلا رهينة، وأنه لما بلغهم مسير المسلمين قتلوا الرهائن وأنهم اتّعدوا القتال غدا.
فبعث المسيّب رجلين إلى أهل القصر يعلمهم بقربه، ويستمهلهم يوما وليلة، فأتيا القصر فى ليلة مظلمة وقد أجرت «2» ، الترك الماء فى نواحى القصر، فليس يصل إليه أحد. فلما دنوا من القصر صاح بهم الرّبيئة فاستنصتاه، وقالا له: ادع لنا عبد الملك بن دثار، فدعاه، فأعلماه قرب المسيّب، [وأمراه بالصّبر غدا، ورجعا إلى المسيّب،]«3» فبايع أصحابه على الموت، فبايعوه، وسار حتى بقى «4» بينه وبين القصر نصف فرسخ، فلما أمسى أمر أصحابه بالصّبر، وقال: ليكن