الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفاة صلاح الدين وولايات البلاد بعده وما كان من الحوادث إلى سنة 600
وفي سنة 589 توفي السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب بدمشق- على ما يذكر بترجمته- وترك سبعة عشر ولدا ذكرا وبنتا واحدة. وكان أكبر أولاده صاحب دمشق الملك الأفضل نور الدين علي، وكان الملك العزيز عثمان صاحب مصر أصغر منه، والملك الظاهر صاحب حلب أصغر منهما.
فاستقر بحلب- بعد وفاة السلطان صلاح الدين- ولده الملك الظاهر غياث الدين غازي. وبحماة وسلمية والمعرة ومنبج وقلعة نجم: الملك المنصور ناصر الدين محمد بن الملك المظفر تقي الدين. وبحمص والرحبة وتدمر: شيركوه بن محمد بن شيركوه بن شاذي. وبشيزر: سابق الدين عثمان بن الداية. وبصهيون وحصن برزيه: أبو قبيس وناصر الدين بن كورس بن خمار دكين. وبتل باشر: بدر الدين دلارم بن بهاء الدين ياروق. وببعرين وكفر طاب وأفامية: عز الدين إبراهيم بن شمس الدين.
وفي سنة 596 كان الملك الأفضل والملك الظاهر محاصرين دمشق، وفيها الملك العادل ابن أيوب. ثم وقع بين الأفضل والظاهر وحشة أفضت إلى انصرافهما عن دمشق، وتوجه كل واحد منهما إلى مقرّه. وبعد أن انصرفا خرج الملك العادل في أثر الملك الأفضل ووقع بينهما مصافّ، انكسر فيه الملك الأفضل وأخذ منه الملك العادل مصر صلحا على أن يعوضه عنها ميّافارقين وغيرها. ولما استقر الملك العادل بالملك كاتبه ابن أخيه الملك الظاهر صاحب حلب وصالحه وخطب له بحلب وبلادها، وضرب السكّة باسمه. واشترط الملك العادل على الظاهر أن يكون خمسمائة فارس من خيار عسكر حلب في خدمة الملك العادل كلما خرج إلى البيكار. والتزم الظاهر بذلك.
وفي سنة 597 كان الملك الظاهر مجدّا في تحصين حلب خوفا من عمه الملك العادل.
وفيها توفي عز الدين إبراهيم بن محمد وصارت بلاده بعده- وهي منبج وقلعة نجم وأفامية وكفر طاب- لأخيه شمس الدين عبد الملك. فسار إليه الملك الظاهر وملك منه منبج، وعصى عليه شمس الدين بالقلعة فحصره الملك الظاهر واستنزله بالأمان واعتقله وملك منه القلعة. ثم سار الملك الظاهر إلى قلعة نجم فملكها، وبها نائب شمس الدين المذكور. ثم أرسل الملك الظاهر إلى الملك المنصور صاحب حماة يبذل له منبج وقلعة نجم على أن يصير معه على عمه الملك العادل صاحب مصر، فاعتذر إليه صاحب حماة بيمين في عنقه للملك العادل على أن يواليه. فلما أيس منه سار إلى المعرة وأقطع بلادها واستولى على كفر طاب، وكانت لشمس الدين المتقدم ذكره.
ثم سار إلى أفامية وبها قراقوش نائب شمس الدين أيضا فلم يتيسر له تملكها، فرحل عنها وتوجه إلى حماة وحاصرها في اليوم السابع والعشرين من شعبان هذه السنة وبقي عليها إلى أيام من رمضان، وجرى بينه وبين الملك المنصور قتال شديد وجرح الملك الظاهر بسهم أصابه في ساقه، ثم صالح الظاهر المنصور على ثلاثين ألف دينار صوريّة ورحل عنها إلى دمشق وبها الملك المعظم بن الملك العادل فنازلها الظاهر وأخوه الملك الأفضل، وانضم إليهما عدة من أمراء الصالحية. واتفق الملكان الظاهر والأفضل على أنهما إذا فتحا دمشق يتسلمها الملك الأفضل، ثم يسيران معا إلى مصر ويأخذانها من الملك العادل ويتسلمها الملك الأفضل، وحينئذ يتسلم دمشق الملك الظاهر. ولما قرب على الملكين افتتاح دمشق حسد الملك الظاهر أخاه الأفضل على ملكها، ووقعت الوحشة بينهما وتفرق عسكرهما وأبطلا القتال وراسلا الملك العادل وصالحاه، ورحل كل منهما إلى مستقرّه وفيها كان بالجزيرة والشام والسواحل زلزلة عظيمة هدمت عدة مدن.
وفي سنة 598 خرب الملك الظاهر قلعة منبج خوفا من انتزاعها منه، وأقطع منبج عماد الدين أحمد بن سيف الدين علي بن محمد بن أحمد المشطوب. وفيها أرسل قراقوش نائب شمس الدين بأفامية إلى الظاهر بتسليم أفامية بشرط أن يعطى شمس الدين اقطاعا يرضاه. فأقطعه الملك الظاهر الراوندان وكفر طاب ومفردة المعرة، وهو عشرون ضيعة معينة من بلاد المعرة، وتسلم أفامية. ثم عصى شمس الدين بالراوندان فسار إليه الظاهر وأخضعه.