الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فنزل بسورا «1» . وقتل عاملها، وكان سفيان بن الأبرد وعسكر الشام قد دخلوا الكوفة فشدّوا ظهر الحجاج، واستغنى بهم عن أهل الكوفة، وقام على المنبر فقال: يأهل الكوفة، لا أعزّ الله من أراد بكم العزّ، ولا نصر من أراد بكم النّصر، اخرجوا عنّا فلا تشاهدوا معنا قتال عدونا، انزلوا الحيرة مع اليهود والنصارى، ولا يقاتل معنا إلّا من لم يشهد قتال عتّاب.
ذكر قدوم شبيب الكوفة وانهزامه عنها
قال: ثم سار شبيب من سورا فنزل حمّام أعين، فدعا الحجاج الحارث بن معاوية الثقفى، فوجّهه فى ناس من الشّرط وغيرهم لم يشهدوا يوم عتّاب، فخرجوا فى ألف فنزلوا زرارة «2» ، فبلغ ذلك شبيبا، فعجل إلى الحارث، فلما انتهى إليه حمل عليه فقتله، وانهزم أصحابه، فدخلوا الكوفة، وجاء شبيب فعسكر بناحية الكوفة فأقام ثلاثا، فنزل السّبخة، وابتنى بها مسجدا، وذلك فى اليوم الثانى من الأيام الثلاثة.
فلما كان اليوم الثالث أخرج الحجاج أبا الورد مولاه عليه تجفاف «3» ومعه غلمان «4» له، فقالوا: هذا الحجاج! فحمل عليه شبيب فقتله، فأخرج إليه غلامه طهمان فى مثل تلك العدّة والحالة، فقتله شبيب، وقال: إن كان هذا الحجاج فقد أرحتكم منه.
ثم خرج الحجاج عند ارتفاع النهار من القصر، فركب بغلا ومعه أهل الشام، فلما رأى الحجاج شبيبا وأصحابه نزل وجلس على كرسىّ، وتقدّم إليه شبيب وأصحابه فلقوهم بأطراف الأسنّة؛ فكان بينهم قتال شديد عامّة النهار، حتى انتهى الحجاج إلى مسجد شبيب، فقال: هذا أوّل الفتح.
ثم قال خالد بن عتّاب للحجاج: ائذن لى فى قتالهم، فإنى موتور. فأذن له، فخرج ومعه جماعة من أهل الكوفة، فقصد عسكرهم من ورائهم، فقتل مصادا أخا شبيب، وقتل امرأته [غزالة]«1» ، هذا وشبيب يقاتل الحجاج، وأتى الخبر الحجاج فكبّر فعندها ركب شبيب وكان قد نزل فقاتل على الأرض، وقال الحجاج لأصحابه: احملوا عليهم، فإنه قد أتاهم ما أرعبهم؛ فشدّوا على أصحاب شبيب فهزموهم، وثبت شبيب فى حامية الناس، فبعث الحجاج إلى خيله أن دعوه، فتركوه ورجعوا، ودخل الحجاج الكوفة، وبعث حبيب بن عبد الرحمن الحكمى فى ثلاثة آلاف فارس من أهل الشام، فخرج فى أثره حتى نزل إلى الأنبار.
وكان الحجاج قد نادى عند انهزام شبيب: من جاءنا منكم فهو آمن؛ فتفرّق عن شبيب ناس كثير من أصحابه. فلما نزل حبيب الأنبار أتاهم شبيب، فلما دنا منهم نزل فصلّى المغرب، وكان حبيب قد جعل أصحابه أرباعا، وقال: ليمنع كلّ ربع منكم جانبه فإن قاتل هذا الربع فلا يعنهم «2» الربع الاخر. وأتاهم شبيب وهو على تعبئته فحمل [على]«3» ربع، فقاتلهم طويلا، فما زالت قدم إنسان عن موضعها