الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقيل: إن الحجاج مرّ بخالد بن يزيد بن معاوية وهو يخطر فى مشيته، فقال رجل لخالد: من هذا؟ فقال خالد: بخ بخ! هذا عمرو ابن العاص. فسمعها الحجاج فرجع، وقال: والله ما يسرّنى أن العاص والدى «1» ، ولكنى ابن الأشياخ من ثقيف، والعقائل من قريش، وأنا الذى ضربت «2» بسيفى هذا مائة ألف كلّهم يشهد أنّ أباك كان يشرب الخمر ويضمر الكفر. ثم ولّى، وهو يقول: بخ بخ عمرو بن العاص! فقد أقرّ على نفسه بمائة ألف قتيل على ذنب واحد.
وحجّ بالناس فى هذه السنة بشر بن الوليد بن عبد الملك.
سنة (96 هـ) ست وتسعين:
ذكر وفاة الوليد بن عبد الملك وشىء من أخباره وسيرته وأولاده وعماله
كانت وفاته بدير «3» مرّان فى النصف من جمادى الآخرة من هذه السنة. ودير مرّان كان بجبل قاسيون بظاهر دمشق، وهو الآن مدرسة وتربة منسوبة إلى الملك المعظّم شرف الدين عيسى ابن العادل ابن أيوب. كانت مدة خلافته تسع سنين وثمانية أشهر. ودفن خارج الباب الصغير بدمشق. وقيل فى مقابر الفراديس «4» .
وصلّى عليه عمر بن عبد العزيز. ولما دلّى فى حفرته جمعت ركبتاه إلى عنقه، فقال ابنه: عاش أبى؟ فقال له عمر بن عبد العزيز- وكان فيمن
دفنه: عوجل والله أبوك. وكان عمره اثنتين وأربعين سنة وستة أشهر. وقيل سبعا وأربعين. وقيل ثمانيا وأربعين. والله أعلم.
وكان أسمر اللّون، جميل الوجه، أفطس الأنف. وقيل.
كان سائل الأنف جدّا وبوجهه آثار جدرى.
وكان نقش خاتمه: يا وليد، إنك ميت.
وكان له من الأولاد تسعة عشر ذكرا، وعدّهم بعض المؤرخين عشرين، وهم: يزيد، وإبراهيم- وليا الخلافة، والعباس فارس بنى مروان، وعمر فحل بنى مروان، وعبد العزيز، وبشر، وصدقة، ومحمد، وتمام، وخالد، وعبد الرحمن، ومبشر، ومسرور، وأبو عبيدة، ومنصور، ومروان، وعنبسة، وعمرو، وروح، ويحيى، هؤلاء الذكور، سوى البنات.
كتّابه: قرّة بن شريك، ثم قبيصة بن ذؤيب، ثم الضحاك ابن يزيد، ثم يزيد بن أبى كبشة، ثم عبد الله بن بلال.
قضاته: عبد الله بن بلال، وسليمان بن حبيب.
حجّابه: خالد، وسعيد مولياه.
الأمراء بمصر: أخوه عبد الله، ثم قرّة بن شريك.
قاضيها: عبد الله بن عبد الرحمن بن حجيرة «1» ، ثم صرفه قرّة وولّى عياض بن عبد الله، ثم وليها عبد الملك بن رفاعة بعد وفاة قرّة.
وكان عمّاله على الأمصار من ذكرناهم.
قال: وكان الوليد بن عبد الملك عند أهل الشام من أفضل
خلفائهم «1» ، وله آثار حسنة ومبان عظيمة، وفتح فى أيامه بلاد الأندلس وماوراء النهر وبلاد الهند.
[قال]«2» : وكان الوليد يمرّ بالبقّال فيقف عليه، ويأخذ منه حزمة بقل، فيقول: بكم هذه؟ فيقول: بفلس. فيقول الوليد:
زد فيها.
وبنى جامع دمشق فى سنة [86 هـ] ست وثمانين، وهدم كنيسة النصارى التى كانت إلى جانبه، وتعرف بماريو حنا، وزادها فيه.
وقيل: كان فى الجامع وهو يبنى اثنا عشر ألف مرخم. وتوفّى الوليد ولم يتمّ بناؤه، وكان الفراغ منه فى أيام سليمان أخيه.
وقيل: إن جملة ما أنفق عليه أربعمائة صندوق، فى كل صندوق أربعة عشر ألف دينار، وكان فيه ستمائة سلسلة من الذهب للقناديل، ولم تطق الناس الصلاة فيه لكثرة شعاعه، فدخنت حتى اسودّت، فلما ولى عمر بن عبد العزيز جعلها فى بيت المال، وعوّضها بالحديد.
وأمر الوليد ببناء جامع البيت المقدس فى سنة [88 هـ] ثمان ثمانين.
قيل: وحجّ الوليد بالناس ثلاث «3» حجج: سنة ثمان وثمانين.
وسنة إحدى وتسعين، وسنة أربع وتسعين.
قال: وكان الوليد أراد أن يخلع أخاه سليمان، ويبايع لولده عبد العزيز، فأبى سليمان، فكتب إلى عمّاله، ودعا الناس إلى خلعه، فلم يجبه إلى ذلك إلا الحجاج وقتيبة وخواصّ من الناس.