الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر غزو مسلمة وعوده
فى هذه السنة فرّق مسلمة الجيوش ببلاد خاقان ففتحت مدائن وحصون على يديه، وقتل منهم وسبى وأسر وأحرق، ودان له من وراء جبال بلنجر، وأقبل ابن خاقان وقد اجتمعت عليه الخزر وغيرهم من تلك الأمم، وصار فى جموع عظيمة. فلما بلغ مسلمة الخبر أمر أصحابه فأوقدوا النيران، ثم ترك خيامهم وأثقالهم، وعاد بعسكره جريدة، وقدم الضعفة «1» وأخّر الشجعان، وطوى المراحل كلّ مرحلتين فى مرحلة حتى وصل الباب والأبواب [فى آخر رمق]«2» .
وفيها غزا معاوية بن هشام أرض الروم فرابط. من ناحية مرعش «3» ثم رجع. والله أعلم.
(ذكر غزو مروان بن محمد بلاد الترك) ودخوله إلى بلاد ملك السّرير وغيرها من بلادهم وما افتتحه وقرره وصالح عليه الملوك
وفى سنة [114] أربع عشرة استعمل هشام بن عبد الملك مروان بن محمد بن مروان على الجزيرة وأذربيجان وأرمينية
.
وسبب ذلك أنه كان فى عسكر مسلمة بن عبد الملك حين غزا الخزر، فلما عاد مسلمة- كما تقدّم- سار مروان إلى هشام فلم يشعر به
حتى دخل عليه، فسأله عن سبب قدومه، فقال: ضقت ذرعا بما أذكره، ولم أر من يحمله غيرى. قال: وما هو؟ قال:
يا أمير المؤمنين؛ إنه كان من دخول الخزر إلى بلاد الإسلام وقتل الجراح وغيره ما دخل به الوهن على المسلمين. ثم رأى أمير المؤمنين أن يوجّه أخاه مسلمة إليهم، فو الله ما وطىء من بلادهم إلّا أدناها، ثم إنه لما رأى كثرة جمعه أعجبه ذلك، فكتب إلى الخزر يؤذنهم بالحرب، وأقام بعد ذلك ثلاثة أشهر، فاستعدّ القوم وحشدوا، فلما دخل بلادهم لم يكن له فيهم نكاية، فكان قصاراه السّلامة، وقد أردت أن تأذن لى فى غزوة أذهب بها عنّا العار، وأنتقم من العدو. قال: قد أذنت لك. قال: وتمدنى بمائة ألف وعشرين ألف مقاتل؟
قال: قد فعلت. قال: وتكتم هذا الأمر عن كل أحد؟ قال:
قد فعلت. وقد استعملتك على إرمينية.
فودّعه وسار إلى إرمينية واليا عليها وسيّر إليه هشام الجنود [من الشام والعراق والجزيرة، فاجتمع عنده من الجنود]«1» والمتطوّعة مائة ألف وعشرون ألفا، فأظهر أنه يريد غزو اللّان، وأرسل إلى ملك الخزر يطلب منه المهادنة، فأجابه إلى ذلك، وأرسل «2» إليه من يقرر الصلح، فأمسك الرسول عنده إلى أن فرغ من جهازه، وأحضره، ثم أغلظ لهم فى القول وآذنهم بالحرب، وسيّر الرسول إلى صاحبه بذلك، ووكل به من يسير به
على طريق فيه بعد، وسار هو فى أقرب الطّرق، فما وصل الرسول إلى صاحبه إلّا ومروان قد وافاهم بالجنود، فاستشار ملك الخزر أصحابه، فقالوا: إنّ هذا قد جمع ودخل بلادك، فإن أقمت إلى أن تجمع لم يجتمع جندك إلى مدّة، فيبلغ منك ما يريد، وإن أنت لقيته على حالك هذه هزمك وظفر بك، والرأى أن تتأخّر إلى أقصى بلادك، وتدعه وما يريد.
فقبل رأيهم وسار ودخل مروان البلاد، وأوغل فيها، وأخربها، وغنم وسبى، وانتهى إلى آخرها، وأقام فيها عدّة أيام أذلّهم، ودخل بلاد ملك السّرير، فأوقع بأهلها، وفتح قلاعا، ودان له الملك، وصالحه على ألف رأس: خمسمائة غلام، وخمسمائة جارية سود الشعور «1» ، ومائة ألف مدى تحمل إلى الباب، وصالح أهل تومان «2» ، على مائة رأس نصفين وعشرين ألف مدى «3» ، ثم دخل أرض زديكران «4» ، فصالحه ملكها، ثم أتى أرض حمزين، فأبى حمزين أن يصالحه، فحصرهم، وافتتح حصنهم، ثم أتى سغدان «5» ، فافتتحها صلحا، ووظف على طبر سرانشاه «6» عشرة آلاف مدى كلّ سنة تحمل إلى الباب؛ ثم