الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر بيعة عبد الملك بن مروان
هو أبو الوليد عبد الملك بن مروان بن الحكم، وهو الخامس من ملوك بنى أمية.
وأمه عائشة بنت المغيرة بن أبى العاص، وهو أوّل من سمّى عبد الملك فى الإسلام، ولقّب رشح الحجر «1» لبخله، ولقّب أيضا بأبى الذّبّان «2» لبخره. وقيل: إن السبب فى بخره أنه كان يتلو القرآن فى المصحف، فأفضت الخلافة إليه وهو يتلو، فردّ المصحف بعضه على بعض، وقال: هذا فراق بينى وبينك، يشير بهذا الكلام إلى المصحف فبخر لوقته، وعجزت الأطباء عن مداواته، فكان لا يمرّ ذباب على فيه إلا مات لوقته، وكان أفوه مفتوح الفم مشبّك الأسنان بالذّهب.
بويع له فى شهر رمضان سنة [65 هـ] خمس وستين بعد وفاة أبيه، وكان ولىّ عهده كما تقدّم، وأراد عبد الملك أن يقتل أمّ خالد، فقيل له: يظهر عند الناس أنّ امرأة قتلت أباك، فتركها، وكان عبد الملك ولد لسبعة أشهر، فكان الناس يذمّونه بذلك.
قيل: إنه اجتمع عنده قوم من الأشراف، فقال لعبيد الله ابن زياد بن ظبيان البكرى: بلغنى أنك لا تشبه أباك! فقال:
والله إنى لأشبه به من الماء بالماء والغراب بالغراب، ولكن إن شئت؛
أخبرتك بمن لم تنضجه الأرحام، ولم يولد لتمام، ولم يشبه الأخوال ولا الأعمام. قال: من ذاك؟ قال: سويد بن منجوف.
فلما خرج عبيد الله وسويد قال له سويد: والله ما يسرّنى بمقالتك له حمر النعم. فقال عبيد الله: وما يسرّنى والله باحتمالك إياى وسكوتك عنى سودها.
قال: وكان أول ما بدأ به عبد الملك أن كتب إلى عبيد الله بن زياد واستعمله على ما كان مروان قد استعمله عليه، فكان من أخبار ابن زياد فى مسيره وحروبه ومقتله ما قدّمناه فى أخبار عبد الله ابن الزبير، فلا حاجة لنا إلى إعادته ههنا، فلنذكر من أخبار عبد الملك غير ما قدمنا ذكره:
فى سنة ست وستين أرسل عبد الله بن عباس ابنه «1» علىّ ابن عبد الله إلى عبد الملك، وقال: لأن يربّنى بنو عمّى أحبّ إلىّ من أن يربّنى «2» رجل من بنى أسد- يعنى ببنى عمّه بنى أمية، لأنهم كلهم أولاد عبد مناف، ويعنى بالرجل من بنى أسد عبد الله بن الزّبير.
فلما وصل إلى عبد الملك سأله عن اسمه وكنيته، فقال: الاسم علىّ، والكنية أبو الحسن. فقال عبد الملك: لا يجتمع هذا الاسم وهذه الكنية فى عسكرى أنت أبو محمد.