الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلى أن ولى خالد القسرى العراق فى أيام هشام، فبعث إليهم جيشا، وكانوا قد صاروا بحزّة «1» من أعمال الموصل، فالتقوا واقتتلوا، فقتل الخوارج.
وقيل: كان قتلهم فى أيام يزيد. والله أعلم.
ذكر وفاة يزيد بن عبد الملك وشىء من أخباره
كانت وفاته بحوران «2» لخمس بقين من شعبان سنة [105] خمس ومائة، وله أربعون سنة.
وقيل خمس وثلاثون. وقيل: غير ذلك.
وكانت خلافته أربع سنين وشهرا. وكان جميلا أبيض جسيما مدوّر الوجه شديد الكبر عاجز الرأى، وكان صاحب لهو، وهو أول من اتخذ القيان من بنى أمية، وكان يهوى جاريتين، وهما حبابة وسلّامة، وهى سلّامة القس، وقال يوما- وقد طرب: دعونى أطير. فقالت حبابة: على «3» من تدع الأمّة؟
فقال: عليك. وغنّت يوما «4» :
بين التّراقى واللهاة حرارة
…
ما تطمئنّ وما تسوغ فتبرد
فأهوى ليطير، فقالت: يا أمير المؤمنين، إنّ لنا فيك حاجة.
فقال: والله لأطيرنّ. فقالت: فعلى من تخلّف الأمّة والملك؟ فقال «1» :
عليك والله. وقبّل يدها.
وخرجت معه إلى ناحية الأردنّ للتنزه فرماها بحبّة عنب فدخلت حلقها فشرقت ومرضت وماتت، فتركها ثلاثة أيام لا يدفنها حتى أنتنت، وهو يقبّلها ويشمّها وينظر إليها ويبكى، فكلّم فى أمرها فدفنها.
وقيل: إنه نبشها بعد دفنها، وبقى سبعة أيام لا يظهر للناس، وأشار «2» عليه مسلمة بذلك لئلا يظهر منه ما يسفّهه عندهم.
قال: وكان يزيد قد حجّ أيام أخيه سليمان، فاشترى حبابة بأربعة آلاف دينار، وكان اسمها الغالية «3» ، فقال سليمان: لقد هممت أن أحجر على يزيد. فردّها يزيد فاشتراها رجل من أهل مصر، فلما أفضت الخلافة إلى يزيد قالت له امرأته سعدة يوما: هل بقى من الدنيا شىء تتمنّاه؟ قال: نعم، حبابة، فأرسلت فاشترتها، وأتت بها فأجلستها من وراء الستر، وأعادت عليه القول الأول.
فقال: قد أعلمتك، فرفعت الستر، وقالت: هذه حبابة، وقامت وتركتها، فحظيت سعدة عنده، وأكرمها.
وهى سعدة بنت عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفّان.
قال: وإنما قيل لسلّامة القسّ، لأن عبد الرحمن بن عبد الله [ابن]«4»
أبى عمار أحد بنى جشم بن معاوية بن بكر كان فقيها عابدا مجتهدا فى العبادة، وكان يسمى القس لعبادته. مرّ يوما بمنزل مولاها، فسمع غناءها، فوقف يسمعه فرآه مولاها، فقال له: هل لك أن تنظر وتسمع! فأبى، فقال: أنا أقعدها بمكان لا تراها وتسمع غناءها. فدخل معه فغنّت «1» ، فأعجبه غناؤها. ثم أخرجها مولاها إليه فشغف بها وأحبها وأحبته. فقالت له يوما على خلوة: أنا والله أحبّك. قال: وأنا والله. قالت: وأحبّ أن أقبّلك. قال: وأنا والله.
قالت: وأحب أن أضع بطنى على بطنك. قال: وأنا والله. قالت:
فما يمنعك؟ قال: قوله تعالى «2» : «الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ»
. وأنا أكره أن تئول «3» خلّتنا «4» إلى عداوة، ثم قام وانصرف عنها وعاد إلى عبادته. وله فيها أشعار كثيرة منها قوله:
ألم ترها لا يبعد الله دارها
…
إذا طرّبت فى صوتها كيف تصنع
تمدّ نظام القول ثم ترده
…
إلى صلصل من صوتها يترجع
وله فيها غير ذلك.
وأما يزيد فأخباره مع سلّامة وحبابة كثيرة مشهورة أضربنا عن ذكر كثير منها.