الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإنّى امرؤ أحببت آل محمّد
…
وتابعت وحيا ضمّنته المصاحف
وبايعت «1» عبد الله لما تتابعت
…
عليه قريش شمطها والغطارف
وقال المتوكل اللّيثى «2» :
أبلغ أبا إسحاق إن جئته
…
أنّى بكرسيّكم كافر
تنزو شبام حول أعواده
…
ويحمل «3» الوحى له شاكر
محمرّة أعينهم حوله
…
كأنّهن الحامض «4» الحازر
انتهت أخبار المختار بن أبى عبيدة، فلنذكر أخبار نجدة الحنفى، [والله ولىّ التوفيق]«5» .
ذكر أخبار نجدة بن عامر الحنفى
حين وثب باليماية وما كان من أمره كان نجدة بن عامر بن عبد الله بن سيار بن مفرّج الحنفى مع نافع بن الأزرق، ففارقه وسار إلى اليمامة، وكان أبو طالوت «6» وهو من بنى بكر بن وائل، وأبو فديك عبد الله بن ثور بن قيس ابن ثعلبة، وعطيّة بن الأسود اليشكرىّ- قد وثبوا بها مع أبى طالوت، فلمّا قدمها نجدة دعا أبا طالوت إلى نفسه، فأجابه بعد امتناع، ومضى أبو طالوت إلى الخضارم «7» ، فنهبها، وكانت لبنى حنيفة،
فأخذها منهم معاوية بن أبى سفيان، فجعل فيها من الرّقيق ما عدّتهم وعدّة أبنائهم ونسائهم أربعة آلاف، فغنم ذلك وقسّمه بين أصحابه، وذلك فى سنة (65 هـ) خمس وستّين، ثم إن عيرا خرجت من البحرين- وقيل من البصرة- تحمل مالا وغيره يراد بها عبد الله بن الزّبير، فاعترضها نجدة، فأخذها وساقها حتى أتى بها أبا طالوت بالخضارم، فقسمها بين أصحابه، وقال: اقتسموا هذا المال- وردّوا هذه العبيد، واجعلوهم يعملون بالأرض «1» لكم، فإن ذلك أنفع، فاقتسموا المال، وقالوا: نجدة خير لنا من أبى طالوت، فخلعوا أبا طالوت، وبايعوا نجدة، ثم بايعه أبو طالوت، وذلك فى سنة [66 هـ] ست وستّين.
ولمّا تمت بيعته بينهم سار فى جمع إلى بنى كعب بن ربيعة ابن عامر بن صعصعة، فلقيهم بذى المجاز «2» فهزمهم وقتل فيهم قتلا ذريعا، ثم كثرت جموعة حتى بلغت ثلاثة آلاف، فسار إلى البحرين فى سنة [67 هـ] سبع وستّين، فقالت الأزد: نجدة أحبّ إلينا من ولاتنا لأنه ينكر الجور، وولاتنا تجور؛ فعزموا على مسالمته، واجتمعت عبد القيس ومن بالبحرين «3» غير الأزد على محاربته، فالتقوا بالقطيف «4» ، فانهزمت عبد القيس، وقتل منهم جمع كثير، وسبى نجدة من قدر عليه من أهل القطيف.
وأقام بالبحرين «5» .
فلمّا قدم مصعب إلى البصرة فى سنة [69 هـ] تسع وستّين بعث إليه عبد الله بن عمير اللّيثى الأعور فى أربعة عشر ألفا، وقيل:
فى عشرين ألفا، فجعل يقول: اثبت نجدة فإنّا لا نفرّ، فقدم ونجدة بالقطيف، فأتى نجدة إلى ابن عمير وهو غافل فقاتل طويلا، ثم افترقوا، وأصبح ابن عمير فهاله ما رأى فى عسكره من القتلى والجرحى، فحمل عليهم نجدة، فلم يثبتوا، وانهزموا، وغنم نجدة ما فى عسكرهم.
وبعث نجدة بعد هزيمة ابن عمير جيشا إلى عمان، واستعمل عليهم عطيّة بن الأسود الحنفىّ، وقد غلب عليها عبّاد بن عبد الله وابناه سعيد وسليمان، فقاتلوه، فقتل عبّاد واستولى عطيّة عليها، فأقام بها أشهرا، ثم خرج عنها، واستخلف رجلا يكنى أبا القاسم، فقتله سعيد وسليمان ابنا عبّاد، فعاد إلى عمان فلم يقدر عليها، فركب فى البحر وأتى كرمان «1» ، وضرب بها دراهم سمّاها العطويّة، فأرسل إليه المهلّب جيشا، فهرب إلى سجستان، ثم أتى السّند، فقتلته خيل المهلّب بقندابيل «2» .
وبعث نجدة إلى البوادى من يأخذ صدقة أهلها، ثم سار نجدة إلى صنعاء فى خفّ «3» من الجيش، فبايعه «4» أهلها، وبعث أبا فديك إلى حضرموت فجبى صدقات أهلها، وحج نجدة سنة (68 هـ)
ثمان وستّين، وقيل فى سنة تسع، وهو فى ثمانمائة وستّين رجلا، وقيل فى ألفين وستمائة رجل، فصالح ابن الزبير على أن يصلّى كلّ واحد بأصحابه، ويقف بهم، ويكفّ بعضهم عن بعض، فلما صدر نجدة عن الحج سار إلى المدينة، فتأهب أهلها لقتاله، وتقلّد عبد الله ابن عمر سيفا، فلما أخبر نجدة أن ابن عمر لبس السلاح رجع إلى الطائف، فلمّا قرب منها أتاه عاصم بن عروة بن مسعود الثّقفى، فبايعه على قومه، فرجع نجدة إلى البحرين، فقطع الميرة عن أهل الحرمين، فكتب إليه ابن عبّاس: إنّ ثمامة بن أثال لمّا أسلم قطع الميرة عن أهل مكة وهم كفّار، فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أهل مكّة أهل الله، فلا تمنعهم الميرة، فخلاها «1» لهم، وإنّك قطعت الميرة عنا ونحن مسلمون، فخلّاها لهم نجدة، لم تزل عمّال نجدة على النّواحى حتى اختلف عليه أصحابه، على ما نذكره. [والله أعلم]«2» .